حجم الدمار في قرى الحافة الامامية في الجنوب اللبناني يفوق ما حل في هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية، وحجم القنابل والتفجيرات التي ألقيت على قرى الجنوب، يوازي حجم القنبلة النووية الاميركية على هيروشيما اليابانية . فالدمار يفوق الوصف ويكشف عن حقد وعدوانية لا مثيل لهما، لكن المفارقة ان اليابان رفعت اعلامها البيضاء بعكس اهالي الجنوب، الذين تحدوا العالم واجرامه وعادوا الى منازلهم وقراهم، رافعين صور الامين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري واعلام حزب الله وحركة "امل" وصور الشهداء، الذين تجاوز عددهم الـ ١٠٠ شاب من عيترون وحدها، ناهيك عن باقي القرى .
ويأتيك بعض الداخل ليحدثك عن السيادة والمرحلة الجديدة وهزيمة حزب الله، وكان على هؤلاء المنظرين للمرحلة الجديدة زيارة قرى الحافة الامامية في الجنوب امس، ليروا كيف يكون الصمود، وكيف تكون للسيادة بمعناها الحقيقي، وكيف سيتم تحرير ما تبقى من اراض محتلة قريبا جدا عبر كل الوسائل الديبلوماسية والشعبية والعسكرية، في بلد يشهد متغيرات وتبدلات كل ٦ اشهر؟ .
فوسط "صيحات الله اكبر" و"الموت لاسرائيل"، عاد أهالي الجنوب إلى قرى الحافة الامامية بالزغاريد والاهازيج، والصلوات على أرواح الشهداء وبدء التحضيرات لدفنهم، كما بدأوا تجهيز الخيم على انقاض منازلهم للنوم في قراهم والبقاء فيها، وزراعة الأرض وقطاف ما تبقى من موسم الزيتون. ومن يرى مشهد العودة الى قرى الجنوب امس، والاحتفالات وآذان الجوامع يخرج باستنتاج واحد : ليس هناك من قوة في العالم تستطيع هزيمة أبناء الجنوب، ومن يملك مثل هذا الإيمان وهذه الثقافة، لا يمكن ان يهزم مهما بلغت قوة "اسرائيل"، ولا يمكن لهذا الشعب ان يقبل باحتلال متر واحد من أراضيه، والوقت وحده سيكشف صورة المتغيرات الجديدة، لكنه ليس بعيدا.
وكما كان متوقعا، واصلت "اسرائيل" احتلالها لـ ٥ تلال استراتيجية، وتريد مفاوضات سياسية مباشرة مع لبنان للانسحاب منها، ودفع الدولة اللبنانية الى الجلوس على طاولة واحدة برعاية واشنطن، لمناقشة العلاقات بين البلدين على الصعد السياسية والاقتصادية والديبلوماسية والسياحية وفتح الحدود، وترفض ان يبقى الحديث مع لبنان مقتصرا على الامور الامنية، من خلال اللجنة المشرفة على وقف النار في الناقورة، وبالتالي فان "اسرائيل"، تريد سلاما مع لبنان واتفاق ١٧ ايار جديد مع الحكومة اللبنانية، عبر الجلوس وجها لوجه كما حصل في ١٧ ايار عام ١٩٨٣، وتمت المحادثات في خلدة ونهاريا في فلسطين المحتلة.
هذا هو جوهر ما تريده "اسرائيل" حسب مراجع رفيعة في لبنان، وهذا ما يعمل عليه نواب في الكونغرس الاميركي بعضهم من أصول لبنانية، مع اللوبي اللبناني والعربي في واشنطن. وحسب المعلومات، فان الرئيس الاميركي ترامب يريد سلاما بين لبنان و"إسرائيل" خلال ٦ اشهر، واذا رفض لبنان فالحصار مستمر من كل الجهات، لا مساعدات و"لا من يحزنون"، والقديم على قدمه.
وحسب المراجع المتابعة لهذا الملف، فان التعامل اللبناني الرسمي مع الخروقات "الاسرائيلية" لاتفاق وقف النار، ومواصلة الاغتيالات والغارات، وتفجير المنازل، ومنع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت، والخضوع الكامل لهذا النهج، شجع المسؤولين "الاسرائيليين" على التمادي في فرض الشروط ورفع سقوفها، وصولا الى المطالبة باتفاقات ثنائية، فـ "اسرائيل" تريد اثمانا لما قامت به من تغيير لوجه المنطقة حسب مزاعمها، من السعودية ومصر والاردن وسوريا وصولا الى لبنان باتفاقات ثنائية "عالمكشوف".
وحسب ما تضج به الصالونات السياسية، فان ما يسري على لبنان يسري على سوريا، و"إسرائيل" ستواصل الضغط والتقدم للوصول الى أبواب دمشق، ولن تتراجع قبل توقيع "سلام الشجعان " مع دمشق كما تصفه، وهناك عروض "اسرائيلية" وصلت الى دمشق بادوار هامة وبحبوحة اقتصادية، مع اقامة أضخم مشروع عالمي في جبل الشيخ بتمويل عربي. وفي المعلومات، ان الحكم الجديد في سوريا ارسل ردا مبهما الى "اسرائيل"، تضمن تعهدا من القيادة الجديدة بعدم حصول اي توتر سوري مع "اسرائيل"، والاولوية للعهد الجديد معالجة الاوضاع السورية الداخلية، وتحسين ظروف العيش، وازالة بقايا النظام السابق، لكن "اسرائيل" تريد توقيع اتفاق سلام مع الشرع، والا فقيصر باق، والمساعدات ممنوعة، ولا حلول لمشاكل الاكراد والدروز والعلويين، مع المزيد من حالات الفقر والبؤس.
المنطقة تعيش ظروفا استثنائية بالغة التعقيد والخطورة، تؤككد المراجع نفسها، والسعودية ومصر والاردن قرروا مواجهة طروحات ترامب بتهجير الفلسطينيين . وفي المعلومات، ان السعودية والجزائر قررتا تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية للقاهرة، للصمود داخليا منعا لتكرار السيناريو السوري، ومن الطبيعي ان ينعكس كل ذلك على لبنان وامنه واستقراره، ولا يمكن تجاوز الاحداث الكبرى بالصورة الحالية من الانقسامات والترهل، وإصرار البعض على معادلة "غالب ومغلوب"، واعادة الشيعة الى أحجام ما قبل ١٩٧٥، والعودة الى الثنائية المارونية - السنية بشراكة درزية . وفي هذه الحالة، تسأل المراجع كيف سيتعامل الشيعة مع هذه الطروحات؟ هل هناك من يريد أن يدفع الرئيس بري الى خلع بدلتة الرسمية من رئاسة المجلس النيابي، وارتداء البزة العسكرية مجددا لمنع كسر الطائفة الشيعية، من خلال حصارها بالمال وتأجيل الاعمار كما يعمم حاليا، والنظر اليها نظرة المهزوم، وتحميلها كل ما حل في هذا البلد من ويلات وخراب منذ الطائف، بالإضافة إلى حملات اعلامية تحمل نفسا عنصريا، وكأن قتال "اسرائيل" أصبح من المحرمات، ولذلك المطلوب المزيد من الحكمة من قبل المسؤولين، وترييح الجمهورالشيعي، بدلا من وضع" الاحجار على رأسه بكم من التسريبات، وتقدير ظروف الناس الذين يسمعون يوميا اصوات الانفجارات وهي تدمر بيوتهم، بالتزامن مع هدير المسيرات. فالمطلوب من المسؤولين الاقتداء بخطاب الرئيس سعد الحريري، الذي ادخل الطمائنينة الى الجمهور الشيعي عن بطولات الجنوبيين، والتأكيد على اعادة الاعمار، وتعامل مع الامور بمنطق رجل الدولة.
وتسأل المراجع البعض، كيف يمكن الحديث عن السيادة و"الآمن الاحمر" بكلام حازم، فيما الخروقات "الاسرائيلية" تنسف كل ما له علاقة بالسيادة ؟ وكيف ستقنع اهالي الجنوب بالطروحات السيادية مع استمرار الاحتلال ؟ اما الذين يراهنون بان التغيير الشامل قادم وينتظرون الضربة العسكرية على ايران، فمن قال لهم بان الضربة حتمية ؟ ولماذا يستبعدون التسوية، وحصول الصفقة مع قيام ايران بخطوات ملموسة مؤخرا تجاه أذربيجان وسوريا، واستمرار التواصل غير المباشر في مسقط مع الاميركيين. وعلى الجميع أن يسمعوا جيدا كلام الحاج وفيق صفا عن سعي اميركي دائم للتواصل مع مسؤولين في حزب الله.
وحسب نفس المراجع، فان الامور في لبنان ستبقى على حالها، والاحاديث عن مرحلة جديدة اوهام. وتسأل المراجع ايضا كيف سيتصرف عون وسلام مع بقاء الاحتلال، في ظل الغطاء الاميركي، وهشاشة الدور الفرنسي، والرعب العربي من سياسات ترامب؟ ما هو الثمن المطلوب ان يدفعه لبنان مقابل الانسحاب الشامل؟ من هو القادر على اتخاذ القرار بتوقيع اتفاقات السلام مع "اسرائيل"؟ من يضمن السلم الاهلى في ظل هذه المعادلات؟ وما هو التفسير للكلام عن وحدة المؤسسة العسكرية ومتانتها بعد احداث المطار؟
ولذلك، تقول المراجع المطلوب التواضع من قبل الحكومة، وعدم اغداق الوعود الرنانة على الناس بأحلام "الف ليلة وليلة"، مصحوبة بتحليلات ذات دمغة يسارية "تروتسكية " بنفس اميركي لن يوصلوا الى اي مكان.
يتم قراءة الآن
-
لبنان يترقب اليوم الكبير في 23 شباط... سلام اختار وزراءه لجذب الاستثمارات الدولية... و100يوم لاقرار القوانين الاصلاحية
-
قواعد لعبة جديدة جنوباً... الرياض على خط مطار القليعات؟ «قطبة» مناقشة البيان الوزاري... بعد 23 لكل حادث حديث طبخة التعيينات عالنار... هل تبدأ المداورة من الأمنيين؟
-
لتوحّدنا السيّدة العذراء...
-
هل اهتزت العلاقة بين العهد والبيئة الشيعيّة؟ خلافات حول التعامل مع الضغوط الخارجيّة... واسئلة عن إعادة الإعمار وردع الإحتلال !
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:03
وسائل إعلام إسرائيلية: تم إيقاف جميع الحافلات في منطقة "غوش دان" وبينها التي تحمل مسافرين بهدف إجراء عمليات تفتيش
-
21:42
ناسا تعلن عن تغير مفاجئ في احتمال اصطدام كويكب مدمر بالأرض
-
20:50
مستشار الأمن القومي الأميركي: نشكر ولي العهد السعودي على استضافة المحادثات الأميركية الروسية، وبوتين وزيلنسكي أكدا أن ترامب هو الوحيد القادر على وقف القتال وإعادة السلام للعالم.
-
20:49
مستشار الأمن القومي الأميركي: إطلاق سراح أميركي من روسيا كان بادرة لبناء الثقة وخطوة أولى نحو فتح المحادثات، ونعيد العالم لما كان عليه خلال ولاية ترامب الأولى.
-
20:47
المتحدثة باسم البيت الأبيض: بداية إدارة ترامب تاريخية والرئيس وقع عددا غير مسبوق من الأوامر التنفيذية، ونتوقع تصديق مجلس الشيوخ على كاش باتيل مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي اليوم.
-
20:46
المتحدثة باسم البيت الأبيض: ترامب سيستقبل الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني الأسبوع المقبل، وسيستضيف أول اجتماع رسمي لمجلس الوزراء في البيت الأبيض الأربعاء المقبل.
