اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تحلم الكثير من الناس بأن تكون لديهم عائلة مثالية، تجمعهم بالمحبة والسعادة في كل لحظة من حياتهم. ولكن هل يمكن أن تكون هناك عائلة تختلف عن باقي العائلات؟ هل يمكن أن يكون لديك عائلة ثانية فرضها الوضع الأمني فأرسلها الرب من السماء لتتشاطر معك أصعب الظروف في أحلك ليالي لبنان؟ لا ادري إذا كان هذا من صنع القدر ام انه تدبير الهي!!

هذا ما حدث معي. اتتني عائلة "من السماء"، عائلة مكونة من أعضاء يعيشون في السماء بين النجوم، ويتمتعون بأخلاقيات خارقة تجعلهم فريدين من نوعهم. يتميزون بالنقاء والطهر والصدق والمحبة.

تتألف "عائلة من السماء" هذه من أب حنون زميل في المهنة، يحمل بحنانه ورعايته كل أفراد العائلة وبزمالته كل التقدير والمحبة للآخرين. ومن أم تقية نقية حكيمة وحساسة، اللطف يفيض من تعابيرها النادرة والمحبة تذرفها دموعا عند النطق بالإمتنان. أما البنت وحيدة اهلها فهي تتمتع بقدرات استثنائية تجعلها قادرة على مساعدة غيرها وجعلهم سعداء، وجهها السموح يجعلك فرحا وروحها السامية تبلسم جروح الأيام.

عاشت عائلة "من السماء" في قلبي ٦٧ يوما كانوا حلما يا ليته لم ينته. حلم ملؤه المحبة  اللامشروطة والتفاعل الإنساني اللامحدود. حلم إطاره هم الوطن وحماية شعبه. حلم كان حقيقة فأصبح بين ليلة وضحاها طيفا من الماضي ممزوجا من السحاب الأبيض والاسود واضواؤه براقة لن تخفت مهما طال الزمان.

خلال الايام هذه وبالرغم من قساوتها وسوادها وألمها كان تميزهم وتفردهم بأن البسمة ما فارقتهم وتفاعلهم الايجابي استمر في تفاصيل الحياة اليومية دون أدنى تكلف فكانوا يعيشون ببساطة وتواضع، ويسعون دائما لمعانقة همومنا بحب وسلام.

حتى عند يوم عودتهم الى ديارهم كانت تتجلى في عيونهم دموع الفرح الممزوجة بالحزن ليس لأنهم سيتركون دارنا بل لأننا واياهم لن نتمكن مجددا من عيش كل ما عشناه سويا من ألم وحزن وخوف في ذات الظروف والعفوية.

كان الوداع حارا في صباح بارد في آخر ايام تشرين الثاني ولم أكن اتوقع كمية الحب التي تدفقت ذاك الصباح فكل منا عبر عن مشاعره تجاه الآخر لتغرورق اعيننا عند كل كلمة ننطقها الا لينا عبرت في الكتابة لتزيد دموع الأعين بريقا صادقا.

كتبت لينا:" من أعماق الرّوح...

لا كلمات تعبّر...ولكن ربما كلماتي القليلة تعبُر إلى أرواحكم...

عربون شكر لمن لا يُقدّرون بثمن ولا يقدِر على وصفهم قلم.

إلى من أواني ربي على يديه

لك مني ولأفراد عائلتك الكريمة أم جو ـ الأم الثّانية لمريومةـ ابنتي والكابتن جو وصاحب الكريزما اللّطيفة سلام والدّكتورة الصّغيرة ماريا وأخيك ابراهيم بوب كلّ الامتنان.

هبة من ربّنا أنتم وهبني إيّاها في ظروف سيئة.

كما ولكلّ شيء سلبيّاته وإيجابيّاته فكنتم الإجابيّة الّتي عرفتها خلال الحرب.

أناس كرماء معنا لأبعد الحدود

شهدت منكم معاملة الأكثر من الأهل.

نشعر بالفراغ لغيابكم عندما تنزلون بيروت ونفرح عند سماع وقع أقدامكم عندما ترجعون.

ربما لم أركم جميعًا أو أحادثكم عن قرب ولكن روحي كانت تناجيكم سرّا وتدعو لكم وأفعالكم كانت خير فعل وتغني عن القول.

أحسست في هذه الأيام كما اللّه أنتم... لا نراه ولكن من نعمه نشعر بوجوده.

وشكرًا كثيرًا على التُفُاح الّذي لم أتذوّق مثل طعمه كلّ حياتي صدقّا وأسميته تفاح الجنّة على أرض إيلي.

دُمتم خير أناس عرفتهم وزادت أفراد عائلتي.

كلمات قليلة وفي قلبي ينبض بالأكثر".

كان لهذه الكلمات وقع كبير علينا اذ بقينا صامتين نرمق بعضنا بعضا مذهولين من كمية المشاعر الفائضة من قلب مجروح داوته دار محبة.

في عالمنا الحقيقي المليء بالصراعات والنزاعات والكراهية وجدنا أنفسنا، نحن كعائلة، نحلم بوجود عائلة مثل عائلة "من السماء"، تجلب لنا السلام والسعادة والمحبة. ورغم أنها قد تكون حزينة ومتألمة، إلا أننا تمكننا أن نستوحي منها الكثير، ونحول اليأس الى رجاء والخوف الى أمل في الغد والواقع المرير الى مساحة حب وتلاقي.

"عائلة من السماء"، تذكرنا بأنه بالرغم من كل التحديات والصعاب التي قد تواجهنا، يمكننا أن نجد السعادة والسلام فيما بيننا إذا بذلنا الجهد والعمل الجاد والصبر لتشاطر المحبة. والتي هي الوحيدة الكفيلة في جعلنا سعداء.

اشكر الرب كل حين على كرمه معنا، إذ أن تدبيره في ارسال هذه العائلة الذهبية لفترة ٦٧ يوما جعلنا ندرك محبته لنا اللا محدودة ونكتشف بذوره التي زرعها فينا.

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان