اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بعد تلك الصدمات والجراح من القريب والبعيد، وفي بلد يقوم على الزبائنية وعلى التبعية، ألا يحق لحزب الله أن يتوجس مما يحاك، ومما يحكى في الظل؟ نائب "تغييري" عرف بانغلاقه الطائفي وبضحالته السياسية، بشّر بعض زملائه باقتراب موعد ترحيل قيادة الحزب ومقاتليه، ملاحظاً أن سوريا و"اسرائيل" تدعمان هذا الاتجاه، لا وبل ترحيل الطائفة الشيعية، ليعقب ذلك توطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.

من الكلام اياه تدمير سلاح حزب الله كما تم تدمير السلاح في غزة وفي سوريا، كذلك تدمير الامكانات السياسية والعسكرية لكل من يعادي "اسرائيل" بالمشروع التوراتي، وانشاء "اسرائيل الكبرى". دونالد ترامب يريدها "اسرائيل العظمى" كرديف اقليمي لـ"أميركا العظمى"!

مرة أخرى، نثبت اننا الدمى بين لعبة الأمم ولعبة القبائل. يا لسذاجة الذين يصفون الضربة المسرحية (Coup de theatre) يوم الاثنين بكونها "شغل محلي". العشرات قالوا صباحاً بترشيح نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة العهد الأولى، كلفتة امتنان لادارته المرحلة السابقة بكل أهوالها، وبعد زيارته الوالي العثماني في دمشق والباب العالي في أنقرة. فجأة مالت الدفة الى نواف سلام، ليعلق نائب بيروتي بأن الهدف التالي هو نبيه بري، وطرد الشيعة من بيروت والضاحية، وحتى طردهم من لبنان، بعدما تحولوا الى مشكلة في الطريق الى السلام. الـ Pax Americana أم الـPax Israeliana ؟

هكذا يتم تفجير أول قنبلة في وجه رئيس الجمهورية. بالطبع بالامكان الاتيان بوزراء شيعة من أصحاب الكفاءة، والذين استبعدوا في "المرحلة البائدة" لأنهم يحملون أفكاراً لا تتسق والمنحى الايديولوجي أو السياسي لحزب الله. لكن الكثيرين من هؤلاء يرفضون أن يطعنوا الحزب، وفي هذا الوقت بالذات في الصدر، وبعدما سقط الآلاف من مقاتليه في مواجهة "اسرائيل"، كما قضى الآلاف مما يدعى "البيئة الحاضنة" تحت الأنقاض كضحايا لأكثر البربريات وحشية في التاريخ.

غالبية اللبنانيين احتفت بانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، كخطوة أولى نحو ابعاد المنظومة السياسية التي انتقلت بالبلاد من خراب الى خراب. ولا شك أن نواف سلام يمتلك كل المؤهلات العلمية والأخلاقية ليكون رجل دولة من الطراز الرفيع. المشكلة ليست بالرجل، الذي بدأ مسيرته بالخندق مقاتلاً ضد "اسرائيل"، ليصل الى رئاسة أعلى محكمة دولية، ويقضي باعتقال بنيامين نتنياهو، وحتى باعتقال "اسرائيل".

لكن ما أثار الشكوك هو حول هوية من اختاروه، وما يمكن أن يطلبوا منه تنفيذه بعدم التعاون مع حزب الله لنزع شرعيته السياسية، وان كان الحزب يستمد شرعيته بالدم من الأرض، ليطلب منه وضع سلاحه على الطاولة، لكي يلتحق لبنان بدومينو التطبيع، وفور أن يظهر أحمد الشرع يداً بيد مع بنيامين نتنياهو على سفوح جبل قاسيون.

من الطبيعي أن تصل الهزات الارتدادية للزلزال السوري الى هياكلنا العظمية، اذا أخذنا بالاعتبار أي نوع من الرجال على رأس السلطة هناك، ليحدث التداخل بين القوى المحلية (في لبنان) والقوى الخارجية، حول اعادة صياغة المسار الاستراتيجي للدولة اللبنانية. وقد لاحظنا كيف لم يرف جفن لأي من القادة الجدد في دمشق، حين كانت "اسرائيل" تدمر كل أسلحة، وكل المراكز العلمية والعسكرية للجيش السوري، وحين كانت الدبابات "الاسرائيلية" تحتل جبل حرمون وصولاً الى القنيطرة ودرعا، كما لو أنها ممتلكات وأراضي الرئيس المخلوع، لا ممتلكات وأراضي الدولة السورية.

ما نخشاه الآن أن يكون هناك، وبالتواطؤ بين الداخل والخارج، من يخطط لافتعال صدام ما يكون ذريعة لحصار حزب الله عسكرياً، بعدما ظهرت بوضوح ملامح حصاره سياسياً، خصوصاً مع التداخل السياسي والاستراتيجي بين دمشق و"تل أبيب"، ومع اعتبار قوى داخلية أن الوقت مثالي للانقضاض على الحزب (وهذا رأي مستشار بارز لرئيس أحد الأحزاب)، وانهائه سياسياً وعسكرياً، دون ادراك أن عملية من هذا القبيل، تعني ازالة لبنان بقضه وقضيضه.

هذا ما يدخل في الحلم التوراتي اذا قرأنا المزمور 9 / 29 ـ 6 "صوت الرب يحطم أرز لبنان. يجعل لبنان يقفز قفز العجل". وهذا يعني أن لبنان رغم عظمته، يرتعد أمام صوت الرب.

بالفم الملآن وصف "الحاخام" الأكبر للاشكناز ديفيد لاو بنيامين نتنياهو بكونه "يجسد صوت الرب".

رئيس جمهورية من خارج الاوليغارشيا، كذلك رئيس للحكومة، ويلتقيان في الرؤية وفي الأداء. الأول قال أمام وفد المجلس الشيعي الأعلى برئاسة الشيخ علي الخطيب "اذا انكسر مكون ينكسر لبنان بأسره". الثاني مد يديه (بالحركة)، وقال "لست من أهل الاقصاء بل من أهل الوحدة والشراكة". كلام للداخل وللخارج، وحيث هناك من كان يراهن على لغة مختلفة وعلى دور مختلف، واضعاً كرة النار على باب القصر وعلى باب السراي بالضربة المسرحية اياها.

المسألة تحتاج الى خطوة ما للخروج من أجواء يوم الاثنين. الاتصالات بدأت. الأيدي البيضاء كثيرة وقليلة...

الأكثر قراءة

كيف أبعد تيمور و"المملكة" جنبلاط الأب عن بري وميقاتي!