اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا تبدو ردود الفعل الرسمية متسقة مع حجم الخطر السوري المستجد، وتشبه البرودة في التعامل مع هذا الملف الخطر بتداعياته اللبنانية، البرودة المبالغ فيها بالتعامل مع انتهاك العدو «الاسرائيلي» للسيادة اللبنانية على نحو يومي. فانعدام المواكبة السياسية للمستجدات تترك للجيش معالجات امنية موضوعية على الحدود السورية، وهي تقتصر على مراقبة حركة النزوح الجديدة، دون وجود اي توجيهات واضحة لكيفية تنظيمها او التعامل معها، في ظل ارتفاع منسوب التوتر الامني على خلفية المجازر التي تقوم بها المجموعات التكفيرية في الساحل السوري ضد العلويين والمسيحيين، فيما ترك لقيادة الجيش مهمة اصدار البيانات لتوثيق الانتهاكات «الاسرائيلية»، وآخرها اختطاف جندي في كفرشوبا.

وعلى الرغم من التحذيرات الخارجية من خطورة الوضع السوري وتداعياتها المحتملة على الداخل اللبناني، لا اجراءات استثنائية حتى الآن لمواكبة التطورات، ويمضي المشهد اللبناني الداخلي مترقباً مجموعة من التعيينات، لا بدّ ستشهد جزءا منها في جلسة مجلس الوزراء المرتقب انعقادها هذا الاسبوع، اذا ذللت العقبات.

واليوم يعود الحراك السياسي من بوابة «اللجنة الخماسية» التي ستلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلى جدول اعمالها الوضعان السياسي والامني والتعيينات والاصلاحات.

 غياب الدولة؟

في هذا الوقت، يتواصل النزوح السوري شمالا، حيث وصل العدد شبه الرسمي إلى 10 آلاف، اجتازوا النهر الكبير وتوزعوا على نحو 15 منطقة علوية في عكار وطرابلس، وقد اشتكى النائب سجيع عطية من غياب الدولة، سواء في التعامل مع النزوح او السيطرة الامنية على الموقف، فيما حذرت مصادر ديبلوماسية من انتقال التوتر الى الداخل اللبناني، وطالبت السلطات السياسية بفعالية اكبر في التعامل مع الموقف المستجد.

لا تدابير استثنائية

وفيما العمل على اعادة النازحين السوريين الموجودين اصلا على الاراضي اللبنانية متعثر، في ظل عدم استجابة السلطة السورية الجديدة، وكذلك «تطنيش» المجتمع الدولي، فان دخول قوافل جديدة  عبر المعابر الشمالية غير الشرعية، قابله صمت مطبق من الحكومة التي لم تصدر أي بيان أو تتخذ اي تدابير استثنائية.

وقد رفعت فاعليات عكار السياسية الصوت، بعدما استشعرت بالخطر الاقتصادي والاجتماعي وحتى الأمني الوافد إلى مجتمعها، في ظل تطمينات نشرها رؤساء البلديات والمخاتير وفاعليات عكار حول استتباب الأمن «حتى إشعار آخر»، منطلقين بذلك من الأسباب الإنسانية وخوف النازحين على أرواحهم بسبب الإعدامات الطائفية.

وأجواء الإطمئنان في عكار لا تنسحب على الواقع في مدينة طرابلس، حيث ساهم انتشار الجيش وفرض الأمن في تبريد الاجواء، بعد ان لجأ عدد كبير من النازحين الى منازل أقارب لهم في المدينة. وتبقى المخاوف قائمة من انتشار المخيمات التي يصل عددها إلى 3100 مخيم منتشرة في 1000 بلدة، وبات يهدد الاستقرار الديموغرافي والهوية المجتمعية.

انجاز امني

في غضون ذلك، حققت استخبارات الجيش انجازا امنيا، بتفكيك مجموعة تابعة لـ «داعش» في الشمال، من خلال مداهمات اسفرت عن توقيف اميرها المدعو ابو سعيد الشامي، الذي كان يعد لانشاء امارة «داعشية»، وقد اعترف بانه يتبع لعبد الرحيم المهاجر في سورية، وكانت مهمته القيام بالتجنيد والاغتيالات، والسيطرة على مناطق لبنانية. ووفقا للمعلومات، تجري مطاردة باقي افراد الخلية.

اجواء غير ايجابية

في هذا الوقت، ما تسرب من معلومات عن لقاءات المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، جينين هينيس- بلاسخارت في «إسرائيل»، يشير الى ان الاجواء لم تكن ايجابية، لجهة وقف قوات الاحتلال لانتهاكاتها او الانسحاب من النقاط التي تحتلها في الاراضي اللبنانية، حيث تركزت المناقشات على تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية والقرار 1701، وقد دعت المنسّقة الخاصّة جميع الأطراف للحيلولة دون خلق أمر واقع جديد على الأرض، مشددةً على ضرورة المضي قدماً في تنفيذ الحلول التي نصّ عليها القرار.

ووفق مصادر مطلعة فان السلوك «الإسرائيلي» لا يطمئن، ولم تمنح المندوبة الاممية اي ضمانة بوقف الخروقات، او انسحاب جيشها في لبنان، على الرغم من ان بلاسخارت حاولت لجم تهور»اسرائيل»، وطالبت من «تل ابيب» بالتروي واعطاء السلطات اللبنانية الجديدة فرصة اثبات جديتها بتنفيذ اتفاق وقف النار، بما ان العهد والحكومة يريدان تطبيقه والـ١٧٠١ وهما لا ينفكان يؤكدان ذلك.

وابلغت الحكومة «الإسرائيلية « ان سلوكها التصعيدي يضعف قدرة لبنان او ارادته بتطبيق الاتفاق، خاصة اذا لم ينسحب «الاسرائيليون» من النقاط الخمس.

وفي الخروقات، نجا عدد من الشبان من إطلاق قوات العدو «الإسرائيلي» النار باتجاه مدرسة رامية في قضاء بنت جبيل، ونزل الجنود من موقع رامية المعادي باتجاه المدخل الشرقي للبلدة، ووجهوا رشاشاتهم باتجاه المدرسة التي حولها الأهالي الى مقر للخدمات.

التطبيع مع «اسرائيل»؟

من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري «وجود خرق «إسرائيلي» واضح لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، ورأى أن «إسرائيل تتذرع بحجج أمنية عديدة لعدم الانسحاب من النقاط الخمس، والسبب غير المعلن هو أنها تريد استدراج لبنان للجلوس الى طاولة واحدة لإجراء مفاوضات مباشرة بين لبنان واسرائيل». ونفى «أن تكون الحكومة اللبنانية قد تلقت أي طلب رسمي لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل»، وقال: لم نتعرض لضغط مباشر من اي كان، ولكن هناك ضغط على بعض السياسيين وتحركات غير رسمية في أميركا للضغط على الإدارة الأميركية، كي تشترط على لبنان الدخول في مسار تطبيعي مع إسرائيل». وردا على سؤال عما إذا طلب من لبنان التطبيع مع «اسرائيل» ماذا سيكون الجواب، قال متري: «نحن غير مستعدين لذلك، ولكننا لم نصل الى مرحلة إما توقيع السلام وإما «اسرائيل» ستواصل احتلال أرض لبنان. لم يتغير موقفنا الرسمي، نحن ملتزمون الموقف العربي الجامع، كما عبرت عنه قمة بيروت».

لا نزع لسلاح المقاومة

وعن نزع سلاح حزب الله،  قال متري: «في بياننا الوزاري، تحدثنا عن استراتيجيات الأمن القومي. وعندما نبدأ بهذا النقاش، سنبحث في مسألة السلاح ومستقبله، لكن من المستحيل أن تكون لدى الحكومة روزنامة بسحب سلاح حزب الله بالقوة، ربما بعض الأطراف تتوقع ذلك». أضاف: «نلتزم قيام الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بمهامهما كاملة، لبسط سيطرتهما على كل الأراضي اللبنانية، أما الوسائل التي سيتم استخدامها فهي قابلة للنقاش، وهذا الوقت ليس وقت أخذ مجازفات غير محسوبة تعيد اللبنانيين سنوات إلى الوراء».

لا مقايضة لاعادة الاعمار

أما عن المقايضة بين سلاح حزب الله وإعادة إعمار لبنان، فنفى متري «أن تكون الحكومة الجديدة قد تلقّت أي طلب من هذا النوع»، متوجها الى المجتمع الدولي بالقول: «نتمنى عليكم ألا تربطوا دعمكم لنا باستكمال كل هذه الإصلاحات، بل على الأقل ربطها ببدء هذه الإصلاحات جديا. وكشف متري عن أن «فرنسا ستستضيف مؤتمر أصدقاء وداعمي لبنان في نيسان أو أيار المقبلين لإعادة الإعمار.

تحقيقات المرفأ

قضائيا، بعدما تراجع النائب العام التمييزي جمال الحجار عن القرار الاداري، الذي كان سبق واتخذه المدعي العام السابق غسان عويدات بمنعهما من التعاون مع المحقق العدلي،  اكدت مصادر مطلعة انّ جلسات استجواب جديدة سيعينها القاضي طارق البيطار قريبًا ، للاستماع الى القضاة وكبار الامنيين والمديرين العامين، والمدعى عليهم في ملفّ انفجار المرفأ، وذلك بعدما عقد ٥ جلسات استجواب بين شباط وآذار منذ استئنافه التحقيقات من جديد.  

الجلسات المقبلة ستكون هذه المرة بالتعاون مع النيابة العامة والضابطة العدلية، فالبيطار مستمرّ في التحقيقات، وصار بامكان النيابة العامة التمييزية استقبال كلّ المراسلات الصادرة عنه، كما بامكان الضابطة العدلية تنفيذ قراراته. وسيطلع البيطار على المراسلات الخارجية بعدما كان منعه منها عويدات، والقرار الظني المفترض  قد يصدر قبل الذكرى الخامسة للانفجار. تجدر الاشارة الى ان  قرار الحجار كان مقتضبا وبسطر واحد، ويبقى السؤال حول امكان التراجع عن استنابات اطلاق السراح التي سبق وسطرها عويدات؟

الضغوط الاميركية

وفي سياق متصل، أكد محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال المستشرق «الإسرائيليّ» جاكي خوجي، أنّ «اتفاق السلام مع لبنان يمكن أن يوقع غدًا، لولا وجود عائقين رئيسيين هما: وجود جيش الاحتلال «الإسرائيليّ» على الأراضي اللبنانية وحزب الله، الذي رغم تراجعه، سيعمل على منع أيّ تطوّرٍ من هذا النوع. وقال حوجي في مقال نشره بصحيفة «معاريف» العبرية، إنّ هناك «تغييرًا إيجابيًا آتيا من بيروت». وزعم أنّ «فكّ الحصار الإيرانيّ عن لبنان يعتمد على دعم دول الخليج والغرب، وكذلك على قدرة «إسرائيل» على إضعاف حزب الله، ومنح الحكومة اللبنانيّة إنجازات تقويها في نظر الجمهور»... وبحسب الكاتب ستسعى واشنطن «وأدواتها العربيّة» في المنطقة «لإخضاع لبنان بالتهديد والترغيب للتوقيع على اتفاق سلامٍ مع إسرائيل».

الاولوية للاصلاح

في هذا الوقت ، اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون «ان من اولى واجباتنا ان نقوم بالإصلاح المطلوب، بما يساهم في تغيير بعض الذهنيات». وقال اننا «سنعيد بناء لبنان الجديد وهو امر ليس بمستحيل، وعلينا من اجل ذلك الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية لمصلحة الوطن»، مشددا على «ان الامر يتطلب محاربة الفساد ووجود قضاء نزيه غير مسيس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقا لما تفرضه عليهم ضمائرهم وبناء للاثباتات التي بحوزتهم». كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله، وفد الرهبنة الانطونية المارونية ووفدا من جامعة سيدة اللويزة جاءا مهنئين..

سلام وتكلفة العدوان

وكان رئيس الحكومة نواف سلام قد اكد ان هناك اليوم فرصة جديدة أمام البلد فإما ننجح، وأما سيكون وضعنا أصعب مما هو عليه الآن، وقال «انا واثق من ان هذه الفرصة تحمل الكثير رغم صعوبة الوضع نتيجة الأزمة المالية، وتداعيات العدوان «الإسرائيلي» وكلفة إعادة الاعمار التي لم تكن في الحسبان، فأول رقم تقديري لاعادة الاعمار كان8 مليار دولار في البداية، ثم أصبح11 مليارا، وفي اول لقاء مع البنك الدولي قالوا لنا إن التقدير الاولي هو14 مليار دولار، وفي المرة المقبلة يمكن أن يزيد الرقم، وهذا يشكل عبئا اضافيا على البلد لم يكن في الحسبان، ولكن سنتصدى لهذا الواقع».


الأكثر قراءة

قلق من تداعيات مجازر الساحل... وردود فعل رسميّة خجولة؟ بلاسخارت تنقل أجواء سلبيّة من «اسرائيل»... متري: لا نزع للسلاح بالقوة إنجاز أمني للجيش شمالاً... وتحقيقات المرفأ تنطلق من جديد