منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، اعتمدت إسرائيل سردية إعلامية تهدف إلى تبرير استهداف المدنيين بذريعة وجود قادة أو عناصر مقاومة في الأبنية المستهدفة أو في الملاجئ تحتها. هذه السردية، التي تعج بالتضليل والأكاذيب، سعت إلى تحميل الضحية مسؤولية المجازر بدلًا من تحميل المعتدي الإسرائيلي كامل المسؤولية. وللأسف، وجدت هذه الرواية طريقها إلى بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، ما أدى إلى ترسيخ فكرة خاطئة تُلقي باللوم على المقاومة والمدنيين بدلاً من إدانة الاحتلال وجرائمه.
إنّ هذا النهج الإعلامي الخطير ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمحاولات إسرائيل المستمرة في شرعنة عدوانها ضد المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، وتحويل الأنظار عن طبيعة الاحتلال كمصدر لكل هذا العنف. في غزة، كما في لبنان، يعاني المدنيون من هجمات عشوائية تستهدف المنازل والملاجئ والبنية التحتية. رغم ذلك، تستمر إسرائيل في الادعاء بأن عملياتها تستهدف «أهدافاً عسكرية»، متجاهلة الأدلة الواضحة على استهدافها المتعمد للمدنيين.
في هذا السياق، جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، ليعيد جزءاً من البوصلة الأخلاقية والقانونية إلى مكانها الصحيح. هذا القرار الدولي يمثل نقلة نوعية في مواجهة التهرب الإسرائيلي من المحاسبة الدولية، ويؤكد أن جرائم الحرب لا يمكن أن تمر دون عقاب. المحكمة الجنائية الدولية وضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، موجهةً رسالة واضحة مفادها أن القانون الدولي قادر على كبح جماح المعتدين مهما طال الزمن. كما يكتسب هذا القرار أهمية خاصة في ظل المحاولات المستمرة من قبل إسرائيل لترويج سردية تتنصل من مسؤولية قتل المدنيين وتُلقي باللوم على المقاومة الفلسطينية واللبنانية. إنه تذكير بأن العدالة الدولية يجب أن تكون حاضرة في مواجهة أي انتهاك لحقوق الإنسان، وبأن هناك إطاراً قانونياً يمكن الاعتماد عليه لتقويض الأكاذيب الإسرائيلية التي تسعى لتبرير عدوانها.
بالإضافة إلى أهميته القانونية، يحمل هذا القرار بُعدًا أخلاقيًا يعيد التأكيد على أن استهداف المدنيين هو جريمة يجب أن يُحاسب عليها من يرتكبها، وأن الضحية لا يمكن أن تُحمَّل مسؤولية معاناتها. العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان يُظهر حجم الاستهتار بالمعايير الإنسانية، ويضع العالم أمام مسؤولية الوقوف مع الشعوب المظلومة في مواجهة الاحتلال.
لبنان، الذي كان وما زال هدفاً للاعتداءات الإسرائيلية، يحتاج إلى استثمار هذا القرار الدولي في فضح الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق شعبه. إن استمرار العدوان الإسرائيلي يستدعي تعزيز الجهود لتوثيق الانتهاكات ورفعها إلى المحافل الدولية، لأن سردية الاحتلال التي تسعى لتحميل المقاومة مسؤولية معاناة المدنيين في لبنان، كما في غزة، لا يمكن أن تصمد أمام الحقائق الواضحة التي تُظهر أن إسرائيل هي المصدر الرئيسي لكل هذه الجرائم. من هنا، تبقى الحقيقة واضحة: الاحتلال هو المسؤول الأول والوحيد عن المجازر التي يرتكبها على أرض لبنان وفلسطين، وأي محاولة لتبرير جرائمه هي اشتراك في العدوان وتشويه للعدالة.
يتم قراءة الآن
-
تأسيس «المجلس العسكري المسيحي» في سوريا: «مظلة» الدولة لا تقي
-
ربط نزاع بين الحكومة والثنائي الشيعي بانتظار 31 آب هل حصل سلام على تطمينات اميركية بالتمديد لليونيفيل دون تعديلات؟ حزب الله ضد اي تحرك في الشارع وتنسيق مع الجيش لضبط الاوضاع
-
الخلفيات الخطرة للمشهد اللبناني
-
هل تسير العلاقة بين جنبلاط و"الثنائي" نحو الفراق؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:25
مصادر عسكرية لـ"الجديد": الجيش اللبناني ينفذ انتشاراً في كل المناطق التي من الممكن أن تشهد تحركات شعبية من بعلبك الى الجنوب مروراً ببيروت والضاحية مع اصرار الجيش على عدم قطع الطرقات خاصة طريق المطار
-
22:20
مسيرات احتجاجية رفضاً لقرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة في البقاع الأوسط مع انتشار لعناصر الجيش اللبناني في المنطقة
-
22:15
الجيش اللبناني يقفل حاجز عين الدلب - شرق صيدا بالإتجاهين ويقطع طريق المية ومية شارع الهمشري
-
22:12
القناة 12 عن مسؤول "إسرائيلي": لا نستبعد العودة إلى المفاوضات بشأن صفقة جزئية في إطار خطة ويتكوف
-
21:45
وسائل إعلام "إسرائيلية": تظاهرة حاشدة في "تل أبيب" احتجاجاً على قرار "الكابينت" احتلال مدينة غزة
-
21:37
الجديد: جلسات مجلس الوزراء ستتوقف في الأسبوع الثالث من شهر آب بسبب عطلة المديرين العامين في القصر الجمهوري والسراي الحكومي على أن تُستأنف نهاية هذا الشهر
