اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



تعتبر "صناعة الجهل" من الممارسات الخبيثة التي تهدف إلى تعميق الجهل بين الناس وتعريضهم للتضليل والتلاعب. هي من أخطر الظواهر التي تؤثر في المجتمعات، حيث يتم فيها ترويج المعلومات الخاطئة وتضليل الناس من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها. يهدف مروجو هذه الصناعة إلى استغلال جهل الناس لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية على حساب الحقيقة والعدالة. فيتم استخدام هذه الطريقة في العديد من الحالات لخداع الناس وتوجيههم في اتجاه غير الحقيقة. تعتمد صناعة الجهل على استخدام أساليب متنوعة لترويج الأكاذيب والشائعات، مثل تضليل الحقائق وتشويه الصورة وتضخيم الأمور وتحريف الحقائق. كما يتم فيها استخدام الخطاب المتشدد والعنف اللفظي والإغتيال المعنوي وضرب الصيت لترويج الأفكار المغلوطة والتأثير في الرأي العام وإخضاعه كما يريد الزعيم.

يمكن لصناعة الجهل أن تؤدي إلى تأثيرات خطرة على المجتمع، حيث  انها تؤثر في القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ويمكن للأفراد الذين يعيشون في جو من الجهل أن يكونوا عرضة لأخطاء فادحة وقرارات خاطئة بسبب نقص المعرفة مما يزيد التعصب ويغذي النزاعات المذهبية والعرقية على حد سواء. وأكثر من ذلك قد تسبب صناعة الجهل في تشويه الحقائق وتقويض الديموقراطية وإحداث الشقاق والانقسام في المجتمعات. فعندما يتم تضليل الناس وترويج المعلومات الخاطئة، يصعب عليهم اتخاذ القرارات الصحيحة والتفكير النقدي والتمييز بين الحق والباطل، فيبقى المجتمع مخدرا لا يهمه الا ان ينجو من الخطرالإجتماعي والأمني (يزمط راسو وياكل). وهنا تبدأ مرحلة ترويض المجتمعات.

إذا، صناعة الجهل هي عملية متعمدة تهدف إلى تعميق الجهل والتخلف في المجتمع، وذلك من خلال منع الناس من الحصول على المعرفة والتعليم الصحيح. يعتبر هذا الأمر من أكثر الظواهر السلبية التي يمكن أن تؤثر في التطور والتقدم الاجتماعي والثقافي لأي مجتمع.

لمواجهة صناعة الجهل، يجب على الإنسان أن يحصن نفسه وأن يكون حذرا ويتحقق من مصدر المعلومات ويقوم بالبحث والتحقق قبل أن يصدق أي خبر أو معلومة. وينبغي للحكومات والمنظمات غير الحكومية أن تعمل على توعية الجمهور وتعزيز ثقافة البحث عن الحقيقة لعدم الوقوع في فخ التضليل.

على الأهل اولا دور كبير في زرع بذور الصدق في عقول أطفالهم  ثم تأتي المدرسة والجامعة لاستكمال عملية الزرع الصالح هذا في عقول النشء.

على المستوى المحلي، على وزارات التربية والثقافة والإعلام مسؤولية كبيرة لمواجهة صانعي الجهل والبدء بالعمل بجد واحترافية عالية لخلق محتوى ثقافي عالي الجودة يهدف إلى زرع بذور الوطنية في عقول أطفالنا وشبابنا من خلال مسابقات فنية وبرامج تعليمية تحاكي تراثنا وارثنا الثقافي من أدب وفنون على اشكاله وإدخاله في المناهج التعليمية. ايضا يجب على المسؤولين المبادرة اليوم قبل الغد الى جمع حاملي لواء الثقافة في هذا البلد وتحفيزهم من خلال تبني اعمالهم ودعمهم ماليا ونشر اعمالهم. على وزارة التربية في الأخص إعادة النظر بالمناهج المعتمدة من حيث الشكل والمضمون بحيث يتم جعلها عملية ومفيدة في الحياة بشكل افضل من خلال انتقال التعليم من التعليم ضعيف الفائدة والذي يعتمد على التلقين والحفظ الى التعليم الذي يعتمد على الابتكار وحل المشاكل وتحليل أسبابها والوصول الى حلول ناجحة على كل المستويات.

تجربتي تدفعني الى محاربة صناعة الجهل او ما بات معروفا بـ "علم الجهل" من خلال عدة خطوات:

تحفيز الناس الى الوصول الى التعليم ولدرجات عالية، عدم نشر الأفكار المتطرفة بل نشر كل ما هو صالح لبناء المجتمع، عدم التلاعب بمصداقية الإعلام بمعنى عدم تشويه صورة الناس بل الإضاءة على اعمالهم الجيدة مهما كانت صغيرة، عدم قمع الحريات بل والتشجيع على إبداء الرأي السياسي مهما كانت الآراء مختلفة واخيرا البحث عن المعرفة مهما كانت صعبة.

في النهاية، يجب أن ندرك أن صناعة الجهل ليست إلا سلاحا يستخدم لخدمة مصالح ضيقة، وعلينا أن نقاومها بكل قوة ونعمل على نشر الوعي والمعرفة في مجتمعنا للحفاظ على الحقيقة والعدالة والديموقراطية، وإلا فالخطر داهم.

الأكثر قراءة

هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها