اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لعلّ ملف إعادة الإعمار بعد العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، هو الوجه الآخر أو المكمِّل للصراع معه، فالمقاومة بوعدها والتزامها أمام بيئتها بإنجاز هذا الملف، تخوض مواجهة حقيقية وتحدّياً كبيراً لإتمامه وفق ما تُخطِّط له، نظراً للضغوطات الخارجية لمنعه والاستعداد الداخلي للاستجابة، لكن من الواضح أن هذا الموضوع غير قابل للنقاش لدى حزب الله، بحيث إنه بدأ به وسيُكمله حتى النهاية...

بسرعة قياسية وبحدود الشهر، أَنجز حزب الله الكشف على 200000 وحدة سكنية تقول المصادر، فهو قام بتقسيم الفِرق التي تعمل على الأرض، بحيث كل فِرقة لها دورها ومهامها على قاعدة أولوية تسريع عودة الناس الى بيوتها، فبين الهدم الكلّي والهدم الجزئي والترميم بكل مستوياته يتراوح المشهد العام ، لكن لم يَخلُ هذا المشهد من التفاصيل التي تحتاج الى النظر إليها وحلّها وفق آلية محدَّدة، هذه السرعة يُقابلها خلل وبُطء شديد في المهام التي تقع على عاتق الدولة، مثل رفع الركام الذي لم يتم حتى اللحظة ولم يُحدَّد موعد لإزالته، رغم رصد 25 مليون دولار له.

لا شك أن إعادة الإعمار ليست  بالملف السهل على المقاومة، خاصة بمقارنته مع عام 2006 ، من زاوية حجم الدمار المُضاعَف والظروف والتحديات والضغوطات، رغم أنها كتجربة تمت الاستفادة منها وكانت منطلقاً للعمل اليوم، وبما أن لكل منطقة خصوصيتها من الجنوب مرورا بالضاحية ووصولا الى البقاع، كان لا بدّ من التحدث عن سير العمل في كل منطقة على حِدَى. ففي جنوب لبنان وتحديداً جنوب النهر، يقول منسِّق "جهاد البناء" جنوبي النهر المهندس هيثم زيات إن هذه المنطقة مقسَّمة الى ٩ قطاعات، باعتبار أن صُور تم تقسيمها الى قسمين: صور المدينة وضواحي صور، عدا أن قسماً من هذه المنطقة الموجودة في الحافة الأمامية، أي من الناقورة باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، لم يتم بعد مسح الأضرار فيها بانتظار انتهاء مهلة الـ 60 يوماً، لكن هناك رقم تقديري للمباني والبيوت المدمَّرة التي تصل أعدادها الى حوالى 5500 ، والتي توازي بعددها المباني والبيوت التي تم مسحها حتى اللحظة في المنطقة التي تقع في نطاق جنوب النهر من القاسمية الى ما قبل الناقورة.

بعد مسح الأضرار يُمكن تقسيم حجم الضرر الى ثلاثة وفق المهندس هيثم زيّات:

١-  هدم كلي، والذي بلغ عدده 5500 بين مبان وبيوت.

٢-  هدم جزئي، الذي بلغ عدده حتى اللحظة بعد الفحص الإنشائي 850 مبنًا وبيتًا، تم رفع الاستمارات الخاصة بها الى اللجان المختصة، لتُحدِّد كيفية المعالجة بين تدعيم وترميم وهدم، ومن الممكن أن يصل العدد الى 1000 بعد استكمال المسح.

٣ ـ ترميم بمستويات مختلفة ويكون بدل الإيواء مرتبطاً بمدته، حتى أنه تم تشكيل لجنة اعتراض لإعادة النظر بالتعويضات، في حال كان هناك أناس مغبونون.

يقول زيّات إنه خلال شهر ووفق عدد المهندسين العاملين على الأرض، والذي يبلغ عددهم 650 وخاصة باستمرار عملهم بالوتيرة نفسها، تم مسح الأضرار بهذه المنطقة بشكل كامل، أي 120 بلدة من أصل 160 (40 قرية حدودية) فحتى اللحظة تم رفع 60000 استمارة وقبض 15000 ، ومن المتوقَع الوصول الى 100000 عند الانتهاء، وبما أن الأولوية هي عودة الناس الى بيوتها، بدأ العمل بالبيوت التي لا تحتاج الى وقت طويل لإصلاحها، أما إعادة الإعمار من جديد فهي ستبدأ بعد ثلاثة أشهر، وهناك دقة بإعادة المبنى كما كان عليه قبل استهدافه وتحديداً المباني التي كانت جديدة من الأساس.

أما عن الجنوب وأهله... فإعادة إعماره تتخطى مسألة التعويضات من الناحية المادية، الى فكرة البقاء والثبات والإصرار والصمود في الأرض التي عادوا إليها ، ليَرفعوا ركامها ويُعيدوا بناءها من جديد ، ليرى العالم تجذّرَهم بأرضِهم التي لم ولن يستطيع أحدٌ اقتلاعَهُم منها...

الأكثر قراءة

هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها