موقع سورية المحوري في المنطقة الذي تأسس مع الرئيس الراحل حافظ الأسد تراجع في شكل ملحوظ خلال المرحلة السابقة وحاليا. فهذا الموقع كان عروبيا ويحظى بدعم دولي واقليمي ويستفيد من الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي ويتكيّف مع الأوضاع المتغيرة.
الرئيس الحالي أحمد الشرع محاور بارع ويعرف ما يريد. فهو يتكلم على دولة القانون وعلى حكومة مقبلة تمثل كل المكونات ولا يجهر بالدولة الاسلامية، وتنصحه تركيا بالنموذج التركي الذي يعتمد إقامة دولة مدنية تعتمد أفكار مؤسسها أتاتورك العلماني والتي تترك للمجتمع المدني خياراته الدينية. ومثل هذا التوجه مبدئيا يلتقي مع مصالح كل المكونات التي تختبر المرحلة الانتقالية وتحتفظ بمسافة معينة عبر اتخاذ الاحتياطات بما فيها العسكرية إذ إنها تخشى من السلطة العشوائية «للأمراء» في الأحياء والتي تكرّس ممارسات مغايرة للتوجه البراغماتي للرئيس الشرع. فهؤلاء «الأمراء» ينتمون إلى عشرات التنظيمات الدينية التي تطبق القوانين الإلهية على الأرض والتي تعتبر القوانين الوضعية أنها من صنع البشر وأنها «كفر وجاهلية» كما تعتبر الدولة الدينية نتاج لـ «الحاكمية الإلهية» ما يجعلها على تضاد مع توجهات المكونات غير السنية وتحديدا المسيحية والعلوية والدرزية والكردية وبدرجة أقل الشيعية وبدرجة أوسع مع العلمانيين السنة وباقي الاتنيات.
هذا الحذر من المكونات السورية يحتاج إلى «معالجة سريعة» قبل أن تقع سورية مجددا في دائرة النزاعات والاشتباكات الداخلية وحسابات القوى الدولية الاقليمية. وخصوصا أن هذه القوى ما زالت في مرحلة استكشاف «الوضع الجديد‘« من دون تقديم أي دعم فعلي للشرع، سواء بالمال أو بالبنى التحتية وكذلك رفع العقوبات.
الرئيس الشرع بين ضغوطات الخارج الدولي والعربي ومطالبه وبين تحفظ التنظيمات الدينية الأفغانية والأوزبكية وغيرها عن «دولة القانون» بالمفهوم الغربي الليبرالي. يبدو الرئيس الشرع في وسط عاصفة تدعوه لاتخاذ قرارات لا تهدئ من شكوك كل المكونات سيما أن «داعش» تكفّره وتستجمع قواها. وكل ذلك يستتبع احتماء كل مكوّن بجغرافيته إلى أن تتضح الصورة. الكردي في مكانه وأيضا الدرزي وكذلك العلوي. وكل مكوّن يشكل أغلبية في جغرافيته. وفي مثل هذه الحال يكون المخرج الواقعي مجلسا رئاسيا في دولة كونفيدرالية.
إلى الآن المكونات لا تعطي تأييدها المشروط للشرع. فالمكوّن العلوي الذي يعاني أكثر من غيره من التحولات الجديدة هو بغالبيته كان فقيرا في النظام السابق المحسوب عليه وهو يأخذ على الرئيس السابق بشار الأسد بأنه تخلى عنه. هذا المكوّن قد يبحث عن حمايات عربية سعودية وتركية وأميركية في الوقت نفسه. وهو يراهن على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تأسيسا على العلاقة التاريخية التي بناها رفعت الأسد مع المملكة. كما يراهن على تركيا باعتبار وجود مكوّن علوي فاعل فيها. واستطرادا يراهن على الولايات المتحدة الأميركية الفاعل الرئيسي في المنطقة.
تراجع الدور المحوري لسورية في الاقليم يؤسس لمزيد من التدخل الدولي والاقليمي، كما يتيح الفرصة لحالة من الإرباك والتشابك بين المكونات، ويجعل من مهمة الرئيس السوري أحمد الشرع صعبة وتدفعه إلى ايجاد «المخارج» الأكثر صعوبة.
ففي النظام السابق كان المتحكم اقتصادا هو غرفة الصناعة في حلب وغرفة التجارة في دمشق. ومصلحة هاتين الغرفتين هي في نظام ليبرالي. ذلك أن المدينتين الشام وحلب تميلان إلى دولة مدنية ولا تستسيغان الفكر الريفي الذي يحاول أن يغلّب ويحكّم «دويلة أدلب» الدينية على عموم سورية. وهذا ما يستتبع بدوره خللا في الوضع اللبناني، إلا إذا نجح الرئيس العماد جوزاف عون في استعادة تجربة بناء الدولة التي أسس لها الجنرال فؤاد شهاب. وهذا بدوره بحاجة إلى «حاملة اجتماعية» تحمي مضمون شعار القسم.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:02
بيان مصري - سعودي: نؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها وأهمية شمولية العملية السياسية، وعلى أهمية حل الدولتين ونرفض بشدة محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة أو الضفة.
-
22:53
القناة 13 "الاسرائيلية" عن لابيد: إذا غادر رونين بار رئاسة الشاباك فإن نتنياهو سيعين دمية ستلغي التحقيق وتمنع محاكمته.
-
22:52
القناة 13 "الاسرائيلية" عن لابيد: الحكومة لا تعرف كيف تجند عددا كافيا من الجنود ولا تعرف ما الذي سيحدث في اليوم التالي، وهناك مواد استخباراتية تشير لإمكانية وقوع اغتيال سياسي ونتنياهو يعلم ذلك ويمكنه منع حدوثه.
-
22:51
القناة 13 "الاسرائيلية" عن زعيم المعارضة يائير لابيد: نتنياهو وسموتريتش يبيعان معادلة كاذبة إما النصر بالحرب أو إعادة الرهائن وهذا غير صحيح، والحكومة لن تنتصر في الحرب لأنها لا تعرف كيف تنتصر.
-
22:50
هيئة البث "الإسرائيلية": سلاح الجو أجرى اليوم تدريبا يحاكي هجمات صاروخية على قواعده الجوية، والتدريب يأتي ترقبا لرد إيراني على أي هجوم محتمل في إيران.
-
21:42
نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ مارك وارنر: هيغسيث غير كفؤ أبدا ليكون وزير دفاعنا وعليه أن يرحل.
