اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في حادثة مروعة هزت الرأي العام وأشعلت غضباً عارماً على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر "فيديو" لطفل صغير مكبّل بجنزير إلى شجرة في بلدة بعقلين الهادئة. ظهر الطفل، الذي وُلد عام 2016، في حالة من الذعر الشديد يرتجف، بينما حاول مجموعة من الشبان كسر الجنزير لتحريره. سرعان ما أصبح "الفيديو" حديث الساعة، خصوصاً بعد أن كشف الطفل ببراءة صادمة أن والده هو من كبّله بهذه الطريقة الوحشية لمنعه من تتبعه ليلاً!

تدخلت القوى الأمنية سريعاً، وتم تسليم الطفل إلى المخفر، حيث بدأت التحقيقات العاجلة. ولكن مع تعمق المحققين، تكشفت أسرار مظلمة وماضٍ أشد رعباً. فقد تبين أن الأب، الذي ربط ابنه بوحشية، سبق أن اختفت ابنته قبل ست سنوات بظروف غامضة. آنذاك، ادعى أن وفاتها كانت بسبب غارة على الحدود اللبنانية - السورية، لكن الحقيقة كانت أشد فظاعة، فقد اعترف بقتلها خنقاً، مدعياً أنها "هدّدت شرف العائلة".

ومع توالي التحقيقات، ظهرت دوافع قاسية وشخصية خلف جرائم الأب، الذي حاول تبرير وحشيته بادعاءات واهية. مشهد مؤلم يعكس العنف الأسري في أبشع صوره، ويكشف عن مأساة أودت بحياة بريئة وأثارت ذعراً واسعاً في المجتمع...

تفاصيل التحقيق مع الوالد

جريمة قتل وتبريرات زائفة

الأب ف. ح. (مواليد 1982) كان قد ادعى سابقًا أن ابنته ن. ح. (مواليد 2011) قد توفيت في غارة على الحدود اللبنانية - السورية أثناء محاولتها الهروب إلى سوريا. ولكن مع تقدم التحقيقات، اعترف الأب بقتل ابنته خنقًا منذ حوالى ست سنوات.

قال الأب في التحقيقات إنه قام بقتل ابنته بسبب ما زعمه من تعرضها للتحرش الجنسي من أحد ابنائه، وفي محاولة منه لتبرير جريمته، ادعى أن هذا الفعل استوجب قتلها. وتبين أن الأب قام بدفن الجثة في مكان قريب من منزله، وأخفى جريمته لمدة 6 سنوات. وبعد مرور هذا الوقت، استخرج الجثة وأحرقها داخل برميل في محاولة لإخفاء آثار الجريمة.

القضية تتكشف: علاقات

مشبوهة وظروف مرعبة

بالتحقيق مع زوجة الأب ع. ج. (مواليد 1980)، التي هي الأخرى كانت قد اعتادت تعنيف الأطفال، اعترفت بتعنيفها لأولاد زوجها ومعرفتها بتكبيل الطفل ع.ح. في الشجرة، لكنها أنكرت معرفتها بتفاصيل مقتل الابنة. وقالت إنها كانت تعتقد أن الطفلة قد توفيت أثناء محاولة الهروب إلى سوريا.

أما التحقيق مع الأطفال الآخرين، فكان يكشف عن المزيد من التفاصيل الصادمة. حيث أكّد الطفل ع. ح.، في التحقيقات في حضور مندوبة حماية الأحداث، أنه تعرض للتعنيف المستمر من والده وزوجة والده، وأنه كان يُربَط في الشجرة منذ ثلاثة أيام، وقبل ذلك كان يُحتجز داخل غرفة مغلقة ويمنع من الخروج. الطفل أكّد أيضًا أنه لا يرغب في العودة إلى المنزل.

أما الطفل م. ح. (مواليد 2010)، فقد اعترف في التحقيق في حضور مندوبة حماية الأحداث بأنه تحرش بأخته ن. منذ حوالى ست سنوات، وقد علم بوفاتها بعد الحادثة.

العثور على بقايا الجثة

تطورات جديدة في التحقيقات

تم تحديد مكان دفن جثة الطفلة ن. ح. في المنطقة المحيطة بمنزل الأب، حيث عثر المحققون على بقايا بشرية يُرجح أنها تعود للطفلة. تم ضبط تلك البقايا وفق الأصول لإجراء الفحوصات القانونية اللازمة. وعُثر على آثار حرق الجثة داخل برميل بالقرب من منزل الأب.

تفاعل رئيس بلدية بعقلين

مع الحادثة: شهادة مرعبة

في مقابلة خاصة لجريدة "الديار" مع رئيس بلدية بعقلين عبدالله الغصيني، كشف العديد من التفاصيل المثيرة حول الأب وعلاقاته في البلدة. وقال الغصيني: "لقد كان والد الطفل مسجلًا في سجلات البلدية منذ فترة طويلة، وكان يعمل حارسا في منزل العقيد جمال عيد. كان متزوجا عرفيا من سيدة سورية ولديه طفلة منها وأطفال آخرين من زوجة سابقة". مضيفًا: "منذ سنتين، استدعينا الوالد لأننا علمنا بغياب أو فقدان طفلة من عائلته، وتم التحقيق معه حينذاك. وادعى أن الطفلة قد قتلت في سوريا. طلبنا منه شهادة وفاة، لكنه لم يقدمها. بعد ذلك، تلقت الشرطة بلاغا عن صراخ في الغابة بالقرب من منزل العقيد جمال عيد، وعند توجهنا وجدنا الطفل مكبلًا بالسلاسل ومعنَّفًا."

وتابع الغصيني قائلاً: "في التحقيق الأولي، نفى الأب أي جريمة. لكن بعد نقله إلى مخفر حبيش، اعترف بأنه قتل ابنته بدم بارد، وأنه دفن جثتها بالقرب من منزل آل عيد منذ سنوات، وتم العثور على الجثة والتحقق من روايته."

وأضاف الغصيني: "الطفل المكبل كان يذهب بانتظام إلى جيرانه ويتحدث عن فقدان أخته، وكان والده يهدده بأنه إذا تحدث عن الأمر فسيقتله، مما جعله يربطه أكثر من مرة."

وعلمت "الديار" أيضا من مصادر خاصة أن "الوالد كانت له علاقات مشبوهة في بعض المناطق من إقليم الخروب، حيث كان يستعين بزوجته في بعض الأنشطة مقابل مبالغ مالية، وكان الطفل أيضا على دراية بذلك."

ردود فعل المجتمع

غضب واسع وصدم

الحادثة أثارت ردود فعل غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من النشطاء والمستخدمين عن استنكارهم لهذا العنف الأسري المروع. وانتشرت الدعوات إلى تشديد العقوبات على مرتكبي مثل هذه الجرائم، مطالبين السلطات المعنية بملاحقة الجناة بشكل حازم.

ضرورة حماية الأطفال

تظل حادثة الطفل (ع. ح.) في بعقلين مثالاً مروعاً عن قسوة العنف الأسري، الذي يمكن أن يتعرض له الأبرياء في صمت، بعيدا عن الأعين. وعلى الرغم من الجريمة المروعة التي تعرض لها هذا الطفل، فإن الحادثة تفتح بابًا واسعا للحديث عن ضرورة تكثيف الجهود لحماية الأطفال من التعنيف والإهمال الأسري. ما حدث يؤكد أهمية تفعيل آليات حماية الأطفال وضرورة ملاحقة الجناة بحزم، بالإضافة إلى التأكيد على دور المجتمع في رصد مثل هذه الحالات والإبلاغ عنها.

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين