اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



 هل يريد ستيفن ريتكوف تفجير لبنان ؟ الحرب الأهلية الأولى كادت تنتهي بترحيل المسيحيين ليأكل المسلمين بعضهم البعض. هذه المرة أي طائفة يريد الأميركيون ترحيلها؟ ترحيل لبنان...

 حتى اللحظة لا ندري لماذا اصرار "الأشباح" على بقاء النازحين السوريين في لبنان. النظام تغيّر. سوريا انتقلت بحسب الجميع، من ديكتانورية بشار الأسد الى ديمقراطية أحمد الشرع. الجواب في رؤوس البعض الذين يبغون احداث انقلاب في البنية الديموغرافية والدستورية في لبنان. بقاؤه على ذلك التوازن الهش بين الطوائف، يعني أن المستقبل سيظل مشرعاً على الأزمات وعلى الحروب...

 مؤشرات كثيرة على أن الخارطة السورية في طريق التغيير. هذه رغبة "اسرائيلية" لا يمكن لأحد الوقوف في وجهها، بعدما انتقلت العدوى الطائفية الى سوريا، لتزداد اليوم بوجود فريق في السلطة بالرؤية الايديولوجية، التي لا يمكن أن تستوعب الصورة الحقيقية للبلاد بالتنوع الطائفي وبالتنوع الثقافي.

 كمال اللبواني، المعارض السوري الذي زار "اسرائيل"، باعتبارها "الجارة العزيزة" أو "الشقيقة العزيزة"، دعا لضم لبنان الى سوريا بدعوى المعاملة السيئة التي يلقاها النازحون الذين هم أهلنا، والذين يبدو أنهم انخرطوا الى أبعد مدى في اليوميات اللبنانية أو في الحالة اللبنانية، بكل غواياتها وبكل أهوالها.

 ريتكوف، الذي هو نسخة مصغرة عن دونالد ترامب (مليونير ومطور عقارات)، مبعوث الولايات المتحدة الى الشرق الأوسط، يحثنا على التطبيع مع "اسرائيل". يمكن القول أن مبعوثاً من البيت الأبيض يملك من القوة ومن التأثير، ما لم يملكه أي من مبعوثي السماء الى الأرض. من هبطوا من السماء لوحقوا وتعذبوا وصلبوا. لا أحد منا رمى بحجر في وجه مورغان أورتاغوس التي أتتنا بخاتم داود، ولا في وجه آموس هوكشتاين الذي أتانا بجواز سفر "اسرائيلي"، ولا بدنيس روس الذي كان يفاجئ ضيوفه في وزارة الخارجية بنجمة داود. كل المبعوثين استقبلوا على أنهم في بلادنا بمهمات إلهية لا بمهمات بشرية.

 بكلمات في منتهى الوضوح قال ريتكوف ان الضربات التي تلقاها حزب الله ونظام بشار الأسد، جعل لبنان وسوريا مؤهلين للتطبيع. لا يعنيه أن أهل الجنوب ما زالوا حتى الآن يبحثون عن جثث موتاهم تحت الأنقاض، وحتى تحت التراب، وأن هناك مئات الآلاف الذين عبثاً يبحثون عن أثر لمنازلهم، التي هدمت قصداً لكي لا يعودوا اليها. هذه هي المنطقة العازلة غير المعلنة.

 في نظرنا، الحديث عن اعادة الاعمار مسرحية أكثر من أن تكون ساذجة، وأكثر من أن تكون خادعة. رائعة الوزيرة تمارا الزين حين تحدثت عن منزل الأجداد الذي تهدم، وعن يوم التشييع. وزير آخر بلغة جليدية، كان يتكلم عن البلدات المهدمة كما لو أنها في جنوب الصومال لا في جنوب لبنان..

 لطالما قلنا ان جو بايدن، وبذلك الغباء المنقطع النظير (كونه البطة العرجاء) شق الطريق بالجثث أمام دونالد ترامب الى الشرق الأوسط، لاستكمال الحلقات الأخيرة من "صفقة القرن". ما يحدث الآن في الضوء أو في الظل، هو الدوران التكتيكي بانتظار أن تدق ساعة التطبيع. سبق وسألنا ما هي الورقة التي في يد الدولة اللبنانية، التي ستوضع عاجلاً أو آجلاً أمام هذا الخيار الصعب: إما نزع سلاح حزب الله أو التطبيع.

 ماذا يعني التطبيع اذا أخذنا بالاعتبار ما هي "اسرائيل"، ان بالبنية الايديولوجية التوراتية أو بالتأثير الاستراتيجي الأخطبوطي، حتى على الطبقات العليا من الكرة الأرضية. هذا اذا أغفلنا مدى نجاح المنظومة السياسية في لبنان (الأميركيون والسعوديون يقولون أنها قيد التصفية) في تقطيع البلاد طائفياً قطعة قطعة. ما الفارق هنا بين الغيتو والخندق؟

 في الأروقة الديبلوماسية أن دخول لبنان في دومينو التطبيع لا يرتبط بالخطوة السعودية أو بالخطوة السورية، وانما بتوصل واشنطن وطهران الى صياغة اتفاق نووي بديل. حتى الآن الشروط الأميركية ـ وهي شروط "اسرائيلية" ـ والتي تتعدى المسائل التقنية، الى المشروع الباليستي والى التمدد الجيوسياسي، تبدو مستحيلة. أيضاً هل يتخلى الروس عن ايران مثلما تخلوا عن سوريا، ما دامت "النيويورك تايمز" تعتبر أن ما بعد أوكرانيا ليس بأي  حال ما قبلها.

لا غرابة هنا، القيصر ألكسندر الثاني، العائد منهكاً من حرب القرم، باع آلاسكا الى الرئيس الأميركي أندرو جونسون عام 1867. الثوري الماركسي فلاديمير ايليتش لينين عرض على اليابان، في العشرينات من القرن المنصرم، شراء جزيرة ساخالين، وهي بوابة الشرق الروسي، بمليار ين. طوكيو رفضت لأن المبلغ يساوي نصف موازنة الأرخبيل.

 قيل لنا لا توغلوا في التشاؤم. الأمير محمد بن سلمان بعث ببرقية تهنئة الى الرئيس نواف سلام لنيل حكومته الثقة، وهو يوم الفتح العظيم، وان كانت البرقية لا ترقى الى مستوى الاتصال المباشر. كما أن وزارة الخارجية الأميركية هنأت الرجل، ولكن "بقيادة الرئيس جوزف عون".

 حين تفتح أبواب الرياض كما أبواب واشنطن أمام لبنان، فهذا يعني أن تفتح أبواب الجنة. ولكن لننتبه، مفاتيح الجحيم لا تزال، وقد تبقى، بين يدي بنيامين نتنياهو!!

الأكثر قراءة

«إسرائيل» بدأت إنشاء فصائل عس.كريّة لحماية المناطق العازلة ...التعيينات الأمنيّة والتسريبات إحتفال حاشد لـ«الإشتراكي» في 16 آذار