الاشاعة خبر غير صحيح ينشره شخص (او مجموعة) بين الناس ويهدف نشر الخبر الى تشويه او تحسين صورة شخص آخر (هو المشاع ضده أو عنه) لغايات واسباب متعددة.
وتنتشر الاشاعة في المجتمع بقوة وبسرعة، وبوجه الاجمال، لا يتحقق الانسان من صحة الخبر والاشاعة طالما انه يسمعه من صديق او جارأو قريب. ليعود ويرويه بدوره لمن يصادفه وعلى اساس انه خبر موثوق اتاه من مصدر مطلع.
ويروي عن جحا الحادثة التالية: رغب جحا في مزحة مع صديق له كان ماراً بقربه فقال له: انهم يوزعون الحلوى في ساحة المدينة، فركض صديقه نحو الساحة، وراح يشيع الخبر بين كل من صادفهم في طريقه. وهكذا، وفي ظرف دقائق، راح الناس يتراكضون نحو الساحة وصودف مرور احد اصدقاء جحا بالقرب منه، فسأله جحا: ما بال الناس مسرعة نحو ساحة المدينة، فأجابه الصديق: انهم يوزعون الحلوى هناك. فبدأ جحا يركض بدوره متسائلا: ومن قال أنها اشاعة؟...
واكثر ما تنتشر الاشاعة في اخبار السياسة والسياسيين، حيث يعمد المؤيدون والمعارضون الى نشر اخبار بين الناس من خلال المقربين او بالايحاء في وسائل الاعلام وهذه الاخبار تهدف احيانا الى نفي ما هو صحيح، او تأكيد ما هو غيرصحيح، وفق مصلحة رجل السياسة.
والناس ميالة الى تصديق ما يشاع، وقد عانينا في لبنان الأمرين من هذه المسألة خلال الاحداث الاخيرة.
على ان الميدان الوحيد الذي لا يمكن فيه الأخذ بالاشاعة وبكل ما يشاع هو ميدان القضاء. فلا يمكن ان نتصور قضاء مرتكزاً على اشاعة.
وقد تنبه المشترع اللبناني الى هذه الناحية، ووضع نصاً واضحاً في القانون يمنع فيه الاخذ بالاشاعة لاي سبب من الاسباب، فقد نصت المادة 262 من قانون اصول المحاكمات المدنية على ما يلي:
-لا تقبل الشهادة على شيوع الخبر الا في الاحوال التي ينص عليها القانون.
وعلى حد علمنا، لا يوجد في القانون اية حالة تقبل فيها الشهادة على شيوع الخبر، ذلك انه لا يمكن على الاطلاق وبأية صورة من الصور اعلان ثبوت اية واقعة استناداً الى خبر شائع بين الناس، غير معروف مصدره، وغير مرتكز على اي اساس واقعي.
وفي القانون مبدأ معروف: البينة على من ادعى ذلك.
والبينة، او الاثبات لها اصول محددة بصورة حصرية في القانون لا يمكن تجاوزها حتى من قبل القاضي نفسه.
حتى ان البينة الشخصية، اي بالشهود، هي اضعف وسائل الاثبات. ويقول العلامة السنهوري انه من السهل جداً ايجاد من يشهد بالباطل لالف سبب وسبب. وبخاصة في هذا الزمن الذي طغت فيه المادة على كل ما عداها.
وفي القرآن الكريم اشارة واضحة الى وجوب نبذ الاشاعة في الآية الكريمة:
«يا أيها المؤمنون اذا اتاكم فاسق بخبر فتبينوا» اي تثبتوا منه.
وعليه، فان اخطر ما يمكن في القضاء، ان يرتكز في احكامه الى اخبار شائعة وبخاصة في الميدان الجزائي. حيث ان الاثبات هو دائما بالشهود، وحيث يمكن ان تكون الشهادة سببا لحجز حرية انسان او تجريمه. ولذلك يجب التشدد اكثر فأكثر في الاخذ باقوال الشهود وعدم الارتكاز على اية شهادة قبل تحليلها وثبوتها بوجه لا يقبل الشك. مع التنويه بان المشترع تنبه لهذه الناحية بحيث اوجب تبرئة المتهم في حالة الشك.
وخير عبارة قيلت في هذا المجال هي تلك التي اطلقها الاديب اللبناني الكبير سعيد تقي الدين: اذا اردت ان تقتل شخصا لا ترمه برصاصة بل باشاعة. ان الاشاعة قاتلة وقد تكون اقوى من الرصاصة، وهذا صحيح.
* نقيب المحامين السابق في بيروت
يتم قراءة الآن
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
فضيحة "Bet Arabia" تتمدّد: رؤوس كبيرة في قبضة القضاء... وهشام عيتاني هارب الى قبرص
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:51
بوليتيكو عن مصدرين: ترامب يدرس تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بمئات الملايين من الدولارات.
-
23:50
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): الخارجية الأميركية وافقت على بيع عتاد صيانة لطائرات إيه-29 سوبر توكانو إلى لبنان بقيمة 100 مليون دولار.
-
23:12
أكسيوس: "إسرائيل" ما زالت تطالب بمنطقة عازلة بعرض 2 إلى 3 كلم برفح و1 إلى 2 كلم بباقي الحدود، والوفد "الإسرائيلي" لا يزال حاليا في الدوحة والمبعوث الأميركي ويتكوف لم يتوجه بعد إلى المنطقة.
-
23:11
أكسيوس: الأميركيون اقترحوا التركيز حاليا على قضيتي قائمة الأسرى وتوزيع المساعدات الإنسانية، المقترح الأميركي يتضمن عدم مناقشة مسألة الانسحاب إلا بعد التوصل لاتفاقات نهائية بشأن القضايا الأخرى.
-
22:14
انتهاء الربع الثالث من مباراة الرياضي والحكمة، بتقدم الرياضي (73-51).
-
21:56
المبعوث الأميركي إلى سوريا: قسد تشعر أن على واشنطن التزاما تجاهها لكننا لسنا ملزمين إذا لم يكونوا منطقيين، والاعتقاد أننا ندين لقسد لكونها شريكا لا يعني دينا بتشكيل حكومة مستقلة داخل حكومة.
