اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ما الفارق بين أن تنهش الكلاب جثث موتانا في غزة، وأن تنهش الذئاب جثثنا ونحن أحياء في العالم العربي، وحيث لا مجال للاختباء لا داخل عباءاتنا، ولا داخل قصورنا. لاحظتم الى أي مدى يعشق دونالد ترامب بنيامين نتنياهو، والآن يتغزل بذكاء وقوة رجب طيب اردوغان لأنه استولى على سوريا. هكذا بات للرئيس العتيد مخلبان لدفعنا بالعصا الى أورشليم...

بقرار الهي، من يكون مع "اسرائيل" تفتح أمامه أبواب الجنة، ومن يكون ضد "اسرائيل" تفتح أمامه أبواب جهنم (وقد عشنا أيام جهنم). لن نكون كمن يدافع عن نظام مات في سوريا ، ولكن لنلاحظ كيف يعود غربان الغرب الى سوريا. قريباً رفع تدريجي للعقوبات، الى أن تدق الساعة الكبرى ، الساعة السورية ـ "الاسرائيلية". هل يكون حفل الزفاف على ضفاف الدردنيل ؟

كل شيء بات جاهزأً لذلك. بين الدبابات "الاسرائيلية "وساحة الأمويين رمية حجر. الزفة الشامية تنتظر. لا شك أن الحرب السورية بتداعياتها المأسوية، وبظهور أمراء الحرب بالأوداج المنتفخة، وبالبطون المنتفخة، جعلت السوريين يتغيرون كثيراً. لا قضية سوى قضية الخبز أو قضية المازوت أو قضية الدواء. كيف لشعب على ذلك المستوى من المعاناة أن ينظر الى ما هو أبعد من الأطباق الفارغة؟

لكن الذي حدث في سوريا يفتح أبواباً كثيرة نحو المجهول. الضفة الغربية على حد السكين، حتى أن هناك من يشيع الكثير عن "موسم الهجرة الى الشرق"، مع شراء أفراد في العائلة الهاشمية منازل فخمة في الريف البريطاني. الأردن مهدد أيضاً. ماذا عن العراق الذي يحاول وفي ظروف عاصفة، الحفاظ على وحدة الأرض ؟ حتى لا يكون مثل غيره ضحية للفوضى الجيوسياسية الراهنة.

دونالد ترامب الذي هاله ضيق مساحة "اسرائيل" (وماذا عن مساحة غزة وعن مساحة لبنان ؟) تعهد بتوسيعها. ها هي غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة، ودون أن تستطيع مصر الحيلولة دون انتقال الفلسطينيين الى شبه جزيرة سيناء، ليكون لهم حكمهم الذاتي هناك.

كل ما يكتب عن الرؤية السياسية والرؤية الاسترااتيجية وحتى الرؤية الايديولوجية، لفريق العمل داخل الادارة المقبلة، يشي بأن خرائط ستتغير وأنظمة ستتغير. لا جدوى من المواجهة ، أي مواجهة ؟ ماذا تبقى من الدول أو من القوى، التي وجدت لخوض الصراع، بعدما بنيت سياسات اليمين على تدمير الذاكرة الفلسطينية، ان بالوسائل الدموية أو بالاستيعاب، حتى ليحكى عن دور للذكاء الاصطناعي في ازالة فلسطين من رؤوس أهلها، سواء كانوا في الدياسبورا أو على أرضهم.

هكذا تقول "فوكس نيوز "ان السنة الأولى من الولاية ستكون "السنة اليهودية". هل الرجل نائب المسيح أم نائب "يهوذا"؟ هنا نتوقف عند اسئلة يطرحها بعض المحللين "الاسرائيليين": كيف لأي حكومة أن تستوعب أو أن تتفاعل مع المتغيرات، فيما الدولة العبرية تعاني من تخلخل بنيوي هائل ؟ حتى اذا ما توقف الضجيج العسكري، يمكن أن يقع الانفجار في الداخل...

القناة 11 "الاسرائيلية" لاحظت أن الصراع بين المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية في "اسرائيل" أخذ منحى وجودياً خطيراً ، من يسحق الآخر ؟ ودون أن تكون هناك من قوة ثالثة أو منطقة عازلة بين الجانبين. اليمين تمكن من اجتياح "الكنيست"، كما أحاط القضاء بالأسلاك الشائكة، والى حد الايحاء بأن هذا اليمين انما يقود حرب البقاء، في ظل وجود قوى معادية على الأرض، وتسعى بخلفيات ايديولوجية حادة، الى ازالة الدولة العبرية، وهذا ما بدا من عملية طوفان الأقصى، ومن تفجير الجبهات على ذلك النطاق الواسع.

ولكن يبدو جلياً للكثيرين أن نتنياهو الذي بلغت لديه النزعة النرجسية حدودها القصوى، يشعر بأـه يمشي على خيط رفيع قد يقوده الى الزنزانة. لهذا كان رهانه على الحلقة الأخيرة من السيناريو، أي ضرب ايران، مع تخوف جهات استخباراتية أوروبية من لجوئه الى الخيار النووي، مستنداً الى دعم ترامب الذي سبق وفكر بالقاء القنبلة على بيونغ يانغ. الآن ابدال العاصمة الكورية الشمالية بالعاصمة الايرانية، ليحكى عن استعدادات هائلة في هذا المجال، وان كانت المعلومات تتحدث عن مساع ديبلوماسية مكثفة لاحتواء الوضع.

 يوماً بعد يوم، تتبلور الصورة أكثر فأكثر. كل ما حدث في السنوات المنصرمة لم يكن أكثر من فقاعات جيوسياسية، ما دامت واشنطن تمسك بالمفاصل الأساسية في الشرق الأوسط. روسيا ليست في وضع القوة العالمية، أما الصين التي أخذت بفلسلفة كونفوشيوس، أكثر من الايديولوجيا الشيوعية، فقد اعتمدت استراتيجية التسلل الى الأسواق لا الى مراكز القرار.

السؤال الآن أين لبنان مما يحدث في سوريا ؟ انه الفارق بين وجود جنرال أميركي في الناقورة ووجود جنرال سوري في عنجر. دائماً علاقات ملتبسة بين البلدين منذ أن ألغى خالد العظم (البيك الأحمر) الوحدة الجمركية بين البلدين، وأصدر عام 1950 مرسوماً بانشاء مرفأ اللاذقية مقابل مرفأ بيروت.

السؤال الأهم أما من خيار ثالث للبنان بين عرب اردوغان وعرب نتنياهو؟ أن يكون لبنان. ولكن....

الأكثر قراءة

اللقاء الديموقراطي يتلقف التحولات الدولية ويرشح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية فرنجية: أنا مستمر بترشيحي ولن نشارك في إيصال رئيس لا يملأ الموقع المسيحي الأول نزوح سوري كثيف باتجاه لبنان... وجنبلاط حريص على حماية دروز سوريا