اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

- وقف اطلاق النار قد يعيد بعض الحيوية التي افتقدها حلال سنة وشهرين من الحرب المدمرة وكذلك الثقة إلى لبنان المُنهَك، فيستعيد مؤسساته الدستورية وينهض بقطاعاته الاقتصادية ويحرّك سوقه الاستثمارية... هذه الثقة التي من المأمول أن تؤتي برئيس للجمهورية وترفد اقتصاد الوطن بجرعات نمو بات معدوماً.

فمع دخول الهدنة بين "حزب الله" وإسرائيل حيّز التنفيذ على رغم اقتصارها على 60 يوماً، تنفّس الاقتصاد اللبناني الصعداء مع لجم الخسائر الاقتصادية وتوقف النزف المادي والدمار شبه الشامل في موازاة زهق الأرواح...

رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل يتحيّن اليوم الفرصة "للانطلاق بالمسح الميداني للتأكد من أرقام الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي نَجَمت عن الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي حالت الغارات المتواصلة دون إحصائها".

ولم يغفل الإشارة إلى "استعادة الثقة التي ستنجم عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، لكنها لا تكتمل بدون انتظام عمل المؤسسات الدستورية بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة فاعلة... فالتعطيل المُمَنهَج للمؤسسات أوصل لبنان إلى مؤشرات سلبية على مستوى الحوكمة والإدارة الرشيدة! لذلك يجب احترام المُهَل الدستورية وغيرها".

ويحدّد في السياق، "القطاعات الاقتصادية التي ستتظهّر فيها التداعيات الإيجابية لوقف إطلاق النار، وهي الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي، بدءاً من:

- القطاع السياحي الذي سينتعش مجدداً مع حلول عيدَي الميلاد ورأس السنة، فالهدنة ستشجّع عدداً كبيراً من اللبنانيين على تمضية هذه الأعياد في لبنان...وتعود بالتالي تدريجياً شركات الطيران العربية والأجنبية إلى تسيير الرحلات في اتجاه مطار بيروت.

وإذا استمرت الهدنة وتحوّلت إلى وقف إطلاق نار دائم بعد مدة الشهرَين، فسينتعش القطاع السياحي في العام 2025 ويحقق أداءً شبيهاً للعام 2023.

- قطاع التجزئة الذي يستفيد منه عدد كبير من القطاعات الرديفة، فمن المتوقع خلال عيدَي الميلاد ورأس السنة ومع عودة الاستقرار، أن تتحرّك عجلة استهلاك العائلات والأفراد تدريجياً وتتوسّع على مجالات عديدة أخرى غير السلع الحياتية الأساسية، لكن ليس بالمستوى الذي وصلت إليه في العام 2023 كون هناك عديد من اللبنانيين فقدوا أشغالهم ومصادر رزقهم كما أن شركات عدة تضرّرت بشكل مباشر وبالتالي أصبح موظفوها وعمالها بدون عمل.

- قطاع التعليم الذي سيستعيد انتظامه مع عودة النازحين.

- قطاع البناء والمقاولات الذي سيتفعّل مع انطلاق قطار إعادة الإعمار في المناطق المدمَّرة، ما يؤدي بالتالي إلى ارتفاع الطلب على شركات المقاولات والبناء. هنا، يكمن التحدّي في مصدر التمويل! وفي حال تأمّن التمويل "افتراضياً"، سينتعش عمل قطاع المقاولات بالتأكيد.

في المقلب الآخر، يُشير غبريل إلى "قطاعات اقتصادية أخرى ستستلزم وقتاً طويلاً لتعود إلى مستواها السابق، يتقدّمها القطاع الزراعي الذي لَحِقَ به دمار هائل وتحديداً في محافظَتَي الجنوب والنبطية كما في البقاع، خصوصاً أن هناك مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية تقصّد العدو الإسرائيلي قصفها بالقنابل الحارقة ما يتطلب سنوات طويلة كي تصبح صالحة للزراعة مجدداً".

ويتوقع أن تؤدي هذه الحرب "التي بدأت في 8 تشرين الأول 2023 وتوقفت فجر 27 تشرين الثاني 2024، إلى انكماش اقتصادي ما بين 6% و7% في العام 2024. ويقول: سيشهد العام 2025 مع انطلاق ورشة الإعمار والاستعادة التدرييجة للحركة الاقتصادية على رغم التحديات، نمواً إيجابياً في الاقتصاد اللبناني، إنما من المُبكر جداً تحديد الأرقام منذ اليوم".

وبالنسبة إلى المالية العامة، يؤكد غبريل أن "مصرف لبنان استطاع الحفاظ على استقرار سعر الصرف في السوق النقدية وضخّ سيولة في الاقتصاد، ومن المتوقع أن يحافظ على هذا الاستقرار خلال مرحلة وقف إطلاق النار".

لكنه لم يتوقع أن "تحقق الموازنة العامة فائضاً على رغم وقف إطلاق النار، لأن الإيرادات المتوقعة في خلال الأشهر الممتدة من أيلول إلى كانون الأول، لم ولن تتحقق".

.."الأولوية اليوم لإعادة لبنان إلى الأسواق المالية والمصرفية والتجارية العالمية... معطوفة على انتظام العلاقة الرسمية مع حاضنة لبنان العربية المتمثلة في دول مجلس التعاون الخليجي العربي وفي طليعته المملكة العربية السعودية..." يختم غبريل قراءته الاقتصادية لما بعد 27 تشرين الثاني 2024.

الأكثر قراءة

حزب الله يتدخل لانقاذ «وقف النار»... الاتفاق «يهتز ولا يقع»؟ العدو يريد فرض وقائع ميدانيّة... «والكرة» في ملعب الدول الضامنة