اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تشهد غابات عكار موجة مقلقة من عمليات القطع العشوائي للأشجار، وسط مناشدات ملحة من السكان والناشطين البيئيين لوقف هذه الظاهرة التي تهدد واحدة من أبرز الموارد الطبيعية في لبنان.

ورغم أهمية الغابات في تحقيق التوازن البيئي ودعم التنوع البيولوجي، تتعرض هذه المساحات الحيوية لاعتداءات يومية عبر قطع الأشجار بشكل غير قانوني، حيث تُباع كحطب للتدفئة أو تُستخدم في صناعات مختلفة. وتتم معظم هذه العمليات ليلاً، مستغلةً ضعف الرقابة وغياب تطبيق القوانين الرادعة، في ظل تدخلات سياسية تُعيق المحاسبة.

ووفق معلومات خاصة بـ"الديار" أن عمليات القطع العشوائي للأشجار في غابات عكار أصبحت تجارة مزدهرة، حيث يُباع طنّ الحطب من أشجار الليمون والسنديان بحوالي 200 دولار أمريكي، ويختلف سعره بحسب بُعد المنطقة وتكاليف النقل. أما طنّ الحطب من أشجار الصنوبر، فيباع بسعر أقل، يُقدر بحوالي 50 دولاراً أمريكياً.

وتضيف المصادر أن الحطب المقطوع خلال ساعات الليل يُنقل مباشرةً إلى وجهاته لتجنّب رصده من قبل المواطنين أو الأجهزة الأمنية، مما يساهم في إستمرار هذه الانتهاكات دون رادع.

هذا النشاط غير القانوني لا يقتصر على تهديد البيئة، بل يضع السكان المحليين في مواجهة خطر التصحر وتدهور الموارد الطبيعية التي يعتمدون عليها.

وتبقى المناشدات قائمة للسلطات المعنية لتعزيز الرقابة وتكثيف الجهود لوقف هذه الجرائم البيئية التي تُرتكب بحق غابات لبنان.

وفي تصريح خاص لـ"الديار"، أكد الناشط البيئي وخبير التنمية المحلية في صندوق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، الدكتور محمد عرابي، أن معالجة هذه الظاهرة تبدأ بإنفاذ القانون دون تدخلات سياسيّة، مشدداً على دور السلطات المحليّة في التصدي لهذه "الظواهر الإجرامية".

وأوضح عرابي: "من يقتل غابة يقتل شعباً بأكمله، لأن الغابات ليست مجرد أشجار، بل هي مصدر للحياة، وغيابها يؤدي إلى كوارث بيئية، مثل تراجع الأمطار، إنحسار المساحات الخضراء، وإرتفاع نسب تلوث الهواء، مما يزيد من الضغوط الصحية والمعيشية على المواطنين".

وأضاف عرابي: "نأمل أن يكون للعهد الجديد، بقيادة فخامة الرئيس العماد جوزيف عون، الذي نعتز بمناقبيته وتاريخه المشرّف في حماية الطبيعة عندما كان قائداً للجيش، دور حاسم في وقف هذه الجرائم البيئية، خاصة في مناطق عكار والشمال".

وحذر عرابي من أن استمرار هذه الممارسات سيؤدي إلى التصحر وتدهور التربة والمياه الجوفية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية. كما أشار إلى أن الحل يتطلب استراتيجيات مستدامة تشمل تعزيز التشجير وفرض عقوبات صارمة على المخالفين.

من جهتها، ناشدت مجموعات بيئية المواطنين والجهات المعنية بتكثيف الجهود لتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على الغابات، مؤكدة أن غابات عكار ليست فقط كنزاً طبيعياً بل هي رئة حيوية تساهم في إستقرار البيئة والمناخ.

فيما تواجه غابات عكار خطراً وجودياً ويتطلب إستجابة فورية وحازمة لإنقاذها قبل أن يتحول هذا المشهد إلى كارثة لا يمكن إصلاحها، تهدد البيئة وسكان المنطقة على حد سواء.


الأكثر قراءة

أزمة الشيعة... أزمة وجود