شكل خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون بارقة أمل للبنانيين الذين يعقدون الآمال على ما تضمنه هذا الخطاب باعتباره خارطة طريق للخروج من الأزمات المتتالية التي تضرب لبنان منذ حوالى خمس سنوات من مالية واقتصادية ونقدية واجتماعية وسياسية ايضاً.
والسؤال هنا هل سيتمكن الرئيس عون من تطبيق ما ورد في خطاب القسم في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه العهد وما هو المطلوب لذلك وهل سيتمكن لبنان من الخروج من النفق المظلم ليطوي صفحة سوداء وينطلق إلى صفحة جديدة بيضاء حافلة بالانفراجات والحلول للخروج من الأزمات؟
في هذا الإطار يقول الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث للديار :
برزت في خطاب فخامة الرئيس جوزاف عون رؤية اقتصادية وتنموية شاملة تهدف إلى إصلاح البنية الاقتصادية وتجاوز الأزمات الحالية، فقد دعا الرئيس إلى تغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية لمعالجة الفقر والبطالة، مع التركيز على إدارة فعّالة للدين العام وتحسين إعداد الموازنات المالية، مع ضمان منع الهدر وتعزيز الرقابة. كما أكد التزامه بإعادة هيكلة الإدارة العامة لجعلها حديثة ورشيقة وفعالة، داعمة للقطاع الخاص ومكافحة للاحتكار.
ولفت الخوري إلى أن الخطاب شدد على أهمية الشفافية في النظام المصرفي، وضمان حماية أموال المودعين، مع تبني حوكمة سليمة تعزز الثقة المحلية والدولية، "وأبرز الرئيس ضرورة تشجيع الاستثمارات من خلال إصلاح القضاء وتوفير بيئة اقتصادية تحفز المنافسة وتحمي حقوق المستهلكين، مع تطوير شبكات الأمان الاجتماعي وتحسين الخدمات الصحية".
ورأى الخوري أن الخطاب حمل توجهاً نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والمجتمع الدولي، مع رؤية لاستقطاب الاستثمارات والسياحة والتعاون الإقليمي، بما ينسجم مع مبادئ الحياد الإيجابي والانفتاح. كما أعطى أولوية للاستثمار في التعليم والبنية المعرفية لدعم الاقتصاد الإنتاجي، مؤكداً التمسك بالاقتصاد الحر والملكية الفردية.
و اعتبر الخوري أن هذه الرؤية الطموحة تواجه تحديات كبرى، أهمها الأزمة المالية العميقة التي تشمل انهيار العملة الوطنية وشح السيولة وارتفاع التضخم، ما يحد من قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات سيما أن لبنان يعاني أيضاً من ترهل الإدارة العامة وضعف الكفاءة، ما يتطلب جهداً طويل الأمد واستثمارات كبيرة لإصلاح هذه المؤسسات واعتماد نظم إلكترونية حديثة.
ويتوقع الخوري ان أزمة الثقة بين المواطنين والدولة، وكذلك بين لبنان والمجتمع الدولي، تضيف مزيداً من التعقيد إلى المشهد، حيث يعتمد نجاح الإصلاحات بشكل كبير على استعادة هذه الثقة من خلال نتائج ملموسة وسريعة.
كما يرى الخوري أن التداخل بين السياسة والاقتصاد يشكل عقبة رئيسية، حيث يعاني النظام اللبناني من المحاصصة الطائفية التي قد تعيق تنفيذ قرارات جذرية. إضافة إلى ذلك، الفساد المؤسسي والمصالح الفئوية الراسخة قد تؤدي إلى مقاومة قوية للإصلاحات من قوى سياسية واقتصادية مستفيدة من الوضع الحالي، لافتاً أن لبنان يواجه أيضاً ضغوطاً إقليمية ودولية، حيث ان أي تعثر في العلاقات مع الدول المانحة أو المجتمع الدولي سيؤثر سلباً في تأمين التمويل اللازم للإصلاحات.
وتحدث الخوري عن التحديات الاجتماعية المتمثلة بارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي تضيف عبئاً على كاهل الدولة، حيث يطالب المواطنون بحلول فورية وملموسة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع المصرفي من أزمة وجودية، وإصلاحه يتطلب وقتاً وجهوداً مكثفة قد تؤثر في المواطنين بشكل مباشر. إضافةً إلى ملف النازحين السوريين الذي يشكل ضغطاً هائلاً على البنية التحتية والخدمات، ويتطلب حلاً ديبلوماسياً وإقليمياً فعّالاً. علاوة على ذلك، الأزمات البيئية المتراكمة، مثل تلوث المياه وأزمة النفايات، تمثل تحدياً للتنمية المستدامة.
لكن يلفت الخوري أنه رغم هذه التحديات، يطرح الخطاب رؤية طموحة تستدعي إرادة سياسية صلبة، تعاوناً داخلياً ودولياً، وقدرة على اتخاذ قرارات جذرية وغير شعبية إذا لزم الأمر لتحقيق الأهداف المرجوة معتبراً أن نجاح هذه الرؤية مرهون بوجود توافق وطني وتضافر الجهود بين جميع الأطراف السياسية والاجتماعية لإعادة بناء الدولة وتعزيز الثقة في مؤسساتها.
لكن في الوقت نفسه يشير الخوري إلى أنه رغم الطموحات الكبيرة، يواجه هذا المشروع تحديات متعددة، أبرزها استمرار الانقسام السياسي، وتغلغل الفساد في مؤسسات الدولة، والتدهور الاقتصادي المتراكم، إضافة إلى التداعيات الإقليمية والدولية التي قد تعيق الجهود الإصلاحية. كما أن تطبيق الحوكمة الرشيدة وضمان استقلالية القضاء يشكلان امتحاناً حقيقياً لقدرة الدولة على استعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي، وهو ما يتطلب إرادة سياسية جماعية وتعاوناً فاعلاً بين مختلف الأطراف.
يتم قراءة الآن
-
ماكرون يُـنسق مع بن سلمان لمنع «تفخيخ» انطلاقة العهد لقاء بري ــ سلام : «الابواب غير مقفلة» امام التفاهمات ادعاءات جديدة في تفجير المرفأ والقرار الظني في نيسان؟
-
لا تقطعوا رؤوس بعضكم بعضا
-
هل يُعيد حزب الله "حساباته الداخلية" مع حلفائه و "خصومه" السنة؟
-
تشكيل الحكومة يبدأ من اليوم... ويريد رئيسها المكلّف أن تكون للقاء لا للإقصاء "أمل" و حزب الله يشاركان فيها وفق شكلها ورؤيتها باجتماع بري مع سلام
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:52
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام: استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في لبنان ينتهك القرار 1701 ونحث إسرائيل على الانسحاب من لبنان بنهاية الفترة المتفق عليها
-
21:02
جميع اللوائح عن تشكيلة الحكومة التي يتم توزيعها هي غير دقيقة وبعيدة عن الحقيقة لأن التوجه هو لاحترام فصل النيابة عن الوزارة واستبعاد الشخصيات الحزبية.
-
20:30
القناة 12 الإسرائيلية: الجيش يستعد لتنفيذ الصفقة عبر خطة دفاعية في غزة وتعزيز قواته في الضفة الغربية
-
20:14
شهيدان ومصابون في غارة إسرائيلية استهدفت حي التفاح شرق مدينة غزة
-
20:11
مصدر خاص للميادين: سيتم تأجيل الإفراج عن جميع المعتقلين بعد 7 تشرين الأول بمن فيهم مقاومو الحزب إلى المرحلة الثانية
-
20:08
برّي لـ الجديد عن إشراك الثنائي الشيعي في الحكومة: عندما يعرضُ علينا الرئيس المكلف الأسماء نوافق إذا كان الشخص كفوءًا، ونرفضه إذا لم يكن كفوءاً "حتى لو كان خيي"