اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

 «خلط الاوراق» رئاسيا لم يفض الى اي تغيير جدي في «خارطة الطريق» نحو بعبدا او نحو جلسة الـ9 من الشهر المقبل. فلا «التعليمة» الجنبلاطية بالتبني الرسمي لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، ولا تاكيد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الاستمرار في السباق الرئاسي، اخرج الاستحقاق من حالته الضبابية، بل زاد الامور غموضا، وثبت بالدليل القاطع بان «كلمة السر» الخارجية لم تصل بعد الى بيروت في ظل كثرة «الطباخين» وعدم تفاهمهم على صيغة موحدة لطبيعة المرحلة السياسية المقبلة التي تشمل الرئاسة الاولى والحكومة وما بات يعرف «بالسلة» في ظل تطورات اقليمية ودولية متسارعة تريد المعارضة الاستفادة منها لتحقيق «انقلاب» شامل على الواقع الحالي، فيما لا يبدي حزب الله وحلفائه اي اشارة ضعف تسمح بالبناء عليها لفرض حالة استسلام لا تبدو واقعية بحساب موازين القوى الداخلية التي لا تزال تمنح هذا الفريق القدرة على استخدام «الفيتو» لمنع اي استثمار داخلي او خارجي لنتائج العدوان الاسرائيلي، وسقوط النظام في سوريا، وهذا ما يفسر دعوة المعارضة الى التريث في انتخاب رئيس جديد رهانا على الوقت، وبانتظار تطورات سياسة وامنية تضعف اكثر المحور الآخر.

العربدة الاسرائيلية..

في هذا الوقت، وفيما لا يزال الغموض سيد الموقف بشان مستقبل سوريا، وسط بروز طموحات اسرائيلية تقسيمية تفترض تعاونا مع الاكراد والدروز لخلق واقع ديموغرافي متعاون مع دولة الاحتلال، لتكريس قضم المساحات الجغرافية المحتلة في الجنوب السوري، لم تتراجع الخروقات الاسرائيلية جنوبا، ولا تزال العربدة برا وجوا على حالها وسط عجز يصل الى حد التواطؤ بين دول الراعية لاتفاق وقف النار، بعد ان تحولت لجنة المراقبة الى شاهد زور، في ظل صمت اميركي مريب، واقرار فرنسي بالعجز عن وقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو عند حده لانه»لا يستمع الى احد» بحسب قول السفير الفرنسي في بيروت.

..وتحذير ميقاتي

 هذه الوقائع دفعت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى التحذير من مغبة الاستمرار بهذه الخفة بالتعامل مع هذه المسالة الخطيرة، ووفق مصادر مطلعة على اجواء زيارته الى القاهرة بالامس، طالب ميقاتي بالضغط على إسرائيل من أجل وقف خروقاتها، وابلغ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بانه لا يضمن بعد انتهاء مهلة الشهرين ان لا يبادر حزب الله الى الرد على الجيش الاسرائيلي بالمثل، بعدما باتت الحكومة ومعها الجيش في وضع لا يحسدان عليه امام اللبنانيين الذين باتوا يلمسون ان القرارات الدولية لا تحميهم، وهذا يمنح الحزب مشروعية للتصرف، ما قد يعيد الامور الى «نقطة الصفر» ويهدد مجددا بجولة جديدة من العنف. وقد وعد الرئيس المصري بالتحرك على اكثر من صعيد لمحاولة الزام اسرائيل بالتوقف عن خروقاتها والتزام تنفيذ بنود الاتفاق.

حزب الله يحذر

وفي هذا السياق، اكد نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي ان إسرائيل تفسر القرار 1701 بشكل خاطئ وتعتبر أنه من حقها الدفاع عن النفس وشن هجمات متى شعرت بالخطر. وأكد قماطي أن تفسير حزب الله واضح، حيث يلتزم الحزب بتطبيق الاتفاق القاضي بعدم وجود أي سلاح أو أي نشاط عسكري جنوب نهر الليطاني، بالتعاون مع الجيش اللبناني، لكن في حال استمرار الخروقات الإسرائيلية، فإن الحزب سيكون مضطرًا لاتخاذ مواقف مختلفة.

 «جعجعة» رئاسية من دون «طحين»

 رئاسيا، يمكن القول ان الامور حتى الان لا تزال «جعجعة من غير طحين»، فالملف الرئاسي الذي يتحرك بدينامية غير مسبوقة لا يزال ضبابيا، وبورصة الطامحين  تتارجح صعودا وهبوطا دون ان يحسم مصير حظوظهم فيما تفضل اغلبية القوى السياسية الرهان على الربع الساعة الاخير لحسم موقفها وعدم حرق المراحل، وهو امر يفسر عدم انسحاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من السباق الى بعبدا واعلان استمراره حتى جلسة 9 كانون الثاني المقبل، وتمسك «الثنائي» بدعمه  وكذلك عدم وضوح موقف القوات اللبنانية التي باتت تفضل تاجيل الاستحقاق لتهيئة الظروف لانتخاب جعجع، فيما «يناور» التيار الوطني الحر»، لمنع وصول عون الى بعبدا.

التهديد بعقوبات؟

ومع اعلان اللقاء الديمقراطي دعمه لقائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا، وانضمام اخرين اليه، بقيت المقار السياسية والحزبية لا سيما المؤثرة عددياً في البرلمان،محطة لزيارات بعض المرشحين الطامحين. والجديد ترويج مصادر الداعمين لقائد الجيش معلومات عن دخول اقليمي- ودولي حاسم قريبا على خط الاستحقاق من خلال فرض اجواء دولية ضاغطة لفرض ترشيح قائد الجيش وانتخابه، عبر تهديد المعترضين بفرض عقوبات عليهم!.

لماذا دعم جنبلاط عون؟

وفي تعليقه على دعم كتلة «القاء الديموقراطي» قائد الجيش للرئاسة، قال النائب السابق وليد جنبلاط ان عون قام بعمل ممتاز لحفظ الامن في لبنان وهو يمثل مؤسسة مهمة في البلاد، ولهذا جرى تبني ترشيحه، واكد جنبلاط انه لا يرغب بانتظار الادارة الاميركية الجديدة لاتمام الاستحقاق، وقال» راينا  بعض الاسماء التي تتضمنها». ولفت الى ان عون مدعوم من الادارتين.تجدر الاشارة الى ان الاصوات المضمونة لقائد الجيش لا تتجاوز حتى الان 22 صوتا وهو يحتاج «بلوك» مسيحي ودعم «الثنائي» للوصول الى بعبدا.

استراتيجية «الثنائي»؟

من جهته، جدد حزب الله تمسكه بدعم ترشيح الوزير السابق، سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية اللبنانية، واشار نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي، ان هذا الموقف ثابت طالما ظل فرنجية مرشحًا لهذا المنصب. وأضاف ان الحزب لم يتلق أي إشعار بانسحاب فرنجية من السباق الرئاسي، موضحًا أن «موقف الحزب في دعمه لهذا الترشيح لن يتغير. وفي هذا السياق، اشارت مصادر»الثنائي» انه ملتزم بتوحيد التصويت الرئاسي هذه المرة، وبري حتى الان لا «يهضم» تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش، علما ان عدم انسحاب فرنجية كان منسقا وهو يمنح «الثنائي» هامشا مهما في التفاوض في ظل اصرار الفريق الآخر على عدم التفاهم على المرحلة المقبلة سواء رئاسيا او حكوميا.

«معراب» وترشيح القائد؟

من جهتها، لا تزال «معراب» محتفظة «بكلمة السر» وتدير الاستحقاق كانه «لعبة شطرنج»، ووفق مصادرها المرحلة تتطلب التعامل بحكمة حيث لا مجال لارتكاب اخطاء قد تكون مكلفة، ولهذا ثمة انتظار»للربع الساعة» الاخير لحسم الموقف. وترى تلك الاوساط ان  الاعلان عن ترشيح عون قد يحرق اسمه في هذه المرحلة. وفي هذا السياق، فان القوات اللبنانية التي تشعر بالاحراج ازاء ترشيح جنبلاط لقائد الجيش، تفضل أن يصدر الترشيح من المسيحيين باعتبار أنهم المعنيون الأساسيون بموقع رئاسة الجمهورية رغم أنها لا تضع فيتو على قائد الجيش، لا بل هي التي وقفت على مدى سنتين وراء اقتراح التمديد له في قيادة الجيش نظراً لتجربته الناجحة، لكنها ترغب في معرفة رؤيته السياسية للمرحلة المقبلة وكيفية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية وحصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط.

المرشح الفرنسي

وفي السياق، التقى رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع في معراب، الخبير الدولي للشؤون المصرفية سمير عساف، وهو المرشح الفرنسي للرئاسة، ووفق المعلومات قدم عساف «خارطة طريق» مسهبة حيال المرحلة المقبلة، دون ان يتلقى اي وعد بدعمه من جعجع.علما انه سيجول على عدة مرجعيات سياسية في الايام المقبلة.

 الخروقات لا تتوقف

وفيما اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من القاهرة خلال مشاكته في اعمال القمة الـ 11 لـ»منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي» أن تكلفة إعادة الإعمار جراء العدوان على لبنان لا تقل عن 5 مليارات دولار،  وغداة اجتماع فاشل في الناقورة للجنة الاشراف على اتفاق وقف النار، استمرت الخروقات الاسرائيلية في شكل فاضح. ولليوم الثالث على التوالي تعمل الجرافات الاسرائيلية على تدمير وجرف منازل في الأحياء الداخلية في الناقورة وتفجير منازل في بلدة طير حرفا. ولا تزال آليات الجيش الاسرائيلي في أحياء بلدة بني حيان، بعد التوغل إليها أمس الاول، وهدم عدد من المنازل، والقيام بأعمال تمشيط ورمي قنابل على المنازل. 

قلق على جنود الاحتلال

وفي هذا السياق، فان بقاء «الجيش» الإسرائيلي في جنوب لبنان كان موضع اهتمام متابعة من قبل معلقين وخبراء إسرائيليين. ورأى مراسل الشمال في القناة «12» سابقاً، مناحيم هوروفيتش أنه لا حاجة للانتظار حتى نهاية فترة الستين يوماً المحددة في الاتفاق، من أجل سحب الجنود الإسرائيليين من لبنان، فجنوب لبنان ليس مكاناً آمناً لهم، حتى في فترة وقف إطلاق النار، فالجنود ما زالوا يتعرّضون للإصابة في لبنان، وآلاف عائلات المقاتلين في الخدمة النظامية والاحتياطية ما زالت تعيش في قلق من احتمال وصول أخبار سيئة، ولاسيما أن الفترة الحالية انتقالية وحرجة، حيث يتواجد الجنود في لبنان وهم ليسوا في حالة تأهب عملياتي، كما كان الحال أثناء الحرب، مما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء أو مبادرات محلية من قبل ضباط في الميدان، قد تؤدي إلى إصابات..

لا هزيمة لحزب الله

 وحول الأسباب التي دفعت «إسرائيل» لإنهاء الحرب في لبنان، قال مفوض شكاوى الجنود في «الجيش» الإسرائيلي سابقاً، اللواء احتياط إسحاق بريك، في مقابلة مع «القناة 12» الإسرائيلية، إن «إسرائيل» لم تستطع أن تهزم حزب الله لسبب بسيط، هو أنه من أجل ذلك، كانت بحاجة إلى «جيش» بحجم يناور، ليس فقط في عمق 3 كلم، بل في عمق المنطقة كلها، وليس في نقاط تلامس الليطاني فقط، كما كانت بحاجة إلى «جيش» قادر على البقاء في المناطق التي يحتلها، ولا يخرج منها، لأنه لا يمتلك القدرة على المواصلة، وليس لديه قوات لتبديلها، ولم تمتلك «إسرائيل» ذلك.

وأشار بريك أيضاً إلى أن وقف القتال الذي تم التوصل اليه، لم يحصل لأن «إسرائيل» لم تكن نريد أن تهزم حزب الله، بل لأنها أدركت أنه ليس لديها أي قدرة على هزيمته، وعلى الجمهور أن يدرك بأن حزب الله على الرغم من أنه «تم إضعافه»، لكن لديه أنفاق وأسلحة، وهو يستطيع أن يهاجم «تل أبيب»، كما فعل حين أعلنت «إسرائيل» أنها هزمته خلال الحرب، حين لقنها درساً مع هجمات طالت حتى «تل أبيب». و»بعد ذلك، طلبنا وقف الحرب ونحن وافقنا بعد أن أدركنا أنه لا يمكن هزيمته». بدوره، قال محلل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمير بار شالوم، إن حزب الله لا يزال قوياً جداً على الساحة الداخلية اللبنانية...

دعوة للاستيطان

في هذا الوقت، وبعد ايام على نصب خيمة في مارون الراس وتأكيداً على جهودها ومساعيها للاستيطان في جنوب لبنان، قالت حركة «عوري تسافون» الاستيطانية إنها تطالب بعودة التوطين في جنوب لبنان، لأن الاستيطان اليهودي في لبنان هو أمر صحيح أخلاقياً وتاريخياً وأمنياً، فالاستيطان وحده سيجلب الأمن إلى الشمال، وسيبث العزم والقوة ضد أعداء إسرائيل. وأضافت الحركة في بيانها، بأن المنطقة التي نفذت فيها نشاطها، لن تكون قريبًا خلف الحدود، بل مستوطنة في أرض «إسرائيل».

لا عودة للمستوطنين

في هذا الوقت، لم يعد مستوطنو الشمال الى مستوطناتهم المحاذية للحدود بشكل كبير على الرغم من الحوافز والتسهيلات التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية لهذه الغاية. ويعود ذلك، وفقا لمراسل القناة الـ 12 الإسرائيلية في الشمال، غاي بيرون، إلى أنه «في اختبار النتائج، السكان لا يقبلون بالصورة الأمنية التي يقدمها الجيش الإسرائيلي، بحيث أن قلة قليلة هم الذين عادوا الى منازلهم حتى الآن». بيرون أضاف بأنه في نظرة مستقبلية، تبدو الصورة ليست جيدة، لأن نحو 33 في المئة من النازحين في الشمال لا يريدون العودة الى منازلهم الآن، في حين أن «هذا الرقم كان 13 في المئة فقط قبل ثمانية أشهر.

الفرصة التاريخية «لاسرائيل»؟

في هذا الوقت، اسهب المعلقون الصهاينة في قراءة المشهد السوري وكشفوا عن حقيقة الاطماع الصهيونية، من خلال الاجماع على ان « إسرائيل» تقف  أمام فرصة تاريخية غير مسبوقة لتغيير الميزان الاستراتيجي في الشرق الأوسط. وهي فرصة واحدة تاتي كل مئة سنة، برايهم، وأساسها خلق مجال نفوذ جوهري على المناطق التي كانت تشكل الدولة السورية، وهي الآن تحت سيطرة قوى درزية وكردية، إلى جانب المرابطة على مسار حدود مختلف عن ذاك الذي اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب إليه في1974 .

حكم ذاتي للاكراد والدروز

ولتحقيق هذه الفرصة، ترى صحيفة «اسرائيل هايوم» المقربة من نتانياهو ان على إسرائيل أن تتصرف كقوة إقليمية عظمى، لان الاستيلاء المؤقت على المنطقة العازلة في هضبة الجولان والسيطرة في جنوب جبل الشيخ هي خطوات تكتيكية لا تشكل جواباً استراتيجياً. وفي إطار ذلك، يمكن تشخيص مجموعتين مركزيتين: الدروز، الذين يقف قسم منهم في مسار المنطقة المجاورة للحدود مع إسرائيل، والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة في القسم الشمالي – الشرقي من سوريا. هاتان المجموعتان كفيلتان بأن تشكلا شريكين طبيعيين لإسرائيل. وتعزيزهما سيحسن وضعها الاستراتيجي ويثبت مصالحها في المجال من خلال دعمهما سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، حينئذ يمكن لإسرائيل، بتنسيق أميركي، المساعدة في خلق مناطق حكم ذاتي تكون أساساً لتعاون طويل المدى يثبت المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة.

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين