هكذا نحن بـ "هالكم أرزة العاجقين الكون"، لا نستطيع أن نصنع رئيس جمهورية، ولا رئيس حكومة. امكاناتنا الاستراتيجية تتوقف عند حدود صناعة هيفاء وهبي، وميريام فارس، ومايا دياب. في هذه الحال، كيف لنا أن نصنع دولة، حتى ولو كان بمواصفات عنترة بن شداد، أو حتى بمواصفات آتيلا الجبار؟
دونالد ترامب على بعد خطوة من البيت الأبيض. في كل أرجاء الدنيا كلام من قبيل "حين يكون هذا الرجل على رأس الكرة الأرضية، لا بد أن نتوقع الأسوأ". مصيبتنا في الشرق الأوسط أننا سنكون بين الجنون الأميركي والجنون "الاسرائيلي". هل من أحد يعلم الى أين يمكن أن يمتد وجود "اسرائيل"؟ بانتظار أن يأتي الينا مسعد بولس بالخبر اليقين حول ما ينتظر لبنان، وان كان واضحاً أن الغالبية قي "اسرائيل" تجنح توراتياً أكثر فأكثر...
ولكن هل كان لنا برئيس جمهورية لو لم تكن هناك رغبة ما بانتشال لبنان من الخراب، وقد دفعتنا اليه الصراعات الجيوسياسية التي انتهت بنا الى حرب لا شك أنها غيّرت الكثير في المشهد اللبناني كما في المشهد الشرق الأوسطي. لكن هذا لن يكون لمصلحة من راهنوا على الوصول على جثث رجال المقاومة، ان الى القصر أو الى السراي. ليس خفياً على أحد أن البعض عندنا يمارس السياسة بطريقة الخفافيش. هذا النوع من الضحالة في الأداء لا يليق حتى بالذبابة.
ندرك ما هي أميركا وما تأثيرها في العالم، كما ندرك ما هي السعودية وما تأثيرها في العالم العربي. شئنا أم أبينا نحن بحاجة الى الأميركيين لاستقرار لبنان، دون اغفال العلاقة العضوية بين واشنطن و"تل أبيب"، مثلما نحن بحاجة الى السعودية ليس فقط لانتشالنا من القاع المالي والاقتصادي، وانما أيضاً لأن المملكة التي تحاول الحد من السيطرة التركية على سورية ، قد تقف الى جانبنا في مواجهة ذلك الاسلام الذي ترعرع اما في الكهوف أو في الأقبية.
منذ أن قطع الرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت، العائد من مؤتمر يالطا مع كل من جوزف ستالين وونستون تشرشل (شباط 1945)، نصف المعمورة وهو يحمل في ساقيه 7 كيلوغرامات من الحديد، ليلتقي الملك عبد العزيز آل سعود على متن المدمرة كوينسي في قناة السويس، نشأت تلك الثنائية بمفاعيلها العاصفة، والتي كان لها تأثيرها في العديد من المسارات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
لبنان بين قبعة الكاوبوي والكوفية السعودية. يوم أمس، قائد المنطقة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا، ورئيس لجنة مراقبة وقف النار الجنرال جاسبر جيفرز، والسفيرة ليزا جونسون في قصر بعبدا. تزامناً مع نقل القناة 12 "الاسرائيلية" عن مساعدين لترامب، أن هذا الأخير يريد أن يرى استمرار وقف النار في لبنان. ولكن ألم يحذّر وزير الخارجية الفرنسي السابق أوبير فيدرين من "العشق الأميركي". في هذه الحال ما الثمن؟ الأميركيون والسعوديون الذين ننتظر وصول وزير خارجيتهم الأمير فيصل بن فرحان الى بيروت، يدركون مدى هشاشة الوضع اللبناني وقابليته للانفجار، لندخل في مرحلة من الاستقرار وربما النهوض، وان كنا نتوقع تطورات محورية على مستوى المنطقة.
لا مجال للدوران داخل الحلقة المفرغة. الشرق الأوسط، وفي غياب أي قوة أخرى، لا يستطيع الافلات من القبضة الأميركية. هذا ما ينسحب على رجب طيب اردوغان، الذي لم يتخلّ عن حلمه باحياء السلطنة، وقدّم سورية على طبق من الفضة لبنيامين نتنياهو. من زمان قال له الصحافي جنكيز تشاندار "لا تضع رأسك في السلة الأميركية لأنها، في نهاية المطاف، السلة الاسرائيلية". أين هو الآن بين واشنطن و"تل أبيب"؟
الآن، أضيئت الأنوار في قصر بعبدا. رجل قال لنا أنه لن يحكم بالصهر، ولا بالأبناء والأشقاء ولا بالأزلام. من اللحظة الأولى للاستقلال واللعبة الدولية تأخذ مجراها في اختيار الرئيس. المهم أي نوع من الرؤساء الآن. خطاب القسم يختزل شخصيته التي تعرفنا عليها منذ أن كان على رأس المؤسسة العسكرية، وقد أخرجها من الثقافة العثمانية، ليظهر ذلك بوضوح في امتحانات المدرسة الحربية، وحيث المعيار الوحيد هو الكفاءة. هو من أخرج الفرّيسيين (سماسرة ملوك الطوائف) من الهيكل. عسى أن يتكرر المشهد ذاته وهو على رأس الدولة.
هذا لا ينفي أن البلاد في حالة كارثية من التصدع السياسي (ودون أن يكون ذلك دليلاً على اللعبة الديموقراطية)، ومن التصدع الطائفي، بفعل ملوك الطوائف الذين بذهنية أكلة لحوم البشر بتحويلهم البلاد الى ركام سياسي، وركام مالي، وركام اقتصادي، لكأننا داخل مقبرة لا داخل دولة. أوركسترا مبعثرة، فهل لعصا المايسترو أن تعيد ترتيب الكراسي، أي اعادة ترتيب الرؤوس بحيث لا نبقى داخل تلك المتاهة؟
هي عصا الجنرال. رهاننا ليس على الصلاحيات التي أحاطت رئيس الجمهورية بالأسلاك الشائكة. رهاننا على شخصية الرئيس حين يكون فوق الزبائنية وفوق المحاصصة. وليكن تشكيل الحكومة هو الاختبار الكبير، لأننا مللنا من الرؤوس العفنة ومن الوجوه العفنة، حيث لا يكون الوزراء الدمى، ولا يكونون الظلال، بل أعضاء في غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة.
من زمان، الزمن اللبناني في غيبوبة. ولقد آن الأوان، ونحن عند مفترقات كبرى، لكي يستيقظ!!
يتم قراءة الآن
-
«الثنائي» يعتبر تكليف سلام دون الميثاقيّة الشيعيّة محاولات لتصحيح الخلل بالتأليف لمنع عرقلة انطلاقة العهد الحزب يتحدث عن «كمين»... وبري: لن نستسلم للأمر الواقع
-
عصا الجنرال
-
مَن عليه أن يخاف من الثنائي عون ــ سلام !
-
أوساط رفيعة المستوى في الثنائي الشيعي لـ "الديار": تسمية نواف سلام إنقلاب على التوافق... وتصعيد دولي ومحلي ضدّ حزب الله "الثنائي الشيعي" يتشاور ويتريّث ويدرس خطواته ويترقب: "كل شي بوقتو حلو"!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:59
الرئيس عون: علينا توجيه رسائل إيجابية الى الخارج بأن لبنان قادر على حكم نفسه وتنفيذ إعادة الاعمار بشفافية وبناء دولة ننادي بها جميعا
-
14:00
الجيش الإسرائيلي نفّذ تفجيراً كبيراً وسط بلدة ميس الجبل
-
13:55
جريحان في الدوير في انفجار اجسام من مخلفات العدوان الاسرائيلي
-
13:54
قوات الحدود العراقية: أخرجنا عناصر من قوات سوريا الديمقراطية كانوا موجودين في نقطة داخل حدود البلاد
-
13:52
أ.ف.ب عن مصادر مطلعة على المفاوضات: المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في غزة ستشمل إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني
-
13:35
يستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رئيس الحكومة المكلف نواف سلام عند الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم الثلاثاء في دارته في بيروت