الخجل عند الأولاد... أسبابه وسبل معالجته

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بعض الاهل ينسبون حالة الخجل عند ابنائهم الى التهذيب الزائد وحسن التربية، والقلة منهم يتنبه الى انها ليست بميزة بل مشكلة نفسية، قد تتحكم وتستبد بصاحبها، الى درجة قد تعيق مسيرة مستقبله العلمي والمهني، وعلاقاته الاجتماعية وحتى العاطفية، وصولا الى حياته الزوجية فيما بعد. فان الخجول ضئيل الانتاج، ويجني مالا اقل من سواه، كما يشغل وظائف ذات مسؤوليات متواضعة، وذلك يعود لاستصعابه التعامل مع الآخرين، فتصدم مهاراته بمعوقات مهنية، حتى لو تمتع بذكاء حاد وثقافة عالية، وقد نجد الخجول منطويا على نفسه الى حد قد يستدعي علاجا نفسيا.

الديار قصدت طبيب الامراض النفسية والعصبية الدكتور انطوان قمير عن مسببات الخجل؟ يقول الدكتور انطوان قمير: الخجل ليس بحسنة على الاطلاق، وعلينا ان نساعد اولادنا لتخطيه لمواجهة الحياة ومتطلباتها بشكل سليم، والانخراط في المجتمع وافادته والاستفادة منه، لذا يجب على الاهل في بداية الامر معرفة مسببات الخجل ودوافعه، لتتم معالجتها بالاسلوب المناسب.

ويشير الطبيب الى ان اسباب الخجل عديدة، منها الاسباب البدنية المباشرة وتتضمن الهزال او السمنة الزائدة، المظهر الخارجي ككل وجميعها عوامل تدعو الاهل الى احاطة الولد برعاية مفرطة، كابعاده عن رفاقه الاقوياء ، ومنعه من بذل مجهود في الدراسة او اللعب وايضا التدخل بغذائه . وهكذا ينشأ الطفل ضعيف الارادة والشخصية، فتجده يتجنب كل الم او حركة ويبتعد عن رفاقه.

ويعدد الطبيب اسباب الخجل:

- الدلال الزائد في مرحلة الطفولة: مثل ان نعامله كانه السيد المطاع وتأمين جميع احتياجاته وحصره في مجتمع خاص به وابعاده عن الحياة الاجتماعية – لذا فعند انخراطه لاحقا بالمجتمع وانفتاحه على مختلف فئاته يشعر بالارتباك والخجل.

- الطفولة المعذبة: فقدان الرعاية الشخصية والعاطفية من قبل الاهل مما يؤثر سلبا على الاولاد في مرحلة المراهقة وقد تؤدي به الى انحرافات عقلية واخلاقية في مجتمع يختاره بعيدا عن بيئته التربوية.

- العاهات الخارجية: التشوه والاختلال العضوي الظاهر وهذه الامور تخجله وتجعله يظن دائما من الناس السخرية والاستهزاء ولا سبيل الى تغيير الواقع.

- اللهجة المختلفة: وهي تسبب لصاحبها بعض الاحراج والحرج عندما ينتقد الاخرون لهجته والتعابير التي ينطق بها من قبل اناس يختلفون عنه بيئيا.

- ظواهر الخجل: السعي وراء الاطراء بشخصية متوسطة القوة مما يجعله يبحث عن وسيلة اخرى يثير بها اعجاب الغير واستحسانهم وقد تكون هذه الصفة مفيدة له لانها تعطيه العزم والمثابرة والعمل البناء والايجابي وقد تتحول الى قلق شخصي وسعي دائم لنيل رضى الاخرين فتراه يميل الى الانفراد والاحباط ويرتبك لمجرد ان يتصور نفسه في موقف يحتاج الى الجرأة فيبادر بالهروب بدلا من البطولة والتحدي.

- التردد والجمود: وهما حالتان تسيطران على ارادة الخجول فتراه يفكر ويصمم على عمل ما وعندما يحاول تنفيذه يتردد وتنتابه حالة من الجمود وكأن شيئا لم يكن. وذلك خوفا من الخجل الذي سيشعر به في حال فشله واحساسه بمسؤولية كبيرة اخذها على عاتقه.

كيف نساعد اولادنا على التخلص من الخجل؟

للخجل عدة اسباب تبدأ منذ مرحلة الطفولة، وممكن ان لا تنتهي مدى العمر، اذا لم يتنبه الاهل والمرشدون الى مساعدة الطفل الخجول، لتخطي هذه الآفة النفسية المزعجة، ولكن كيف وبأية وسيلة؟ يجيب قمير: هناك عدة طرق تشجيعية، وتأكيد ثقته بنفسه لحثه على الانتاج:

ـ اعطاؤه الفرصة لسرد حادث حصل معه خلال النهار والاصغاء اليه.

ـ اتاحة له مناسبة للبوح باسراره الدفينة وتخيلاته الطفولية.

- التحدث معه بحماس عن مكامن القوة في شخصيته ليتخلص من الشعور بالنقص.

ـ معرفة رغباته وهواياته وتنميتها بطرق صحيحة ومدروسة.

ـ القاء الضوء على النواحي التي يعتبرها مخجلة في حياته وتبيان وجهة النظر الايجابية فيها مع مقارنتها مع نواح اخرى لدى أشخاص آخرين.

-علينا أن نقنعه ان الله خلق البشر أجمعين وقسم الأرزاق في المال والبنون والاشكال، ومنحنا نعمة التفكير، وعلينا ألا نخجل من عطائه ، وأن نعمل على تحسين وضعنا حسب ما يرضي طموحنا.

ـ حث المعلم على مساعدة الولد الخجول لاخراجه من انطوائه وذلك من خلال مشاركته الشفهية في الصف، ومراعاة شعوره اذا أخطأ وطلب التصحيح منه بلباقة واسلوب مشجع بدون تأنيب، وعلينا بالأخص عدم تسليط الضوء على خجله.

ـ ايجاد صديق مخلص وواع الى جانبه يشاركه هواياته ويقوي من عزيمته.

ـ تدريبه على اصول اللياقات الاجتماعية المختلفة وتعليمه جمل افتتاحية.

ـ التحدث مع الآخرين والنظر في عيونهم اثناء الكلام.

- عدم اهماله من قبل الاهل خصوصا أيام الفرص المدرسية ومشاركته في نشاطات ثقافية رياضية حرفية أو خيرية، تقوي من عزيمته وثقته بنفسه وحبه لعمل الخير، وصقل النفس الانسانية.

- تزويده بالايمان الرادع الأساسي للأخطاء، وتعويده على التحلي بالصبر والروية والاخلاق الحميدة ، وعدم اللجوء الى العنف والقوة في مواجهة الأمور المعقدة، بل معالجتها بوعي وتفهم.