اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تشير الأبحاث العلمية الحديثة إلى أن التوتر والسمنة لا يشكلان مجرد مخاطر صحية منفصلة، بل إنهما يعملان معًا في تسريع نمو بعض أنواع السرطان الأكثر عدوانية. هذه العلاقة المعقدة بين العوامل النفسية والجسدية تثير القلق، حيث تؤكد الدراسات أن الإجهاد المزمن وزيادة الوزن قد يخلقان بيئة مثالية لتطور الأورام وانتشارها بسرعة أكبر.

يُعد التوتر استجابة طبيعية للجسم تجاه التهديدات، ولكن عندما يصبح التوتر مزمنًا، فإنه يؤدي إلى اضطرابات هرمونية قد تؤثر سلبًا على الصحة العامة. ينتج الجسم خلال فترات التوتر المطول مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول، والذي قد يسهم في تثبيط الجهاز المناعي وزيادة الالتهابات في الجسم. هذه العوامل تخلق بيئة مثالية لنمو الخلايا السرطانية، خاصة في حالات السرطانات العدوانية مثل سرطان البنكرياس والثدي.

من جهة أخرى، تلعب السمنة دورًا أساسيًا في تعزيز مخاطر الإصابة بالسرطان، حيث تؤدي الدهون الزائدة في الجسم إلى إفراز هرمونات مثل الإستروجين والأنسولين، مما يحفز نمو الخلايا السرطانية. بالإضافة إلى ذلك، تسهم السمنة في زيادة الالتهابات المزمنة، وهي بيئة مثالية لتطور الأورام وانتشارها. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم معدلات أعلى للإصابة بسرطانات مثل سرطان القولون، الثدي، الكبد، والبنكرياس.

هذا وتتفاقم المخاطر عندما يجتمع التوتر مع السمنة، حيث يؤدي التوتر إلى اضطرابات في الشهية تدفع الكثيرين إلى الإفراط في تناول الطعام الغني بالسعرات الحرارية، مما يساهم في زيادة الوزن. بالمقابل، تؤدي السمنة إلى تقليل قدرة الجسم على التعامل مع التوتر بسبب تأثيراتها السلبية على التوازن الهرموني والالتهابات. هذا التفاعل المتسلسل يخلق دورة مفرغة تعزز من خطر الإصابة بالسرطان.

كما تشير دراسات حديثة إلى أن التوتر والسمنة يمكن أن يحفزا انتشار الخلايا السرطانية من خلال تأثيرهما في الأوعية الدموية والبيئة المحيطة بالورم. يؤدي التوتر إلى زيادة إنتاج بعض البروتينات التي تساعد على نمو الأوعية الدموية المغذية للورم، مما يسرّع من انتشاره. من جهة أخرى، تساهم الدهون الزائدة في تعزيز هذه البيئة من خلال توفير مصادر طاقة إضافية للخلايا السرطانية.

أما لتقليل تأثير التوتر والسمنة في تطور السرطان، ينصح الأطباء باتباع نمط حياة صحي شامل. يجب أن يتضمن ذلك ممارسة الرياضة بانتظام، مع التركيز ليس فقط على الرياضات الهوائية بل أيضًا على تمارين القوة لزيادة الكتلة العضلية وحرق الدهون. من الضروري تحديد أهداف واقعية للتمارين وزيادة شدتها تدريجيًا، والبحث عن أنشطة رياضية ممتعة لضمان الاستمرارية. يجب أيضًا تناول غذاء متوازن يركز على الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، وزيادة تناول البروتينات الصحية مثل الأسماك والدواجن والبقوليات، مع التقليل من الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات. الانتباه إلى كمية السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا أمر بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعلم تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل واليوغا، أو تقنيات أخرى مثل التنفس العميق والاسترخاء العضلي التدريجي، وتخصيص وقت يومي للاسترخاء والتخلص من التوتر، وممارسة الأنشطة الاجتماعية والتواصل مع الأصدقاء والعائلة. يجب أيضًا الحد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات، وقراءة الملصقات الغذائية، واستبدال المشروبات الغازية بالماء أو المشروبات العشبية، وتجنب التدخين وتقليل استهلاك الكحول، والحصول على قسط كاف من النوم.

ختاماً، إنّ التوتر والسمنة ليسا مجرد عوامل خطر منفصلة، بل إنهما يعملان معًا لتسريع نمو وانتشار أخطر أنواع السرطان. فهم هذه العلاقة واتخاذ خطوات استباقية للحد من تأثيرهما يمكن أن يسهم في تقليل المخاطر وتحسين الصحة العامة. لذا، فإن تبني أسلوب حياة صحي يعد من أهم الخطوات الوقائية لمكافحة السرطان وتحسين جودة الحياة.

الأكثر قراءة

المعادلة «الاسرائيلية»: التطبيع مع الطوائف اذا فشل مع الدولتين اللبنانية والسورية «أم المعارك» على قانون الانتخابات والاتجاه لصوتين تفضيليين الاستعدادات اكتملت في المختارة لإحياء ذكرى 16 اذار