اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عقود من الزمن مرّت وملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية إستمر عالقاً وقيد الكتمان، ومصيره لم يكن معروفاً وواضحاً، وسط مطالبة المعنيين والاهالي بإنهاء هذه القضية الانسانية ومعرفة مصير المعتقلين والمخفيين، من دون ان يتحقق شيء، بل تضاربت المعلومات  بأن لا معتقلين في سوريا، لكن قلب الامهات كان اكثر صدقاً اذ بقين ينتظرن أبناءهن لغاية اليوم، اذ كان الملف يتجدّد كل فترة بحسب التطورات السياسية، من دون ان يحظى في اي مرة بالاهتمام المطلوب من قبل الدولة اللبنانية، ولم يستحق حتى اعتباره قضية إنسانية ووطنية، وسط تجاهل النظام السوري لإستغاثة الامهات ونفيها مراراً وجود معتقلين، فيما جرى تأكيد من قبل الأسرى المحررين الذين اعلنوا عن وجود رفاق لهم، تعايشوا معهم على مدى سنوات طويلة من العذاب، بعد تهم وجّهت اليهم على خلفية الإنتماء الى احزاب لبنانية مناهضة لسياسة النظام في سوريا.

لكن وبعد سقوط النظام السوري، بدأت الحقائق تظهر مع فتح أبواب السجون وظهور الاف المعتقلين السوريين واللبنانيين، فعاد الملف ليبرز من جديد مع قصص تختصر ويلات ما عاشوه، فيما قضيتهم حاكت نضالات سنوات وسنوات وراء القضبان مع واقع أليم من الصعب ان يُنتسى، ومع ذلك تحّملها َمن يؤمن بقضية هي أسمى من كل شيء، انها قضية وطن أمن فيه أبناؤه الى ابعد الحدود فدفعوا الغالي لأجله.

لمعرفة جديد هذا الملف، أجرت "الديار" حديثاً مع رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي ابو دهن، فأشار الى انّ العمل جار بقوة للبحث عن المعتقلين اللبنانيين، لكننا نلاقي صعوبات كثيرة لانّ من ظهر منهم كان فاقداً للذاكرة، لذا لا نستطيع تبني احداً منهم، وعلى سبيل المثال المعتقل الذي ظهر في وسائل الاعلام وقال انه يدعى كلود الخوري، لربما يردّد إسم احد المعتقلين الذين كانوا معه في السجن، لذا نتريّث بإعلان هويته لاننا نحتاج للكثير من البحث لمعرفة الحقيقة. وقال:" خلال شهر من اليوم ستظهر الأدلة ونأمل ان تكون إيجابية، ويخرج العديد من المعتقلين".

 ورداً على سؤال حول مدى وجود تعاون بين جمعية المعتقلين والحكومة السورية الجديدة، أوضح ابو دهن انّ الاتصالات قائمة معها، وقد أصدرت بياناً رسمياً بأنها ستعالج قضية المعتقلين السوريين واللبنانيين، لكن اليوم هنالك بعض الفوضى في سوريا، اذ إنتقل المعتقلون الى أماكن لا يعرفها سوى النظام السابق الذي قام بذلك، لذا فالمهمة تحتاج الى وقت في ظل وجود سجون سرّية وظهور مقابر جماعية.

وعن دور الدولة اللبنانية في الملف، لفت الى وجود لجنة اساسية متابعة للقضية، مؤلفة من رئيسها مدعي عام بيروت القاضي زياد ابي حيدر، والقاضي جورج رزق الوحيد الذي إستمر في اللجنة التي تشكلّت منذ العام 2005، لكن باقي الاعضاء غادروها، وهنالك ايضاً العميد علي طه ضمنها.

وأشار ابو دهن الى انّ عدد المعتقلين اللبنانيين شارف على 800 ، ونؤكد بأنّ الاتصالات جارية مع كل المعنيين والسياسيين والاحزاب لمساعدتنا في إنهاء هذه القضية الانسانية، ولن نتخلى عنها على الاطلاق، وعلى الاهالي الذين صبروا اكثر من اربعين عاماً، ان يصبروا شهراً لان الامل موجود دائماً".

في السياق تحدث بعض الاهالي لـ" الديار" فصبّوا غضبهم على المسؤولين اللبنانيين، لانهم لم يكونوا في اي مرة على قدر المسؤولية، مشدّدين على ضرورة التنسيق مع السلطة السورية الجديدة، عبر إرسال وفد وزاري ونيابي لمعالجة الملف كما يجب وليس بالكلام فقط، وأشاروا الى انّ الشائعات والتضارب في المعلومات لم تحد من عزيمتهم لانّ الامل دائما موجود.

 كما تحدثت احدى الأمهات التي تنتظر ابنها " ج . ب " المعتقل في سوريا ، فقالت : "أشعر انه سيعود حتى ولو مضى على غيابه أكثر من 34 عاماً، إذ يفترض بالدولة أن تكون قد جمعت المعطيات التي تملكها منذ العام 1990، وحينها كان هناك تعاون بين أجهزة البلدين، لذا نريد الجواب من الجانبين اللبناني والسوري، فهل باستطاعتهم إعطاء أجوبة صريحة عن مصير أبنائنا؟ مؤكدة بأنّ العزيمة ما زالت قوية وهي في ازدياد، والإيمان والقوّة يتحكّمان دائماً بنا كي نصل إلى هدفنا بعودة أبنائنا، مشددةً على ضرورة أن يتحّمل الجميع مسؤولياته في هذا الإطار، بطريقة جدية وعملية كي يغلق هذا الملف بأسرع وقت ممكن، والمطلوب جهد مشترك لكشف كل المعلومات عن هذه القضية الإنسانية، فكيف لدولة أن تتخلّى عن أبنائها بهذه الطريقة وأمام أنظار العالم؟.

 

الأكثر قراءة

"Soft landing" فرنجية : فتّش عن المحيطين "كفانا خسارة"! جنبلاط نسق مع بري وقطع الطريق على جعجع القوات تنتظر بري وناقشت كلّ الخيارات منها المقاطعة