اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


الموارنة هم رواد التيارات التأسيسية التيولوجية والانتروبولوجية في المشرق. هم الحاملون رسالة مجمع خلقيدونية في التجسّد والإعلان التيولوجي والأنتروبولوجي، إنّ في شخص المسيح، الأقنوم الثاني من الثالوث الواحد الأقدس، طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية ومشيئة الهية ومشيئة انسانية في شخص يسوع المسيح ابن الله المتجسّد.

هذا هو البعد التيولوجي العقائدي، لأنَّ إيمانهم إيمان بطرس، وهم كالوردة بين الأشواك، ليس فيهم أي انقسام بين مارونية وكاثوليكية، ومارونية أرثوذكسية.

وهي تيّار فكري سلفي وروحي وجودي مرتبط بلقاء الأرض والسماء، يعيش الحرّيّة والكرامة والاحترام الكامل للشخص البشري ذكرا وأنثى، لأنّه قبل الثورة الفرنسية في عام 1789 ، نادى وقرّر في المجمع اللبناني في دير سيدة اللويزة عام 1739، لاقرار إلزامية التعليم للمرأة وإلزامية مساواة المرأة والرجل .

ومن هنا، كان الفضل بتطوّر وتثقيف وحرّيّة المرأة المارونية لرقيّ المجتمع الماروني، واللبناني عامة، وزاد على ذلك يوم كان أوّل من أتى بالمطبعة من المانيا، وفي الثلج والبرد أوصلها إلى دير مار أنطونيوس قزحيا، وبدأ بتوثيق الشرق والمجتمع اللبناني والمشرقي.

الموارنة رجال الريادة والبدايات، يعيش الديموقراطية التعدّدية مع إخوانهم الدروز والسنّة والشيعة في لبنان، إذ كانت حدود لبنان هي حدود الأديار من الشمال إلى الجنوب، إلى الشرق والغرب.

وكانت مدرسة تحت السنديانة التي أوّل من أقامها كهنة ورهبان الموارنة، أوّل دافع للنهضة الفكرية والثورة العلمية والحضارية والثقافية، وكان للفنون جميعها دورها الرائد في الإبداع وإضافة.

وحدهم الموارنة عاشوا مع جميع الطوائف الأخرى، فإنّنا لا نجد ضيعة سنّية شيعية أو درزية، بل نجد جميع الضياع فيها موارنة وشيعة أو موارنة ودروزاً أو موارنة وسنّة.

من هنا أعطي للبنان هذا القبول للآخر واحترامه وحبّه والاعتناء به، لذلك قيل، مجد له أعطي له بفضل هذا التاريخ المجيد، كما يقول الدكتور شارل مالك، والدكتور كمال صليبي وقدس الأباتي بولس نعمان في كتاباتهم عن الموارنة.

والموارنة، والقسم الكبير منهم، سكنوا الجبال الوعرة وتركوا السهول الخصبة حفاظاً على حرّيّتهم الدينية والشخصية، وطحنوا الصخور القاسية وجدّدوها، وجعلوا منها حدائق خضراء تفيض بالخير والغلال.

ولم يعش الموارنة المحرّمات، بل الاحترام لشخص المرأة وللخمرة واللحم والمأكل والمشرب والملبس وشعر الأنثى أو جسدها، ولم يدفنوا الأنثى أو يعتبروها عورة، بل الأخت والشريكة والأم والحبيبة.

وإذا قيل لك إنَّ كلمة لبنان تعني لب أي القلب، وكلمة نان أي تعني الله ، فإنَّ الموارنة أحبّوا هذا القلب وأحبّوا الله، وأحيوا أرض لبنان، موحّدين حول بطريركهم أينما كانوا في جميع شتات الدنيا والإغتراب. فبطريركهم واحد وكنيستهم واحدة ووطنهم واحد لا شريك له.

بشفاعة مار مارون، إحمِ يا ربّ لبنان وبارك أرضه وأهله، وكلّ من يحمل اسم مارون.

الموارنة منبع القدّيسين، ومنهم القدّيس الكبير شربل ونعمة الله الحرديني، والقدّيسة رفقا الريّس، والطوباوي الأخ إسطفان نعمه، والطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي. ومنهم الكثير من الأتقياء والشهداء، والناس الأتقياء الطيّبين كأرض لبنان وطقسه وشمسه وهوائه، وكلّها نِعَمٌ من السماء.

مار مارون لم يزر لبنان، بل عاش في سورية. والموارنة هم المسيحيّون الأوائل الذين كانوا في المدن على طريق الساحل من أورشليم إلى أنطاكيا إلى روما أو على طريق سهل البقاع من سورية إلى المدن المؤمنة بتجسّد المسيح ابن الله.

الأكثر قراءة

الحدود الجنوبية والشرقية «قنبلة» موقوتة في طريق الحكومة اسرائيل تروّج لتأجيل جديد ولبنان ينتظر الموقف الاميركي! الجيش يرفع جهوزيته بقاعا وتهجير للبنانيين من داخل سورية