اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُحاول رئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام تفكيك الألغا،م التي تُعرفل تشكيل الحكومة الأولى في عهد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بعد مضي 16 يوماً على التكليف. ورغم عدم قدرته على النجاح في مهمة تشكيل الحكومة خلال أيام، على ما كان يعتقد، بسبب مطالب القوى والأحزاب السياسية المتعلّقة بحصّتها وبالحقائب التي تريد، وذلك لمواكبة الزخم الدولي والشعبي الذي رافق انتخاب عون، إلّا أنّه لم يتأخّر بعد، ولم يصطدم بحائط مسدود لكي يُفكّر بالتنحّي أو الإعتذار عن مهمة التأليف.

وحسماً للجدل الذي رافق تفاصيل الإتصالات الأخيرة التي حصلت بين سلام وبعض الكتل النيابية، كتب على منصة "إكس": فيما أواصل مشاوراتي لتشكيل حكومة تكون على قدر تطلّعات اللبنانيات واللبنانيين تُلبّي الحاجة الملحّة للإصلاح، لا أزال متمسّكاً بالمعايير والمبادىء التي أعلنتها سابقاً". وأضاف: "إنّ كل ما يتردد عار عن الصحة وفيه الكثير من الشائعات والتكهنات يهدف بعضها الى اثارة البلبلة. فلا أسماء ولا حقائب نهائية. أمّا بالنسبة الى موعد اعلان التشكيلة فإنني اعمل بشكل متواصل لإنجازها".

وهذا يعني بأنّ سلام لم ييأس، ولم يتوقّف عن مواصلة إتصالاته ، لإنجاز التشكيلة في أسرع وقت ممكن، سيما وأنّه مدعوم من دول الخارج، ومن 84 نائباً سمّوه للتكليف من أصل 128 نائباً في المجلس النيابي. ويعلم سلام أنّ بيده فرصة نادرة لتشكيل حكومة إصلاحات يُطالب بها المجتمع الدولي والشعب اللبناني. أمّا التأخير فمن شأنه فرملة انطلاقة العهد، وتأجيل حصول لبنان على المساعدات الدولية والتمويل اللازم لإعادة إعمار ما هدّمته "إسرائيل" في لبنان.

وتقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ المطلوب من سلام اليوم ليس حلّ كلّ العراقيل التي غالباً ما كانت تقف أمام تأليف الحكومات السابقة، ما يجعلها تتأخّر أشهراً طويلة وصل بعضها إلى ١١ شهراً أو أكثر لكي تُبصر النور. إنّما أن يُحدث جرعة مناسبة كمّاً ونوعاً من التغيير، وبالتوقيت المناسب، أي ألّا يتأخر أكثر من شهر على إنجاز المهمة. على أن يتوافق مع رئيس الجمهورية على هذا الأمر، وإلّا فإنّهما يُطلقان رصاصة الرحمة على خطاب القسم. فالمهمة المطلوبة منه حالياً هي مراعاة التوازن السياسي في البلاد، لأن التغيير الكامل لا يُمكن أن يحصل بسحر ساحر، وهو أمر مبالغ فيه، إذ لا يُمكن تخطّي موازين القوى، ولكن من دون الذهاب في الوقت نفسه، إلى المحاصصة ولعبة الأحزاب، والثلث المعطّل.

هذا الأمر يجعل سلام يمضي في تشكيل حكومة شابّة من الإختصاصيين المقرّبين من الأحزاب السياسية، على ما تؤكّد المصادر، التي لا بدّ وأن تُمثّل في الحكومة لكي تنال هذه الأخيرة ثقة عالية في مجلس النوّاب. وهو اليوم يُواجه عقدتين أساسيتين يعمل على حلّهما، هما:

- الأولى: عقدة التمثيل الشيعي، سيما وأنّ هناك 27 نائباً شيعياً في البرلمان يمثّلون حركة "أمل" وحزب الله.

- الثانية: عقدة توزيع الحقائب على القوى المسيحية والكتل السنيّة الموزّعة هنا وهناك.

وتؤكّد المصادر على قدرة سلام في إجراء التوازن المطلوب لتشكيل "حكومة أمر واقع" لا يتمّ فرضها على كلّ القوى السياسية، إنّما تُرضي جميع الأفرقاء بعيداً عن تسمية أسماء حزبية نافرة للحقائب الوزارية فيها ،من شأنها تعطيل عمل الحكومة خلال المرحلة المقبلة.

وإذ يبرز الخلاف بين الكتل النيابية حول الحصص والحقائب الوزارية، الى جانب عملية التفاوض على توزيع الحقائب السيادية على الطوائف الأربع الأساسية، تحدّث سلام عن أنّ كلّ الحقائب سيادية. وتجد المصادر بأنّ التوقيعين اللذين أعطيا لكلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ليسا توقيعين حزبيين، بل ينحصران بالطائفتين المسيحية والسنيّة. ومن هنا جرى التفاهم مع "الثنائي الشيعي" على أن يبقى توقيع وزارة المالية للطائفة الشيعية، ما يُحافظ على شراكتها في السلطة.

وفي ما يتعلّق بمطالب القوى المسيحية، فـ "التيّار الوطني الحر"ّ يُطالب بحصة موازية لحصّة "القوّات اللبنانية" كون المقاعد النيابية الـ ١٩ التي حصل عليها خلال الانتخابات النيابية كانت بفعل اقتراع جمهوره لها، ولهذا فإنّ النوّاب الأربعة الذين انسحبوا من التيّار بعد ذلك، لا زالوا يُمثّلونه في هذا البرلمان. في الوقت الذي تُطالب فيه "القوّات" بحصّة أكبر، لكي تُثبت أنها تملك أكبر كتلة في المجلس، وأنها ذات التأييد الشعبي الأكبر.

أمّا النوّاب السنّة فيتوزّعون على كتل عدّة، ويريد سلام وفق المصادر، أن يكون لديه وزراء سنّة يمثّلونه في الحكومة. ولهذا يسعى إلى إرضاء الجميع من خلال اختيار أسماء كفوءة ومحبوبة من قبل الشارع السنّي ككلّ.

فكل كتلة تسعى للحصول على حقائب معينة تؤمن لها القدرة على التأثير في السياسة الداخلية والخارجية. لهذا فإنّ توزيع الحقائب هو أمر دقيق وحسّاس قد يخلق العديد من الصعوبات، لأنّ أي تنازل من طرف ، قد يؤدي إلى تراجع الدعم السياسي من طائفة معينة، وهو ما قد ينعكس على الاستقرار الحكومي.

ولهذا، فمن غير الممكن تحديد موعد دقيق لتشكيل الحكومة، في ظل التعقيدات السياسية والمطلبية. ولكن، يبقى الخيار الأكثر ترجيحاً هو الوصول إلى تسوية سياسية سريعاً تكون مبنية على توافق بين القوى السياسية المختلفة، بما فيها "الثنائي الشيعي". ويتطلب هذا الأمر، تقديم بعض التنازلات، سواء في توزيع الحقائب أو في شكل الحكومة، لتلبية تطلعات مختلف الأطراف، سيما وأن هناك آمالًا في أن تسهم حكومته في إيجاد الحلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإعمارية والإصلاحية. لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية إدارة التوازنات الداخلية في ظل تضارب المصالح، وهو ما يتطلب قيادة حكيمة ومفاوضات مرنة لإيجاد صيغة توافقية.

الأكثر قراءة

الأحد التاريخي: تشييع القادة واستفتاء شعبي على قوة حزب الله الانتخابات البلدية 2025: تحالفات ومفاجآت واستعدادات مكثفة الجيش اللبناني يقود الخطة الأمنية في يوم التشييع