في خطوة مثيرة للجدل، أقرّت القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عُقدت أخيراً في الرياض قراراً حاسماً نصّ في البند 19 منه على "مطالبة جميع الدول بحظر تصدير الأسلحة والذخائر الى إسرائيل". ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تشنّ فيه هذه الأخيرة عدواناً على لبنان بهدف إبعاد حزب الله الى جنوب الليطاني والقضاء على ترسانته العسكرية بحجّة تأمين أمن المستوطنين في الشمال وإعادتهم الى منازلهم. ويُشكّل بالتالي منعطفاً مهماً في العلاقات بين الدول العربية والإسلامية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، فضلاً عن تأثيراته المحتملة في أمن المنطقة. هذا الأمر الذي سبق وأن طالب به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كبداية حلّ لإنهاء الحرب في لبنان وغزّة، سيما أن تسليح إسرائيل من شأنه تغذية هذه الحرب واستمرارها لفترة طويلة بعد. وردّ عليه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بأنّه "عارٌ عليك"، كونه يحاول إقناع الدول الحليفة له بأنّه يقوم "بالدفاع عن النفس". فلماذا لا يحقّ للبنان وسائر دول المنطقة، الدفاع عن نفسها من اعتداءات الإسرائيلي؟!
وكانت شهدت السنوات الأخيرة تحوّلات كبيرة في علاقات بعض الدول العربية مع إسرائيل، إذ بدأت بعض هذه الدول بإقامة علاقات ديبلوماسية وتعاون في مجالات عدة، خصوصاً بعد توقيع إتفاقات "أبراهام" في العام 2020، والتي أسفرت عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكلّ من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب. وعلى الرغم من هذه التحوّلات، تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة انّ موقف العديد من الدول العربية والإسلامية ظلّ ثابتاً في ما يتعلق بالحقوق الفلسطينية ورفض التطبيع الكامل مع إسرائيل، لا سيما في ظل استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والأراضي اللبنانية في الجنوب.
في هذا السياق، يأتي قرار حظر بيع الأسلحة لإسرائيل من قبل الدول العربية والإسلامية، على ما تلفت، كرسالة سياسية قوية ترفض استمرار الوضع الراهن، وتؤكد على موقفها الثابت في دعم حقوق الفلسطينيين وإدانة السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، كما في جنوب لبنان. كما يُعتبر كتعزيز لوحدة الموقف العربي في مواجهة التحديات التي تفرضها السياسات الإسرائيلية في المنطقة. ومن خلال التمسك بعدم توفير الأسلحة لإسرائيل، فإن الدول العربية والإسلامية ترسل رسالة الى العالم مفادها أنّها لن تساهم في تعزيز قوة إسرائيل العسكرية، لا سيما في ظل التصعيد المستمر في لبنان وغزّة.
ولكن هل سيستجيب المجتمع الدولي الى ما اتفقت عليه الدول العربية والإسلامية في هذا الإطار لوقف إطلاق النار في لبنان وغزّة، تُجيب الأوساط نفسها بأنّ القرار نصّ على توجيه رسالة مشتركة الى مجلس الأمن الدولي ورئيس الجمعية العامّة والأمين العام للأمم المتحدة، وذلك من أجل وقف تقديم الأسلحة الى إسرائيل ودعوة جميع الدول الى توقيعها. كما حثّ الدول على الإنضمام الى هذه المبادرة المقترحة من تركيا والفريق الأساسي المؤلّف من 18 دولة، والتي وقّعت عليها 52 دولة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية. مع العلم بأنّ الدول الأوروبية والغربية الحليفة لإسرائيل والتي تدعمها في حربها الوحشية هذه، سترفض التوقيع على مثل هذا القرار، وعلى الإنضمام الى هذه المبادرة.
من جانب آخر، قد يسهم هذا القرار في تعزيز موقف الدول العربية والإسلامية على الساحة الدولية، على ما أوضحت، من خلال حثّ المجتمع الدولي على اتخاذ مواقف أكثر حزماً تجاه السياسات الإسرائيلية، لا سيما مع تغيّر مواقف بعض الدول التي باتت تدين إسرائيل، على غرار ما حصل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، خصوصاً في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان واتهامها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين. وقد يؤدي القرار إلى دعوات من قبل المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف تصعيدها في غزّة ولبنان.
ومن المتوقّع، في المقابل، أن يكون لهذا القرار تأثير على الاستراتيجيات العسكرية والأمنية في المنطقة. فمن المعروف أن العديد من الدول العربية تمتلك قدرات عسكرية متقدمة، على ما ذكرت، وبالتالي فإن حظر بيع الأسلحة قد يشكل تحدياً لإسرائيل في حال كانت تعتمد على هذه الدول للحصول على معدات دفاعية أو هجومية متطورة. وقد يؤدي هذا إلى محاولة إسرائيل البحث عن مصادر بديلة للأسلحة، سواء عبر علاقاتها مع الدول الغربية أو من خلال تعزيز قدراتها العسكرية الذاتية. الأمر الذي قد يُعيق سياستها العسكرية التوسعية في لبنان والمنطقة، لولا التمويل المستمر لها من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
من هنا، تشير الأوساط الى أنّ هذا القرار قد يتسبّب بزيادة التوتر بين الدول العربية والإسلامية من جهة، والدول الغربية من جهة أخرى. فإسرائيل تُعتبر حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد يواجه هذا القرار إنتقادات من بعض هذه القوى التي ترى في إسرائيل شريكاً مهماً في قضايا الأمن الإقليمي ومحاربة الإرهاب. هذا قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات بين الدول العربية والغربية، لا سيما إذا كان هناك تداخل بين المصالح الأمنية والسياسية. غير أنّ الدول العربية تجد فيه عاملاً مهمّاً لعرقلة أو فرملة الخطر الإسرائيلي الداهم في المنطقة، إن لم تتمكّن من إيقافه كليّاً. ولهذا تضغط في اتجاه مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يوقف حظر الأسلحة الى إسرائيل، ويخفّض من التصعيد المستمر في لبنان والمنطقة للتوصّل الى وقف شامل لإطلاق النار في المستقبل القريب.
يتم قراءة الآن
-
عبير رحال... صحافيّة ضحيّة عنف أسري وجريمة هزت لبنان
-
زحمة مُوفدين عشيّة الجلسة الرئاسيّة... وترقب ضغط سعودي ــ أميركي خشية من تمهيد «إسرائيل» للتبرؤ من مُهلة الستين يوماً الجولاني: تنظيم انتخابات قد يتطلّب 4 سنوات
-
نظام الحجاج بن يوسف الثقافي
-
قطبة تراجع الجيش "الاسرائيلي" المخفيّة عن الإنسحاب من لبنان
الأكثر قراءة
-
زحمة مُوفدين عشيّة الجلسة الرئاسيّة... وترقب ضغط سعودي ــ أميركي خشية من تمهيد «إسرائيل» للتبرؤ من مُهلة الستين يوماً الجولاني: تنظيم انتخابات قد يتطلّب 4 سنوات
-
قطبة تراجع الجيش "الاسرائيلي" المخفيّة عن الإنسحاب من لبنان
-
ضغط تركي لمنع تسليم عبد الرحمن يوسف القرضاوي الى مصر التوقيف حصل السبت في المصنع... والحكم يصدر اليوم بالترحيل أو التسليم
عاجل 24/7
-
19:19
محكمة أميركية تؤيد حكمًا بإدانة ترامب بالاعتداء الجنسي وتغريمه مبلغ 5 ملايين دولار
-
19:18
منظمة الصحة العالمية تحث الصين على مشاركة بيانات كوفيد 19 بعد مرور 5 أعوام على انتشاره
-
18:52
المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن: إيران تزود الحوثيين بدعم عسكري وفني يعزز مما قدرتهم على استهداف الملاحة في البحر الأحمر
-
18:52
المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن: الحوثيون سلاح إيران لمحاربة السلام في العالم
-
18:52
وزير خارجية سوريا: ندعو بكل حب دولة الكويت إلى فتح سفارتها في دمشق واستئناف العلاقات الدبلوماسية
-
18:51
المندوب الإسرائيلي في مجلس الأمن: - هذه الموجة من الإرهاب الحوثي في اليمن صناعة إيرانية