أصول التشريع في مجلس النواب

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كان معلمي المحامي المرحوم أوغست باخوس يكرر دائماً ان للتشريع في مجلس النواب اصولاً يجب اتباعها بدقة، وانه يقتضي صياغة النص القانوني بحرفية وتقنية وخبرة. إذ المهم الاختصار وفي الوقت عينه الوضوح، خصوصاً وان القضاة والفقهاء والمحامين ورجال القانون، غالباً ما يفتشون عن نية المشترع ولا يجدونها.

هذا وبقي الاستاذ باخوس ثماني عشرة سنة رئيساً للجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب، وعدة سنوات بعدها رئيساً لهيئة التحديث والتشريع في المجلس بعد ان اصبح نائباً سابقاً، وأبى الرئيس نبيه بري الوفي، والذي اثبت مدى وفاءه تجاهه، إلا ان يبقيه الى جانبه في مجلس النواب كرئيس لهذه اللجنة، وكان يردد دائماً ان من يود صياغة النصوص القانونية ليس بالضرورة اكثر الفقهاء علماً وثقافة، بل من يتمتع بالخبرة في هذا المجال مع التقنية اللازمة، بالاضافة طبعاً الى العلم القانوني.

وكثيراً ما نلاحظ ان بعض النصوص يعاد تعديلها وصياغتها بعد فترة وجيزة. صحيح ان دولة الرئيس بري قال يوماً بعد تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية خلال عدة ايام، ان القوانين كالمنازل لا نعرف حاجتها إلا بعد السكن فيها، إلا ان هذا الامر لا ينطبق دائماً على القوانين. والمثل الواضح بهذا الخصوص هو ما حصل في قانون الايجارات الصادر في العام 2014. إذ ان المشترع اراد تعديل هذا القانون في العام 2017 بموجب القانون رقم 2/2017 تاريخ 28/2/2017. وكان الهدف تعديل عدة مواد فقط وكان باستطاعته القول: تعدل الفقرة كذا من المادة كذا بحيث تصبح كما يأتي. إلا انه اعاد نشر القانون بكامله بعد تعديل عدة فقرات إلا انه لم ينتبه الى المهل اي مهلة التسع سنوات ومهلة الاثنتي عشرة سنة. فضاع رجال القانون والفقهاء وانقسم الاجتهاد بين من يعتبر ان هذه المهلة تبدأ في 26/12/2014 ومن يعتبر انها تبدأ بتاريخ 28/2/2017، لان  المشترع اعاد نشر القانون بكامله بدلاً من نشر التعديل البسيط، وجاء في خاتمته انه يعمل به من تاريخ نفاذه في 28/2/2017، مما يعني قانوناً ان المهل تبدأ في هذا التاريخ، وان كنا نعلم جميعاً انه يجب ان تبدأ في العام 2014.

هذا مثل بسيط دون ان ندخل في تفاصيل معظم القوانين مثل قانون الارث لغير المحمديين ومدى تطبيق حق الخلفية، او تعديل قانون التجارة منذ عدة سنوات والذي احتوى على عدة مغالطات. وغيرها من القوانين.

أما الاقتراح السهل فيتمحور في الاستعانة بأصحاب الاختصاص، وليس تعيين مستشارين محسوبين على الاحزاب والمسؤولين. والامثلة اكثر من ان تعد او تحصى.