ترانا وصلنا الى النقطة التي نسأل فيها: أيهما أفضل للبنان سوريا باليمين الايديولوجي أم اسرائيل باليمين الايديولوجي؟ اذ لاحظنا الغياب الأنكليزي عن المشهد الشرق أوسطي، نستعين بزميل عراقي يعمل في لندن. في رأي أصحاب الشان "كفى ايغالاً في الأوهام. لا مجال للحياد في منطقة تعيش، ربما منذ الأزل، بين سطوة الأساطير وسطوة الأديان. الخيار الوحيد الآن أمركة لبنان". ولكن أليس الطريق الى واشنطن اياه الى أورشليم؟
بذرائع مصطنعة، تعلن اسرائيل عدم انسحابها لدى انتهاء مدة الـ 60 يوماً التي لحظها اتفاق وقف النار. قد يكون الدافع الى ذلك الرهان على دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، وفي رأسه أفكار زلزالية حول المسارات الاستراتيجية للمنطقة، لا سيما حول خرائط سايكس ـ بيكو التي يعتقد وزير خارجيته ماركو روبيو أنها شاخت، ولم تعد تتواءم مع مقتضيات القرن.
لكن الثابت أن العيون الأميركية، والاسرائيلية، هي الآن على سوريا. لا مجال البتة لتبقى موحدة، ولا مجال لبقائها في قبضة رجب طيب اردوغان. في هذه الحال، الى أي مدى يمكن للجهود العربية، الخليجية بنوع خاص، أن تعيد سورية الى المنظومة العربية. هل، حقاً، هناك منظومة عربية، وأين مكانها في الأجندة الأميركية، وحتى في أي أجندة دولية، أو اقليمية، أخرى ؟ لنكن على شيء من الواقعية، ونقول ان الوضع العربي هو من الهشاشة، ومن الهلهلة، بحيث لا يمكن له استيعاب الحالة السورية، بتعقيداتها الجيوسياسية، وبالأيدي المرئية أو اللامرئية التي تتولى ادارتها.
نأخذ مثالاً الوضع في السويداء، وحيث اندلعت الثورة العربية الكبرى، عام 1925، والتي وحدت سوريا بقيادة سلطان باشا الأطرش. الآن، القوى الفاعلة في هذه المنطقة منعت القوات التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" من الدخول اليها. وقد لاحظنا كيف أن قيادة الادارة الجديدة التي انتهجت سياسة ثأرية ودموية في مناطق أخرى، لاذت بالصمت، لتعود القوات على أعقابها.
نعلم أن غالبية أهل السويداء ضد المنحى الايديولوجي (المنحى الأحادي البعد) للسلطة. ولكن من هي القوة الخارجية التي تغطي "التمرد". باتجاه الانفصال التدريجي، واقامة حكم ذاتي لا نعرف الى أين يمكن أن يمضي بهذه المنطقة، كما بكل سوريا، ليبقى سؤالنا الى أين نتجه اذا كان هناك رجل، بمواصفات كاليغولا، على رأس العالم، ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما في رأسه، مادام مستعداً، لتحقيق أفكاره، أن يفتح، حتى أبواب المكتب البيضاوي أمام... السيد الشيطان !
لبنان داخل الضباب. سوريا أيضاً، كذلك الشرق الأوسط. اذا كان هناك من يتفاءل بوجود الجنرال جاسبر جيفرز، كمفوض سام أميركي في لبنان، لا بد من التوقف عند نوايا بنيامين نتنياهو البقاء على الأرض اللبنانية، لا سيما حين توحي تعليقات صحف اليمين بأن لبنان، كما سوريا، على صفيح ساخن. ماذا يمكن لذلك الرجل أن يفعل بلبنان أكثر مما فعله، وهل يريد تدمير الجيش اللبناني مثلما دمر الجيش السوري، ونحن نحاول عبثاً أن نخرج من الركام، لنلاحظ أن ثمة يداً غليظة تصر على ابقائنا داخل الركام.
في هذا السياق، وبكل ما أوتينا من نوايا سيئة نسأل عن خلفية الاشتباكات التي حصلت عند الحدود بين بلدة معربون اللبنانية وبلدة سرغايا السورية. ثمة معلومات خطيرة لمن يعرف الحساسية الجغرافية، والطائفية، للبلدة، وتشي بأجواء منطقة عرسال عام 2014. حسناً اتصل الرئيس نجيب مبقاتي بقائد الادارة الجديدة أحمد الشرع. لكن لا شيء يوحي بالاطمئنان الى ما في رؤوس قادة الهيئة.
ما يصدمنا أن غالبية القوى السياسية تتعامل مع الوضع السوري بعيون عرجاء، وعبر المصالح الضيقة. أحياناً بتأثيرات ثارية. لبنان أمام احتمالات بالغة الدقة. على الأقل، الحد الأدنى من الوعي لانتخاب رئيس للجمهورية لا يملأ الفراغ بالفراغ، بعدما لاحظنا البعد الفضائحي، والبعد المكيافيلي، في الأداء السياسي العام، حيث ننتظر من القناصل، على أنواعهم، أن يصنعوا لنا رئيساً للدولة بمواصفات شاهد ما شافش حاجة...
لا نتصور أن باستطاعة هذا المجلس النيابي الذي هو نتاج قانون للانتخابات يمثل، وكما قلنا سابقاً، ذروة الهرطقة، أو ذروة الشعوذة، السياسية، يمكن أن يأتي برئيس على شاكلة آتيلا الجبار، وبصلاحيات فخرية أكثر منها صلاحيات عملانية.
اللافت هنا، وقد شاهدنا ما هي اسرائيل التي أثبتت ألاّ حدود لبربريتها، أن هناك جهات سياسية تتعامل مع المقاومة كفئة مهزومة، لا كفئة واجهت، أسطورياً، أعتى قوة في التاريخ، ولا بد من أن يكون الاستحقاق الدستوري بمثابة الضربة القاضية عليها، ودون أي اعتبار لاتجاه نتنياهو الى اقامة منطقة عازلة على شاكلة المنطقة العازلة في غزة، وفي سوريا، حتى أن مسؤولاً في منطقة الجليل يقترح أن تمتد المنطقة الى مسافة 45 كيلومتراً. حدود الأولي لا حدود الليطاني. من زمان والاسرائيليون يعانون من عقدة الأنهار في لبنان.
ونحن بين الاحتمالات السورية والاحتمالات الاسرائيلية، انتخاب رئيس للجمهورية (ونوعية هذا الرئيس) اختبار للمنظومة السياسية التي عليها أن تقدم شيئاً يذكر للبنان وللبنانيين. أقله الانتظام الدستوري والسياسي كخطوة أولى نحو الانتظام الاقتصادي والمالي...
يتم قراءة الآن
-
مصير الرئاسة والهدنة يحسمه هوكشتاين حزب الله: مُنفتحون على قائد الجيش... ولا «فيتو» سوى على سمير جعجع
-
هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها
-
إنتخاب الرئيس الخميس؟ "البصمة" لبري و "النكهة" أميركيّة هل يتمكّن جعجع من تطيير النصاب... والاعلان "الأمر لي"؟
-
الموفد السعودي حيّر الجميع: مُواصفات لا اسم... والخيار لكم... وننسّق مع قطر!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:32
هوكشتاين يزور رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في معراب
-
22:26
الخزانة الأميركية: الترخيص التجاري لسوريا "لا يجيز رفع الحظر عن أي ممتلكات محظورة"
-
20:34
هوكستين عقب لقائه ميقاتي: مازال لدينا 20 يوماً وسنستمر بالعمل الذي قمنا به لانسحاب الجيش الاسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني بمواكبة اليونيفيل
-
20:33
هوكستين عقب لقائه ميقاتي: سررنا بانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع الغربي وهذه الانسحابات ستستمر لتخرج إسرائيل بشكل كامل من الأراضي اللبنانية
-
18:03
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: نأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قريبا
-
17:19
هيئة البث الاسرائيلية: الجيش انسحب من القطاع الغربي في جنوب لبنان تمهيداً لانتشار الجيش اللبناني