حمض الفوليك والحمل... متى تصبح الجرعة العالية خطراً؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعتبر حمض الفوليك من أهم الفيتامينات الضرورية أثناء الحمل، حيث يلعب دورًا أساسيًا في نمو الجنين وحمايته من العيوب الخلقية، خاصة تلك التي تصيب الأنبوب العصبي مثل السنسنة المشقوقة. لذلك، تُوصي الهيئات الصحية العالمية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، بضرورة تناول الحوامل لمكملات حمض الفوليك بجرعات محددة يوميًا. ولكن، مع ازدياد التوعية بأهمية هذا الفيتامين، ظهرت تساؤلات حول مدى أمان الجرعات العالية منه، وما إذا كان الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوبة.

يُعد حمض الفوليك (فيتامين B9) عنصرًا أساسيًا في تكوين خلايا الدم الحمراء، ودعم نمو الدماغ والحبل الشوكي للجنين خلال المراحل المبكرة من الحمل. يساعد هذا الفيتامين أيضًا في تقليل خطر الإجهاض والولادة المبكرة، ويُعزز صحة الأم عبر دوره في تجديد الخلايا وتقوية جهاز المناعة. لهذا السبب، يُوصى عادةً بتناول 400 إلى 800 ميكروغرام يوميًا للنساء الحوامل أو اللاتي يخططن للحمل.

على الرغم من الفوائد الهامة لحمض الفوليك، إلا أن تناوله بجرعات تفوق الحد الموصى به قد يثير بعض المخاوف الصحية. أظهرت بعض الدراسات أن استهلاك كميات مفرطة، تتجاوز 1000 ميكروغرام يوميًا، قد يؤدي إلى إخفاء نقص فيتامين B12، مما قد يسبب مشاكل عصبية خطيرة عند الأم، مثل الاعتلال العصبي المحيطي. كما أشارت أبحاث أخرى إلى وجود ارتباط محتمل بين الجرعات العالية وزيادة خطر الإصابة باضطرابات طيف التوحد لدى الأطفال، رغم أن هذا الارتباط لا يزال قيد الدراسة ولم يُحسم علميًا بعد.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسبب الإفراط في تناول حمض الفوليك بعض الأعراض الجانبية مثل الأرق، اضطرابات الجهاز الهضمي، والتشنجات. ومن المهم ملاحظة أن الجسم لا يحتاج إلى كميات زائدة من هذا الفيتامين، إذ يتم التخلص من الفائض منه عن طريق البول، ولكن الاستهلاك المفرط على المدى الطويل قد يؤدي إلى تراكمه في الجسم والتسبب في مشاكل صحية غير متوقعة.

لضمان الحصول على فوائد حمض الفوليك دون التعرض لمخاطر الجرعات العالية، يُنصح النساء الحوامل بالالتزام بالجرعات الموصى بها من قبل الأطباء وعدم تجاوزها دون استشارة طبية. في بعض الحالات، مثل وجود تاريخ عائلي للعيوب الخلقية أو حالات سوء الامتصاص، قد يوصي الطبيب بجرعات أعلى، ولكن تحت إشراف طبي دقيق.

من الأفضل أيضًا الحصول على الفيتامين من مصادره الطبيعية مثل الخضروات الورقية الداكنة (كالسبانخ والبروكلي)، والفواكه الحمضية، والبقوليات، والمكسرات، إلى جانب المكملات الغذائية. بهذه الطريقة، يمكن تحقيق توازن صحي يضمن حصول الأم والجنين على الفوائد الضرورية دون المخاطرة بآثار جانبية غير مرغوبة.

إلى ذلك، يظل حمض الفوليك عنصرًا ضروريًا أثناء الحمل، لكن الالتزام بالجرعات الموصى بها أمر بالغ الأهمية لتجنب أي مخاطر صحية. الجرعات العالية قد تكون ضرورية في بعض الحالات، لكنها تحتاج إلى إشراف طبي دقيق لضمان سلامة الأم والجنين. لذا، فإن الاعتدال في استهلاك هذا الفيتامين، سواء من المكملات أو المصادر الغذائية الطبيعية، هو المفتاح للحفاظ على صحة الحمل وتفادي أي مضاعفات محتملة.