ما خطّته الحرب بالدم في سجلات الزمن، وما سيبقى أبد الدهر خالداً في ذاكرة الأمة، ليس تلك الكلمات البراقة التي تُطلق عبثاً هنا وهناك، ولا التصريحات المزيفة التي يرددها المتملقون من أبراجهم العالية. بل هو دم الأبطال الذين سقطوا في ساحات الشرف، دفاعاً عن الأمة، عن الوطن، عن الشعب، وعن الحياة ذاتها. أولئك الذين جعلوا من أجسادهم حصناً منيعاً يحمي الوطن، وتركوا وصية مكتوبة بالدم: احفظوا هذه الأرض التي ارتوت بدمائنا، واحملوا أمانتها بصدق وإخلاص.
هؤلاء الأبطال لم يكونوا مجرد أسماءٍ عابرة في نشرات الأخبار أو عناوين التقارير. بل هم من كتبوا بدمائهم الحارّة صفحات المجد، وصاغوا بآلامهم ملحمةً تعجز الكلمات عن وصفها. في صمت استشهادهم تعلو صرخات العزة والكرامة، وفي سقوطهم يولد فجر جديد لوطن أرادوا له أن يبقى شامخاً. كانوا الأيدي التي حملت الوطن على أكتافها، والقلوب التي نبضت بإيمان راسخ بعدالة القضية وقدسيتها، قلوب لا تعرف التردد ولا الانهزام.
علينا نحن الأحياء أن نقف في حضرة هذه التضحيات بوقار، أن نتأمل عظمة ما قدموه، وأن نحفظ وصيتهم التي كتبوها بالدماء. علينا أن نتعلم من سيرهم دروس الوفاء والشجاعة والكرامة، وأن نخطو على خطاهم بثبات ويقين. فإن كان الزمن يمضي ولا يعود، فإن ذكراهم ستبقى خالدة كالشعلة التي تضيء دروب المستقبل، تقود كل من يسعى لبناء وطنٍ يليق بعظمة تلك الأرواح التي وهبت حياتها لأجله.
غداً، تعود السياسة في لبنان إلى زواريبها وأزقتها الضيقة، حيث المصالح الصغيرة والاعتبارات الضيقة تعلو فوق كل قيمة. غداً، تعود الوجوه المزيفة التي اختفت في لحظات المحنة، لتصعد من جديد إلى الشاشات، تتحدث عن الوطنية والعيش المشترك، وهي لم تعرف يوماً معناها. غداً، يعود المتملقون والمنافقون إلى المنصات، أولئك الذين غابوا حين كان الوطن يئن تحت وطأة العدوان والجراح.
أما في ميادين المواجهة، فقد كانت المقاومة حاضرة بقادتها وأبطالها. من القائد التاريخي السيد حسن نصرالله، إلى السيد هاشم صفي الدين، إلى الحاج محمد عفيف ورفاقه من رجال الله، وقفوا في وجه العدو بصدورٍ عارية، تحميها عقيدة راسخة وإيمان عميق بعدالة القضية. لم يحتاجوا إلى ضجيج الخطابات ولا إلى بهرجة الإعلام، بل كانوا هناك حيث يجب أن يكونوا، يواجهون الاحتلال بشجاعة وعزم.
لكن السؤال الأكبر: هل نستطيع أن نستخلص العبر مما حدث؟ هل نملك الشجاعة لنبني وطناً على أسس صلبة، وطن تحكمه القيم الحقيقية، لا المصالح الضيقة؟ أم أننا سنعود مرة أخرى إلى دوامة المنافقين والمتملقين الذين يستغلون آلام الناس لتحقيق مكاسبهم الشخصية؟
عسى أن تكون الدماء التي سالت بذرة لوطن يستحق الحياة. وطن لا يترك مجالاً للمنافقين، وطن يحفظ كرامة شهدائه ودماء أبطاله، وطن يبنى على الحق والعدالة والوفاء. لأن المجد، كما علمنا هؤلاء الأبطال في ميادين المواجهة، لا يُصنع بالكلمات الفارغة، بل يُخلّد بالأفعال التي تحفر بصمتها في وجدان التاريخ، وتبني مستقبلاً يليق بتضحياتهم.
يتم قراءة الآن
-
عون يتجاهل الجدول الزمني «وينفّس الاحتقان» حول السلاح قائد الجيش «يضع النقاط على الحروف».. و«الثنائي» مرتاح سباق بين الديبلوماسية والمواجهة وجنبلاط يحذّر من الحرب
-
الكوميديا الإستخباراتيّة لتقويض المفاوضات
-
الموفد السعودي عزز علاقته مع بري للتوازن بين أركان الحكم سلاح حزب الله يُبحث بهدوء... وترسيم الحدود مع سوريا سيبدأ
-
مسؤول أمني كبير سابق: الهجمة على المقاومة تتجاوز السلاح... الحزب يمتصّ الهجمات... وحواره مع رئيس الجمهورية تأسيسي
الأكثر قراءة
-
الموفد السعودي عزز علاقته مع بري للتوازن بين أركان الحكم سلاح حزب الله يُبحث بهدوء... وترسيم الحدود مع سوريا سيبدأ
-
مسؤول أمني كبير سابق: الهجمة على المقاومة تتجاوز السلاح... الحزب يمتصّ الهجمات... وحواره مع رئيس الجمهورية تأسيسي
-
قاسم: المقاومة ردة فعل على الاحتلال وفرصتنا للدبلوماسية ليست مفتوحة ولدينا خيارات
عاجل 24/7
-
12:29
عراقجي: برنامجنا النووي سلمي ونعارض أسلحة الدمار الشامل إنطلاقا من أسسنا الدينية وعقيدتنا الدفاعية، والكيان الصهيوني يعتبر العائق الأساسي أمام وجود شرق أوسط خال من الأسلحة النووية.
-
12:28
وزير خارجية إيران عباس عراقجي: نلتزم بالدبلوماسية ويجب الاستفادة من هذه الفرصة المتاحة للتوصل إلى تفاهم منطقي ومعقول، والتفاهم يجب أن يحترم حقوقنا ويؤدي إلى رفع العقوبات والشكوك بشأن برنامجنا النووي السلمي.
-
11:46
مصلحة النظام في إيران: لا تزال هناك تناقضات كبيرة في مواقف أميركا تجاه المفاوضات
-
11:45
مصلحة النظام في إيران: أميركا رفعت سقف مطالبها بشكل كبير ومفاجئ بعد الجولة الأولى
-
09:59
المستشار السياسي لخامنئي: لن يكون هناك اتفاق مع أميركا إلا بوقف التهديدات واحتواء "إسرائيل"
-
09:57
البطريرك الراعي في رسالة عيد الفصح: كفى حروباً وتصنيع أسلحة وكفى متاجرة بها فالعالم بحاجة إلى خبز لا إلى سلاح ولتتوقّف عمليات الإجهاض وقتل الأبرياء ولتُفتح أيادي القادرين لتملأ الأيادي الفارغة
