كيف تتعامل مع حساسيّة الطعام عند الأطفال؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حساسية الطعام لدى الأطفال هي حالة شائعة تؤثر في العديد من العائلات، وتتسبب في ردود فعل غير طبيعية تجاه أنواع معينة من الطعام. تتراوح أعراض هذه الحساسية من خفيفة إلى شديدة، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير في صحة الطفل وجودته حياته اليومية. في السنوات الأخيرة، شهدنا تزايدًا في حالات حساسية الطعام بين الأطفال، مما يجعلها مسألة صحية تستدعي الانتباه والوعي من قبل الأهل.

تحدث حساسية الطعام عندما يتفاعل جهاز المناعة بشكل غير طبيعي مع بعض المكونات الغذائية، مثل الحليب أو البيض أو الفول السوداني أو الأسماك. في هذه الحالة، يعتقد جهاز المناعة أن هذه الأطعمة تشكل تهديدًا للصحة، مما يؤدي إلى إفراز مواد كيميائية مثل الهيستامين التي تثير أعراض الحساسية. من بين الأعراض الشائعة التي قد يعاني منها الأطفال الذين لديهم حساسية للطعام: الحكة أو الطفح الجلدي، التورم في الشفاه أو اللسان أو الوجه، الغثيان والقيء، وكذلك صعوبة التنفس في الحالات الأكثر خطورة.

من المهم أن نذكر أن حساسية الطعام لا تعني دائمًا أن الطفل سيكون لديه رد فعل تجاه جميع أنواع الطعام، بل قد تكون الحساسية محدودة بنوع معين. على سبيل المثال، قد يكون الطفل حساسًا تجاه البيض فقط دون غيره من الأطعمة. وقد تختلف الأعراض من طفل لآخر، حيث يمكن أن تظهر الأعراض على الفور بعد تناول الطعام أو قد تأخذ بعض الوقت للظهور.

إنّ تشخيص حساسية الطعام لدى الأطفال يتطلب متابعة دقيقة من قبل الأطباء المختصين. عادةً ما يبدأ التشخيص من خلال فحص تاريخ الطفل الطبي، بما في ذلك الأعراض التي ظهرت بعد تناول الأطعمة المختلفة. يمكن أن يتضمن التشخيص أيضًا اختبارات الحساسية الجلدية أو اختبارات الدم التي تساعد في تحديد الأطعمة التي تسبب رد الفعل المناعي.

الوقاية من حساسية الطعام تعتبر أمرًا بالغ الأهمية في إدارة الحالة. في العديد من الحالات، يمكن تجنب الأطعمة المسببة للحساسية تمامًا، مما يقلل من خطر حدوث ردود فعل تحسسية. ينصح الأطباء بتعليم الأهل كيفية قراءة المكونات المدرجة على المنتجات الغذائية بعناية لتجنب الأطعمة التي تحتوي على المكونات المسببة للحساسية. في بعض الحالات، يمكن أن يوصي الطبيب باستخدام أدوية مضادة للحساسية أو أدوية طارئة مثل الإبينفرين في حالة حدوث رد فعل شديد.

على الرغم من أن حساسية الطعام قد تكون حالة مزعجة ومرهقة للأهل، إلا أن هناك تقدمًا ملحوظًا في مجال العلاج والبحث في هذا المجال. في السنوات الأخيرة، تم تطوير بعض العلاجات التي تهدف إلى تقليل الحساسية من خلال تعريض الأطفال بشكل تدريجي للأطعمة التي تسبب الحساسية تحت إشراف طبي. يُسمى هذا العلاج "العلاج المناعي" أو "العلاج بالتحدي الغذائي"، وهو يعد من أحدث أساليب العلاج المتاحة حالياً في معالجة حساسية الطعام. يقوم العلاج المناعي على إعطاء الطفل جرعات صغيرة جدًا من الطعام المسبب للحساسية بشكل تدريجي ومراقب، بحيث يتم زيادة الكمية ببطء مع مرور الوقت. الفكرة وراء هذا العلاج هي تقوية جهاز المناعة وتحسين استجابته للأطعمة المسببة للحساسية، مما يساعد في تقليل الحساسية تدريجيًا أو حتى التخلص منها تمامًا في بعض الحالات.

في الوقت الذي تظهر فيه هذه العلاجات نتائج واعدة، إلا أنها تتطلب صبرًا كبيرًا من الأهل واتباع تعليمات الطبيب بدقة، لأنها قد تتطلب فترة طويلة من العلاج وقد تشمل بعض المخاطر. لكن الأبحاث تشير إلى أن هذا العلاج يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الأطفال الذين يعانون من حساسية شديدة، مما يساعدهم على تناول الأطعمة التي كانوا يتجنبونها بشكل آمن.

بالإضافة إلى العلاج المناعي، هناك أيضًا العديد من الأدوية التي يمكن استخدامها للتحكم في أعراض حساسية الطعام. على سبيل المثال، يمكن استخدام مضادات الهيستامين لتخفيف الأعراض الخفيفة مثل الطفح الجلدي أو الحكة. في الحالات الأكثر شدة، مثل صعوبة التنفس أو الصدمة التأقية، يمكن استخدام الإبينفرين (الأدرينالين) عبر حقن طارئ لوقف التفاعلات التحسسية الحادة. كما يقوم الأطباء بتقديم استشارات للأهل حول كيفية التعامل مع الحالات الطارئة، وأهمية حمل الحقن الطارئ في حالات الطوارئ لضمان سلامة الطفل في أي وقت.