البيان الوزاري للحكومة التي يترأسها نواف سلام، انجزته واقرته امس الاول في مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون، وتتقدم به الى مجلس النواب الذي حدد رئيسها نبيه بري يومي 25 و26 شباط الحالي، موعدا لمناقشته في الجمعية العامة ومنح الثقة للحكومة او حجبها، فتوجهت الانظار الى مضمونه واذا كان سيضم عبارة "جيش وشعب ومقاومة" او "يحق للشعب اللبناني مقاومة الاحتلال"، الا ان ذلك لم يرد في البيان الذي سبق لحكومات سابقة ان اوردت المقاومة، لانها كانت فعلا تقوم بواجبها الوطني في تحرير لبنان من الاحتلال "الاسرائيلي"، وهي وطنية قبل ان يتقدمها حزب الله.
فالمقاومة وُجدت ضد المشروع الصهيوني مع ظهوره مطلع القرن العشرين، لتحضير المخطط لاغتصاب فلسطين وتوسيع احتلاله واستيطان الاراضي، لاقامة "اسرائيل الكبرى" التي لاقت تأييدا من بريطانيا بوعد بلفور باقامة "وطن قومي يهودي" على ارض فلسطين، فظهرت المقاومة منذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي، فتدخلت بعض الجيوش العربية لمنع الاحتلال الصهيوني لفلسطين، لكنها انهزمت واصيبت بنكبات ونكسات، مما دفع انظمة عربية الى التخلي عن السلاح والدخول بالسلام مع الكيان الصهيوني الغاصب، وبدأته مصر في العام 1979 باتفاق "كامب ديفيد"، ثم منظمة التحرير الفلسطينية باتفاق "اوسلو" في العام 1993 والاردن باتفاق "وادي عربة" في العام 1994.
وفي لبنان، فان المقاومة نشأت مطلع السبعينات عندما كان العدو يستبيح لبنان، فيدخل بلدات الجنوب ويدمر فيها منازل ويقتل مواطنين ويهجّر اهل الجنوب، الذين كانوا ينتظرون من الدولة بمؤسساتها، لا سيما الجيش ان يدافع عنها، فكان رد المسؤولين في تلك المرحلة بان لبنان تحميه الديبلوماسية "وقوة لبنان في ضعفه"، واتفاقية الهدنة التي منعت الجيش من ان يتسلح بسلاح دفاعي، وحولته الى "حرس حدود".
فعجز الدولة بالدفاع عن مواطنيها ورسوخ عقيدة لدى السياسيين بان لا اطماع للعدو "الاسرائيلي" في لبنان، وان استفزازه او "الحركشة" به هو ما يدفعه الى الاعتداء عليه، الذي كان بعض الاحزاب اليمينية والانعزالية، تبرر له اعماله العسكرية بانه نتيجة لسبب وجود مقاومة، كان اسسها الامام السيد موسى الصدر تحت اسم "افواج المقاومة اللبنانية" (امل)، ثم انشأت احزاب وطنية وتقدمية مقاومة لها ، فكان "الحرس الشعبي" للحزب الشيوعي، "منظمة الزوبعة" للحزب "السوري القومي الاجتماعي"، و"قوات الغجر" ل "الجماعة الاسلامية"، اضافة الى وجود فصائل فلسطينية تمركزت في منطقة العرقوب التي سميت "فتح لاند".
فالمقاومة حق للشعوب اقر بها ميثاق الامم المتحدة ولم يشذ لبنان عنها، فمارستها قوى وطنية ومنها حزب الله، الذي كانت له مساهمة كبيرة في المقاومة، فتحرر لبنان على مراحل منذ احتلال ارضه في العام 1978 الى التحرير في 25 ايار 2000 ، وهذا ما دفع من كانوا في الطائف عام 1989 من النواب يدرسون الوصول الى اتفاق ينهي الحرب الاهلية، الى صياغة نص يعطي "للبنان الحق في تحرير ارضه بشتى الوسائل المتاحة"، وورد ذلك في البيانات الوزارية للحكومات التي كانت ترى العبارة المناسبة، التي تؤكد على حق لبنان بالتحرير، وجاءت عبارة "جيش وشعب ومقاومة" في عهد قائد الجيش العماد اميل لحود، الذي رفض الاصطدام بالمقاومة، فكان هذا التناغم بين الجيش والمقاومة، ولم يسجل اي حادث بينهما منذ احداث جسر المطار في ايلول 1993.
فشطب عبارة "جيش وشعب ومقاومة" ليست مسألة لغوية، بل لها علاقة بموقع لبنان من الصراع مع العدو "الاسرائيلي"، الذي شكل نقطة خلاف اساسية بين الاطراف السياسية اللبنانية مع قضية اخرى، وهي العقيدة القتالية للجيش وتسليحه، وهذا الخلاف يعود الى عقود، ويبدأ من هوية لبنان الى نظامه السياسي، كما الى تحالفاته الاقليمية والدولية، وهذه كلها تسببت بازمات وحروب اهلية، فادخلت قوى سياسية داخلية لبنان في "حروب الآخرين على ارضه".
من هنا، فان البيان الوزاري بشطب كل ما يمت الى المقاومة بصلة، واوكل الدفاع عن لبنان الى الدولة، وهذا دور لا يمكن لاحد ان يسلبه منها طالما هي تقوم بمهامها، ما يضع العهد الجديد برئاسة عون والحكومة برئاسة سلام، امام ما ورد في البيان الوزاري لجهة تحرير لبنان من الاحتلال "الاسرائيلي"، الذي لم يلتزم العدو بالانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية، فتمركز في خمس نقاط مخالفا القرار 1701 الذي يطالبه بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي للغجر، وهذا اول امتحان كيف سيحرر لبنان اراضيه المحتلة بقواه الذاتية، وان الدولة هي التي تملك قرار الحرب والسلم، وان لا سلاح خارج الدولة التي لن تلجأ الى الحرب كما قال رئيس الجمهورية، بل الى الوسائل الديبلوماسية التي لم تسترجع ارضا احتلتها "اسرائيل" منذ القرار 425 في اذار 1978.
فالبيان الوزاري الذي استوحى خطاب القسم امام اختبار تطبيقه، وفي بنوده مسائل اصلاحية واخرى بنيوية، تتعلق ببناء الدولة بان تكون المؤسسات لا للطوائف واحزابها وزعمائها الذين حولوا المواطنين الى زبائن لهم ونزعوا عنهم مواطنيتهم.
يتم قراءة الآن
-
لبنان يترقب اليوم الكبير في 23 شباط... سلام اختار وزراءه لجذب الاستثمارات الدولية... و100يوم لاقرار القوانين الاصلاحية
-
قواعد لعبة جديدة جنوباً... الرياض على خط مطار القليعات؟ «قطبة» مناقشة البيان الوزاري... بعد 23 لكل حادث حديث طبخة التعيينات عالنار... هل تبدأ المداورة من الأمنيين؟
-
لتوحّدنا السيّدة العذراء...
-
حزب الله : هذا لبناننا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:42
ناسا تعلن عن تغير مفاجئ في احتمال اصطدام كويكب مدمر بالأرض
-
20:50
مستشار الأمن القومي الأميركي: نشكر ولي العهد السعودي على استضافة المحادثات الأميركية الروسية، وبوتين وزيلنسكي أكدا أن ترامب هو الوحيد القادر على وقف القتال وإعادة السلام للعالم.
-
20:49
مستشار الأمن القومي الأميركي: إطلاق سراح أميركي من روسيا كان بادرة لبناء الثقة وخطوة أولى نحو فتح المحادثات، ونعيد العالم لما كان عليه خلال ولاية ترامب الأولى.
-
20:47
المتحدثة باسم البيت الأبيض: بداية إدارة ترامب تاريخية والرئيس وقع عددا غير مسبوق من الأوامر التنفيذية، ونتوقع تصديق مجلس الشيوخ على كاش باتيل مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي اليوم.
-
20:46
المتحدثة باسم البيت الأبيض: ترامب سيستقبل الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني الأسبوع المقبل، وسيستضيف أول اجتماع رسمي لمجلس الوزراء في البيت الأبيض الأربعاء المقبل.
-
20:19
زيلينسكي: من المهم لنا وللعالم أن نشعر بالقوة الأميركية وممتنون لدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي والشعب، ومحادثاتي مع المبعوث الأميركي كانت جيدة وتناولت الكثير من التفاصيل.
