اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعود حرائق كاليفورنيا لتبث الرعب ليس فقط في نفوس الأهالي، بل في في نفوس كل المراقبين والناشطين البيئيين المهتمين بشؤون التغيير المناخي في العالم!

وهي أدت الى خسائر مالية واقتصادية تقترب من 300 مليار دولار...حتى الساعة، مع إجلاء 150 ألف شخص وحريق 12.000 منشأة ووفاة أكثر من 25 شخصاً!

ولن يساعد على تجنب هذه المشاكل انسحاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من اتفاق باريس...مجدداً! ولا بشارته باستغلال الولايات المتحدة لكل مواردها من الطاقة الأحفورية!

وهو ما سيؤدي حكماً الى تراجع الصين عن التزاماتها بتخفيض انتاج ثاني أوكسيد الكربون، وبالاعتماد أكثر وأكثر على انتاج الطاقة على الفحم الحجري! وهو أكثر ما يسهم بتلويث الهواء وبرفع حرارة الأرض وبزيادة الضغط على التغيير المناخي.

وساهم عدم تدفق الغاز الروسي الى أوروبا بسبب الحرب والمقاطعة بتفاقم الأزمة المناخية باعتماد بعض الدول في أوروبا مثل ألمانيا وبولندا بشكل كبير على الفحم الحجري من جديد!

ما يجري من حرائق في لوس أنجلوس مشهد من مشاهد التطرف المناخي سيضطر العالم للاعتياد عليه وبكل الاتجاهات؛ أي من حرائق جهنمية وموجات حر قاتلة ومواسم جفاف مخيفة... الى موجات ثلوج وتطرف في الصقيع وكميات هائلة من سقوط الأمطار في ساعة واحدة ويوم واحد، حتى بلدان الخليج العربي، وصولاً الى طوفانات وفيضانات جارفة وقاتلة، كما جرى في إسبانيا، وسيجري في مختلف مناطق العالم من أميركا وأوروبا وصولاً الى الصين والهند وروسيا وأوستراليا.

في لوس أنجلوس، عدة عوامل، أدت الى وقوع هذه الكارثة المناخية مؤخراً، وهي بالإضافة الى العامل المناخي العام، هناك العوامل «المحلية» لجهة انطلاق 5 حرائق، بينها 3 حرائق عملاقة، في نقاط مختلفة، وفي الوقت نفسه.

ولكن الأهم هو عنصر الرياح «الإعصاري»، الذي تخطت سرعته الـ160 كم في الساعة. وهو أمر يجعل من النيران تنتقل بسرعة «صاروخية»، ويمنع في الوقت نفسه حركة طائرات الاطفاء ومروحيات الانقاذ، بالإضافة الى الجفاف الكبير في الهواء والأعشاب، والتي تسهل انتقال النيران ارضاً.

ولا شك أن العنصر البشري بتجهيزات فرق الاطفاء الحالية، غير كافية في أي مكان من العالم لمواجهة حرائق بهذا الحجم، لا براً ولا جواً.

الجديد تحت الشمس، وهو لم يعد جديداً، هو ارتفاع مستمر في درجات الحرارة لكوكب الأرض، ما يجعل حرارة كل سنة جارية هي الأكثر ارتفاعاً في التاريخ، مع أو من دون ظاهرة النينيو المناخية، التي تعاود ظهورها كل سنتين أو ثلاثة أو حتى أربع سنوات.

هيلين وميلتون إعصاران من ضمن الأعاصير التي عصفت بالولايات المتحدة مؤخراً. هيلين ضرب فلوريدا وجورجيا وتينيسي وساوث كارولينا... في أيلول/سبتمبر الماضي بسرعة رياح بلغت 209 كم في الساعة. وميلتون ضرب الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي.

ولكن هذه الأعاصير وأشهرها إعصار كاترينا الذي ضرب بشكل خاص مدينة نيو أورلينز بسرعة رياح وصلت الى 280 كم في الساعة في آب أغسطس 2005، وتسبب بوفاة 1.392 شخصاً وخسارة بلغت 126 مليار دولار، ستتكرر وستؤدي الى خسائر هائلة في البشر والحجر.

وكل ذلك يعني، وكما كنت أذكر دائماً، أن الحرب العالمية المناخية الأولى قد خسرتها البشرية، وخسرها كوكب الأرض.

وسيكون من شبه المستحيل عدم تخطي ارتفاع حرارة الكوكب الدرجة ونصف الدرجة بالمقارنة مع انطلاق الثورة الصناعية مع حلول العام 2030. والأهم هو عدم تخطي الدرجتين مع العام 2050، بنتائجه الكارثية، بحسب علماء الطقس والبيئة.

والمشكلة أنه بدلاً من الذهاب الى الحياد الكربوني، ومع أن العالم يقوم بحهود كبيرة باتجاه الطاقات المتجددة، إلا أنه يذهب الى مزيد من استهلاك للطاقات الأحفورية وبخاصة الفحم الحجري، ما يرجح في المعركة كفة التطرف المناخي.

ولم تصل المعركة بعد، ولن تصل، كما تبدو المؤشرات الاستهلاكية للطاقة، قبل نهاية القرن لقلب الاتجاه المناخي والسيطرة على ظاهرة التغيير المناخي.

كل سنة ستحمل مفاجآت مناخية. وهي مفاجآت لأنها ستكون غير منتظرة في الحجم والزمان والمكان، ولكنها منتظرة، بمعنى أن الكثيرين يدركون أن أحداث مناخية مخيفة ومتطرفة ستحدث في مكان من العالم، وستكون الأضرار كارثية في الأرواح والممتلكات وفي المساحات الطبيعية، وحكماً كارثية اجتماعياً ومالياً واقتصادياً!

وستتكفل قساوة الطبيعة بسبب سوء تصرفات البشرية وقادتها وحكوماتها بعامل التوعية، أو بعامل الإيقاظ المؤلم من فقدان الواعي البيئي والانساني، لأن قادة العالم للأسف ينظرون ولا يرون!

* رئيس جمعية غرين غلوب

العضو المراقب في الأمم المتحدة في البيئة

الأكثر قراءة

الدولة تستنفر لفرض الانسحاب الاسرائيلي... واهالي الجنوب يتجهون للعودة الى قراهم لقاء ايجابي ومثمر بين بري وسلام: لا عقدة مع الثنائي عملية التأليف خرجت من الفرملة فهل تولد الحكومة الاسبوع المقبل؟