اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

نحن لسنا مجرد غبار على مسرح هذه الحياة، نأتي ونرحل دون أن نترك أثراً يُذكَر. نحن شهود هذا العصر، وأصوات الحق التي تسجل الحقيقة وسط ضجيج الكذب والتضليل. في زمن تُمارس فيه الإبادة الجماعية، وتُنسف البيوت فوق رؤوس ساكنيها، لا يمكن للصمت إلا أن يكون خيانة، والكلام عن الحق واجب مقدس لا يحتمل التردد أو التأجيل.

ما يحدث اليوم في غزة وفي لبنان ليس مجرد أرقام في نشرات الأخبار، بل هو فصل من فصول المعاناة الإنسانية التي يخطها الاحتلال الإسرائيلي بدماء الأبرياء. هذه الجرائم ليست أفعالاً عشوائية، بل هي منهجية تهدف إلى تدمير الكرامة الإنسانية ومحو إرادة الشعوب التي تتشبث بأرضها وهويتها. ولأننا نعيش هذه المآسي ونشاهدها يومياً، فلا يمكننا أن نسمح للتاريخ أن يُكتب بصمتنا.

قال السيد المسيح: «جئت أشهد للحق”، وهذه الكلمات تحمل رسالة أزلية. فالحق هو رسالة الشرفاء، وهو دعوة خالدة لكل من يمتلك ضميراً حيّاً. وفي الإسلام، نجد ذات الدعوة إلى الشهادة للحق، حيث تقول الآية الكريمة: «وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ» (سورة الطلاق: 2)، ويقول أيضاً: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ» (سورة النساء: 135). هذه الآيات تؤكد أن الوقوف إلى جانب الحق ليس خياراً، بل هو واجب مقدس.

لقد كان الإعلام اللبناني والفلسطيني والعربي والعالمي الحر شاهداً على هذه الجرائم، ونجح في توثيقها وإبرازها أمام العالم أجمع. هذا الإعلام، الذي قدم التضحيات ونقل الحقيقة دون تزييف، كان له الدور الأبرز في تحقيق أولى بشائر النصر. ومن بين هذه الإنجازات ما شهدناه مؤخراً من قيام المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يواف غالانت. هذه الخطوة التي تعرّي العدو في المحافل الدولية ليست سوى بداية، وهي ثمرة من ثمار الإعلام الحر والجهود المستمرة التي تكشف الوجه الحقيقي للاحتلال وتقدمه أمام العدالة الدولية.

إن الشهادة للحق ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي فعل مقاومة بحد ذاته. حين تكتب عن الظلم والارهاب الصهيوني، وحين تفضح جرائمه، وحين تنقل صوت الضحايا، فإنك تمارس دوراً أخلاقياً وإنسانياً يتجاوز حدود السياسة والمصالح الضيقة. الكتابة هنا ليست مجرد مهنة، بل هي شرف نضالي والتزام بالوقوف في وجه الظلم ومناهضته، مهما كانت التبعات.

العدو الإسرائيلي يملك الطائرات والصواريخ، لكنه يخشى الكلمة الحرة التي تشهد للحق، واغتيال الإعلاميين الأحرار، وعلى رأسهم مسؤول الوحدة الإعلامية في المقاومة الشهيد محمد عفيف، دليل واضح على ذلك. يخشى أن ينكشف أمام العالم، لأن الحق حين يظهر لا يستطيع أن يخفيه شيء. هذه مسؤوليتنا اليوم؛ أن نكون صوت الحق في زمن الخذلان، أن ننقل الحقيقة كما هي، دون خوف أو تردد.

لقد قال السيد المسيح، وقال النبي محمد (عليهم السلام)، إن الشهادة للحق واجب علينا. ونحن هنا، بكل ما نملك من وسائل، نؤدي هذا الواجب. لن تثنينا تهديدات، ولن تخيفنا ضغوط. هذا عهدنا: أن نكون شهوداً للحق وشهوداً على جرائم الاحتلال في بلادنا.

الكتابة عن الجرائم في غزة ولبنان ليست مجرد واجب مهني، بل هي التزام أخلاقي، وقضية وطنية وإنسانية. وكما قال الأديب اللبناني جبران خليل جبران: «الحقيقة لا تموت لأنها خالدة»، ونحن هنا لنحافظ على هذا الخلود، ولنحمل شعلة الحق في وجه الظلم حتى ينتصر النور على الظلام.  

الأكثر قراءة

نتائج زيارة هوكشتاين لاسرائيل: تقدم وايجابية ومجازر وتدمير؟! نتانياهو يراهن على الوقت لفرض هدنة مؤقتة مرفوضة لبنانيا الجيش الاسرائيلي منهك... ولا بحث بتجريد المقاومة من سلاحها