اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يقتل جنود الاحتلال ابناء القرى الجنوبية يوميا بدم بارد، وغاراته ازدادت عنفا. بالامس استشهد ثلاثة شبان ولا من يبالي، فقد تحول الخبر الى روتين يومي، ومجرد ارقام تصدر دون اسماء عن وزارة الصحة. لا مكان لهذه المقتلة في جلسات الحكومة او في يوميات المسؤولين، وكأن هؤلاء مجرد اناس لا يستحقون الحياة، وموتهم لا يعني احد سوى اسرهم وبيئتهم، اما باقي الوطن فبعضه مشغول بالاعداد لمهرجانات الصيف والموسم السياحي، وبعضه الآخر مشغول بالتحريض على المقاومة، وبعض مسؤوليه متلهف لارضاء الخارج بتقديم فروض الولاء بدل وضع اولويات وطنية وتسريع خطط الاصلاح الضرورية والتي تسير «كالسلحفاة». في جلسة الحكومة امس غابت حماوة التصريحات التي تولى اطلاقها رئيس الحكومة سلام ووزير الخارجية يوسف رجي. نجح رئيس الجمهورية جوزاف عون في سحب فتيل التوتر وجنّب بذلك مجلس الوزراء الانقسام السياسي بعدما طلب من رئيس الحكومة في لقاء جانبي ابقاء هذا الملف خارج الحكومة كيلا تنفجر من الداخل، بعدما نمي اليه ان الوزراء المحسوبين على «الثنائي» يريدون اثارة الملف من زاوية سؤال رئيس الحكومة عن اسباب التصعيد الذي تولاه مع وزير الخارجية، وابلغه انه تولى الاتصال بالمعنيين لتلافي الانقسام. وقد عبر وزير الاعلام بول مرقص، بعد الجلسة عن هذا الموقف بالقول» ان ملف السلاح مهمة منوطة برئيس الجمهورية».

خلاف على الاولويات

وهنا يبرز الخلاف بين رئيس الحكومة وفريقه السياسي مع حزب الله على الاولويات، فالحزب اعاد تذكير من يراجعه بالملف ان اعادة الاعمار، وحماية لبنان، وتحرير الارض، ومتابعة ملف الاسرى، ووقف الاعتداءات، هي اولوية وبعدها يأتي النقاش حول استراتيجية الأمن الوطني. والان الكرة في ملعب رئيس الحكومة الذي يجب ان يقوم بخطوات حسن نية اقله من خلال تقديم اشارات جدية في ملف اعادة الاعمار؟

اتصالات عون

وكان رئيس الجمهورية قد أكد ان الإجراءات التي يتخذها الجيش للانتشار جنوب الليطاني تنفيذًا للقرار 1701، ولفت الى ان عدم انسحاب إسرائيل من التلال الخمس، واستمرار الاعمال العدائية ضد لبنان، وعدم عودة الاسرى اللبنانيين، من شأنها عرقلة استكمال انتشار الجيش حتى الحدود. وأوضح الرئيس عون انه يواصل اتصالاته مع الجهات العربية والدولية للضغط على إسرائيل لتنفيذ بنود اتفاق وقف الاعمال العدائية، ما يسمح بالتالي للجيش اللبناني بتحقيق مهمته للانتشار على كامل الحدود الجنوبية.

ماذا تحمل أورتاغوس؟

في هذا الوقت، تجددت حملات التهويل الاميركية، عبر تسريب معلومات عن سقف مرتفع تحمله المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي يفترض ان تزور بيروت في نهاية الأسبوع المقبل، لا تأكيد رسمي على الموعد، حاملةً سلة مقترحات ومنها التحاق لبنان بسورية باتفاقات السلام مع إسرائيل، وذلك من ضمن اقتراحات لحل عدد من الملفات الشائكة، في مقدمها ملفا اللاجئين السوريين والفلسطينيين. ووفق المعلومات، تحمل أورتاغوس أيضًا مقترحات تتعلق بالإصلاحات، وترسيم الحدود، وحصرية سلاح حزب الله والمخيمات بيد الدولة، وملف إعادة الإعمار. وهذه المقترحات الأميركية ستُقدَّم، بسقف عالٍ، مع مهلة زمنية محددة للبنان لتنفيذ ما يتوافق عليه، تحت طائلة المسؤولية في المرحلة المقبلة، وهذه المرة تحمل اورتاغوس ورقة ضغط جديدة عنوانها التهديد برفض التجديد لمهمة قوات «اليونيفيل»، كما هي الان، والاتجاه إلى استبدالها بقوة جديدة تعكس تركيبة لجنة مراقبة الهدنة.؟!

تسريبات متناقضة

 وفي خبر لافت، يناقض التسريبات الداخلية حول وجود عدم رضا اميركي عن بطء الدولة في معالجة ملف السلاح، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم: «فوجئنا بالتقدم المحرز للجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله» كما زعمت ان «الحزب» تنازل عن السيطرة الأمنية بمطار بيروت. وكان سلام اعاد بالامس التاكيد على أن الدولة يجب أن تحتكر السلاح في جميع الأراضي اللبنانية. وفي حديث للصحيفة نفسها، كشف سلام أن الحكومة اللبنانية حققت ما يقارب 80% من أهدافها في نزع سلاح الميليشيات جنوب البلاد.  وأضاف رئيس الحكومة: لا نريد وضع البلاد على مسار الحرب الأهلية ولكننا ملتزمون بتوسيع سلطة الدولة وتعزيزها.

تحذير من «اليونيفيل»

من جهته، حذر رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو خلال الاحتفال باليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، من تدهور الاوضاع الامنية، واشار الى ان الوضع على طول الخط الأزرق لا يزال متوترًا وغير متوقّع، مع انتهاكات متكرّرة والخوف من مخاطر أي خطأ قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه»، مضيفاً انه «من خلال آليات الارتباط والتنسيق الخاصة بنا، فإننا نوفّر قناة للحوار وتهدئة الأوضاع، ونساهم في بناء أسس لإمكان إيجاد حلّ». وشدد رئيس بعثة اليونيفيل على «ضرورة وجود عملية سياسية»، مشيرًا إلى أن «الطريق إلى السلام في جنوب لبنان هو طريق سياسي، وعلينا جميعًا العمل على تهيئة الظروف المناسبة لحلّ مستدام وطويل الأمد». كما أكد  أن النقاط الحمس التي تحتلها اسرائيل في جنوب لبنان تعيق انتشار الجيش اللبناني.

احتمالات التصعيد

اما ما تخشاه قيادة «اليونيفيل»، فهو خروج الامور عن السيطرة جنوبا في ظل التقلبات الميدانية التي قد لا تقتصر كما هي الان على الاعتداءات الاسرائيلية، في ظل تقلبات في الوضع الاقليمي قد تدفع الامور نحو تصعيد مفاجىء على نطاق واسع. والوضع السياسي في لبنان يساعد ايضا على ذلك، فمن الواضح ان الدوائر الاسرائيلية والاميركية لا تنظر بارتياح لنتائج الانتخابات في الساحة الشيعية، حيث استطاع «الثنائي» اثبات قدرته التمثيلية دون اي منازع، او معارضة جدية داخل بيئته.

تدفيع الشيعة الثمن؟

 وكانت الرهانات على تسجيل خرق كبير في البيئة الشيعية، بعد الضغط الذي مورس على الحزب من خلال منع وصول المساعدات المالية إليه عبر مطار بيروت، أو عبر أي ممر آخر. وربط اعادة الاعمار بتسليم السلاح. لكن تبين ان هذه الاستراتيجية فاشلة، ويبدو انها تحتاج الى تعديل قبيل الانتخابات النيابية المقبلة. ولهذا فان الايام والاشهر المقبلة ستشهد تصعيدا نوعيا قد يكون «اول الغيث» التصعيد الاسرائيلي الواضح، بعد ساعات من انتهاء الانتخابات البلدية، وغارات الامس نموذج قد يتوسع كما ونوعا. والان تسعى اسرائيل واميركا لتدفيع البيئة الشيعية الثمن بعدما أثبتت تمسكها بالسلاح والمقاومة، الأمر الذي سيدفع بالإدارة الأميركية الى ممارسة المزيد من الضغط على الدولة اللبنانية للقيام بتجريد الحزب من سلاحه، ما سيفتح الساحة على كل الاحتمالات. ولا يبدو أن المهمة ستقوم بها المؤسسة العسكرية، مع الإصرار الدائم لرئيس الجمهورية جوزاف عون بعدم خوض أي معركة في هذا الإطار، فان واشنطن تعود للتلويح بالحرب عبر «اسرائيل».

تاثير الملف النووي

كما تتخوف قيادة «اليوينفيل» من تاثير الاحداث الخارجية في الوضع الميداني جنوبا، فـ»إسرائيل» تسعى إلى إفشال المفاوضات الاميركية-الايرانية، وتبذل الجهود كافة لجرّ أميركا نحو الحرب المباشرة مع إيران. وثمة خشية من ألا تكون الساحة اللبنانية بعيدة عن التصعيد المحتمل.

اوراق نتانياهو؟

ووفق صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية، فان نتنياهو يبقي الأوراق قريبة من صدره حين كان في طريق عودته إلى إسرائيل بعد لقائه العاجل في البيت الأبيض في نيسان، لكنه قال إنه لن يوافق على اتفاق مع إيران إلا إذا كان على «النموذج الليبي»؛ أي تفكيك كامل لمنظومة التخصيب الإيرانية كلها. وأعلنت طهران منذ زمن بعيد أن هذا غير وارد، ونتنياهو يعرف أنه يصعب جدًا إخضاعهم. وبالتالي، فإن نتنياهو وأبواقه يكررون أنه باستثناء مثل هذا الاتفاق، على النمط الليبي، فإن إسرائيل ستهاجم وتدمر المشروع النووي الإيراني. ويدعي نتنياهو بأن هشاشة إيران لن تستمر لزمن طويل، والتوقيت مناسب للهجوم. ومن ناحية الولايات المتحدة، السطر الأخير هو أن إسرائيل تستعد لهجوم في إيران حتى بعد إبلاغ ترامب لنتنياهو معارضته للهجوم! وكثيرون في اسرائيل واثقون من أنه حتى لو هاجمت إسرائيل بدون إذن أميركي وبدون تنسيق ومساعدة، فإن الولايات المتحدة سـتأتي لحمايتها في كل الأحوال، خصوصًا مع رد إيران على الهجوم.

تصعيد اسرائيلي عنيف

ميدانيا، تصاعدت الاعتداءات الاسرائيلية امس، وشن الطيران الحربي المعادي غارات عنيفة بين بلدتي سجد والريحان، ووادي برغز، قضاء حاصبيا، وقرية تبنا قضاء صيدا، وكذلك شنت غارة بين بلدتي عين قانا وكفرفيلا، وغارة ايضا على قعقعية الصنوبر. وسجل قصف في اتجاه بلدتي عين عرب والوزاني، كما نفذت مسيرة اسرائيلية عدوانا جويا حيث استهدفت موظفا في بلدية النبطية الفوقا بغارة اثناء قيامه بعمله في منطقة علي الطاهر. وفي التفاصيل انه واثناء توجه الموظف محمود عطوي في بلدية النبطية الفوقا الى البئر الموجودة في حرش علي الطاهر لتحويل المياه الى المنازل، تم استهدافه على دراجته النارية بصاروخ من مسيرة، مما ادى الى استشهاده. وأصابت قنبلة صوتية مواطنا جراء استهدافه بمسيّرة إسرائيلية​ في ​بيت ليف. كما استشهد العنصر في الدفاع المدني التابع لكشافة الرسالة الإسلامية خضر فقيه جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليه خلال تفقده منزله قبالة جدار كفركلا. وادى القاء الجيش الإسرائيلي قنبلة صوتية على بلدة بيت ليف قضاء بنت جبيل إلى إصابة مواطن بجروح.

التعيينات في الحكومة

في هذا الوقت، اقر مجلس الوزراء في جلسة برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في قصر بعبدا، البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين ( ١٤ مليونا)  لمن هم في الخدمة، و(١٢ مليونا) للمتقاعدين، على ان يعمل به بدءا من اول تموز. كما تم تعيين جورج معرّاوي مديرًا عامًا لوزارة المالية بالأصالة. وتم تعيين غسان خيرالله أمينا عاما لمجلس الإنماء والاعمار ويوسف كرم وابراهيم شحرور نائبين للرئيس، وحسام عيتاني، جورجيو كلاس وفراس ابو دياب (أعضاء غير متفرغين) وزياد نصر مفوض الحكومة لدى المجلس، كما عين مجلس الوزراء أحمد عويدات مديرا عاما لهيئة «اوجيرو».

..بطيئة «كالسلحفاة»

في المقابل، اعتبرت مصادر نيابية ان التعيينات كانت مجددا محاصصة  لكنها مقنعة هذه المرة، حيث عقدت الحكومة جلسات ماراتونية لاقرار ما اتفق عليه بين الرؤساء الثلاثة. والواضح ان التعيينات تحصل على نحو بطيء، والانجازات المحققة لا تزال دون المطلوب، فلا تعيينات للهيئة الناظمة للكهرباء، ولا لمجلس ادارة كهرباء لبنان. ويبدو ان رئيس الحكومة مشغول بملف السلاح ويترك الملفات الاصلاحية التي تسير «كالسلحفاة».

عون: الانجازات قليلة

وفي هذا السياق، اقر رئيس الجمهورية ببطء الاصلاحات واشار الى ان المستفيدين من عدم قيام الدولة سيواصلون العرقلة ومحاولة إبقاء الوضع على ما كان عليه ليحافظوا على استفادتهم من الفساد، لكنهم لن يؤثروا فينا ولن نسمح لهم بإيقاف القطار الذي انطلق». وشدد انه ليس هدفه ان ينظر الى الوراء  بل الى الامام بغية استكمال الخطوات الاساسية على طريق إعادة بناء الدولة، مشددا على  ضرورة ان  يتحلى الجميع بالمسؤولية في نقل الصورة الحقيقية لما يتم إنجازه. وقال:» لم ننجز كثيرا قياسا لما هو مطلوب الا ان ما تحقق حتى الساعة أساسي  لوضع الأمور على المسار الصحيح». وقال ان 90 في المئة  من معركتي تتمحور حول محاربة الفساد،  معتبرا ان نسبة كبيرة من أسباب الازمة الاقتصادية في لبنان  تعود اليه لان بلدنا  ليس مفلسا بل مسروق وعندما نحارب الفساد ونحاسب المرتكبين يبدأ وضع لبنان على  سكة إعادة ثقة الداخل والخارج بالدولة. وإذ اكد على أهمية  دور القضاء في هذا الاطار، فانه لفت الى قيام ورشة قضائية بدأت بالتشكيلات وستستتبع لاحقا، مؤكدا انه يولي اهتماما خاصا لإبقاء القضاء بعيدا عن أي ضغوطات من أي نوع كانت.


الأكثر قراءة

حزب الله" الخارج على القانون"