اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من معقله في المختارة، قال الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط آخر الكلام، في الذكرى الـ 48 لإغتيال والده كمال جنبلاط، بالتزامن مع إلقاء القبض على المسؤول عن عملية اغتياله والتابع للنظام السوري السابق، فختم جرحاً بعدما أخذت عدالة التاريخ مجراها مع متغيرات كبيرة حصلت في المنطقة، بعد مضيّ عقود من الزمن حملت الكثير من الانقلابات والاوراق السياسية المبعثرة، والتداعيات السلبية على لبنان الى انّ انقلبت المقاييس راساً على عقب.

جنبلاط أطلق في الامس خطاباً متوازناً، فجمع من حوله المحازبين والمناصرين والعديد من أبناء الموحدين الدروز، تحت شعار "صبرنا وصمدنا وانتصرنا"، فكان الشعار كافياً  ليطلق رسائل في كل الاتجاهات، التي تشير الى انّ جنبلاط بات في استراحة سياسية بعيدة عن كل الاضواء المزعجة وكل الخيارات السلبية، لتحل مكانها الخيارات  الصحيحة، واستذكار النضالات التي وضعت الحزب "التقدمي الاشتراكي" في قلب المعادلة السياسية، كما قال جنبلاط، فركّز على ضرورة مواصلة  المحطات المشرّفة التي حققت الكثير للوطن، ابرزها مصالحة الجبل في 3 آب 2001 وانتفاضة 14 آذار وما تبعها من تحولات، منها خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، وبعدها فورة الجيل الجديد في 17 تشرين 2019، وصولاً الى سقوط النظام السوري.

جنبلاط أراد طي صفحة الماضي الاليم، فدعا الى نضال جديد لانّ المرحلة تتطلب ذلك، خصوصاً تحرير الجنوب وتطبيق القرارات الدولية، ومتابعة ترسيم الحدود وإعادة الاعمار، والتمسّك بالهوية العربية للبنان، اي أراد إعادة لبنان الى الحضن العربي الذي يرعاه في كل الظروف السلبية التي يمر بها.

إنطلاقاً من هنا، تحرّر جنبلاط من الخطاب التقليدي، فاراد إعطاء الفرص الكبيرة للجيل الجديد مع تطلعات تناسب التطورات، فبدا سياسياً مغايراً وفق قراءة مصادر سياسية لخطابه، اعتبرت انه رسم خارطة طريق جديدة لمستقبل الحزب "الاشتراكي" للمرحلة المقبلة، التي سيقودها نجله النائب تيمور، بعدما فتح له جنبلاط الاب بابها على مصراعيه، فقرأ جيداً تحولات المنطقة، لذا وجّه هذه الرسائل اولاً لأبناء طائفته كيلا تقع في اي فخ يُحضّر لها، وكأنه أراد إعلان وصاياه السياسية، لذا تغاضى عن كل ما هو أليم، ليضع الطائفة الدرزية على مسار سياسي جديد، وقد يكون قراره هذا من أهم القرارات التي اتخذها، مما يعني انه لن يسير لاحقاً على اي  "تكويعة" بل سيكون ما أعلنه  كأنه الخط السياسي للحزب، وهو يعرف سلفاً انّ كل محازبيه ومناصريه يسيرون معه مهما كانت التداعيات، لانهم يثقون به وربما لهذا السبب ما زال يتصدّر الزعامة الدرزية لغاية اليوم، اذ لم يستطع أحد نيلها على الرغم من بعض المحاولات التي باءت بالفشل.

وتابعت المصادر المذكورة: "جنبلاط كان وما زال وسيبقى يستعين بتدوير الزوايا، لانه قارئ جيد في السياسة، فهو يستشف جديدها عن بعد وعن مسافات شاسعة ودائماً ينجح، فهو حذر في معظم الاحيان ويترّقب الاسوأ ويعمل على عدم تحقيقه، لذا نراه في اغلب الاوقات مقرّباً سياسياً من بعض خصومه ومنفتحاً عليهم، لانه يؤمن بأنّ لا شيء يدوم في السياسة، لا التقارب ولا التباعد، فيتنقل دائماً بين الالغام لتفادي السقوط، مفضّلاً ان يكون على مسافة وسطية مع اكثرية الاطراف خصوصاً في الفترات الحرجة، لانّ المرحلة تتطلب إبقاء العلاقات السياسية مع الجميع، ضمن الخط التنظيمي الهادئ والبعيد عن اي إحتكاك".

وعلى الخط الرئاسي، ذكّرت المصادر عينها كيف كان جنبلاط السبّاق في ترشيح العماد جوزف عون، الذي وصل الى الرئاسة باستحقاق جدير، ولفتت الى انّ جنبلاط دعا في خطابه كل الاحزاب الى نسيان الماضي، ومد يد التعاون الى العهد، اي الانطلاق نحو مستقبل جديد للبنان، محوره الاول خلق ثقة كبيرة بين كل اللبنانيين، ومساعدة ركائز العهد الجديد لتحقيق كل الاصلاحات المطلوبة، لإعادة لبنان الى الخارطة الدولية. 

 


احيا الحزب "التقدمي الاشتراكي" الذكرى الـ48 لاغتيال كمال جنبلاط في بلدة المختارة، حيث توافدت منذ ساعات الصباح الأولى الحشود الجماهيرية ، وسط حضور لمشايخ طائفة الموحّدين الدروز.

ورُفعِت في باحة القصر صور الزعيمَين المؤسس كمال جنبلاط ونجله وليد، تحمل شعار: "صمدنا وصبرنا وانتصرنا"، في إشارة إلى اعتقال حويجة بعد 48 من الجريمة، كما حضرت عائلة جنبلاط وزوجته وأحفاده بين الجمهور "الاشتراكي".

وقد وجه الرئيس  السابق لـ "الاشتراكي" وليد جنبلاط كلمة قال فيها: "طوال ثمانية وأربعين عاماً، كنا نجتمع في السادس عشر من آذار من كل عام نتلو الفاتحة، ونضع زهرة حمراء على ضريح كمال جنبلاط ورفيقيه حافظ الغصيني وفوزي شديد. طوال ثمانية وأربعين عاماً، كانت هذه المناسبة فرصةً للاستمرار، للتحدي وللمواجهة. وفي أصعب الظروف، كانت مناسبةً للتذكير والبقاء، نستمد منها إرادة الصمود وإرادة الحياة".

أضاف "طوال ثمانية وأربعين عاماً، كنا نقف إجلالاً أمام أرواح الشهداء من أبناء المنطقة، الذين سقطوا ظلماً وغدراً في ذاك النهار المشؤوم. وإذ أشرقت شمس الحرية على سورية بعد غياب طويل، وإذ سقط نظام القهر والاستبداد بعد نحو أربعة وخمسين عاماً، وتحرّر الشعب السوري، وحيث إنَّ الحكم الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع اعتقل المسؤول عن جريمة اغتيال كمال جنبلاط في ذاك اليوم الأسود ابراهيم الحويجة المعروف إلى جانب غيره من رموز النظام السابق بالقتل والاجرام في سورية؛ أعلن باسمي وباسم عائلتي واسم الحزب ختم هذا التقليد كون عدالة التاريخ أخذت مجراها في مكان ما ولو بعد حين".

وتابع "وعلى هذا، تتطلع المختارة والحزب إلى مرحلة جديدة من النضال والتحدي، وعلى سبيل المثال لا الحصر: التمسك بالاشتراكية الأكثر إنسانية كما نادى بها الشهيد الكبير، حيث يثبت الحزب المبادىء على حساب القشور والشخصنة، الأمر الذي يتطلب ورشة فكرية تنظيمية استثنائية من أصحاب الشأن.  التأكيد على يوم المصالحة التاريخي برعاية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في 3 آب 2001، واعتبار هذا الحدث منطلقاً للعلاقات اللبنانية - اللبنانية فوق الانقسامات السياسية، كما كانت حالة جبل لبنان من السلم والوئام أيام العصر الذهبي لسيدة القصر نظيرة جنبلاط.  كما التمسك بالهوية العربية للبنان التي عرفها كبار الأدباء والمفكرين والساسة والوطنيين أيام عصر النهضة. هوية شوهتها أنظمة القمع والاستبداد والمخابرات".

أضاف "أهمية تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، ومتابعة ترسيم الحدود حفاظاً على السيادة اللبنانية وتطبيقاً للقرارات الدولية.  إعادة إعمار الجنوب وباقي المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي من خلال وضع آلية موثوق بها عربياً ودولياً. إعادة بناء العلاقات اللبنانية - السورية على قواعد جديدة بعيداً عن التجارب السابقة، وترسيم الحدود براً وبحراً.  والتمسك بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي مقدمها حل الدولتين، والتأكيد على حق العودة واحترام القرارات الدولية، مع رفضنا المطلق لأي سلم أو تطبيع".

وقال جنبلاط: "وإلى بني معروف في مئوية سلطان الأطرش ومئوية الثورة الوطنيّة السورية، أقول لكم: حافظوا على هويتكم العربية. حافظوا على تاريخكم النضالي المشترك مع الوطنيين العرب والسوريين في مواجهة الاستعمار والانتداب.  حافظوا على موقفكم في مواجهة احتلال الأرض العربية في الجولان السوري. إلى بني معروف، حافظوا على تراثكم الاسلامي واحذروا من الاختراق الفكري الصهيوني الذي يريد تحويلكُم إلى قومية، واحذروا من استخدام البعض منكم كإسفين لتقسيم سورية وباقي المنطقة، تحت شعار تحالف الأقليات الذي عارضه كمال جنبلاط وقد استشهد رفضاً لهذا المشروع.  (إن الزيارات ذات الطابع الديني) لا تلغي احتلال ارض فلسطين والجولان".

أضاف "وأقول ايضا إلى بني معروف، حافظوا على إرثكم الفكري والنضالي والسياسي الذي أرساه كبارنا، وفي مقدمهم سلطان الأطرش وشكيب أرسلان وكمال جنبلاط. أخيراً، أشكر وفاءَكُم أيها الرفاق، وأيها المناصرون في أصعب الظروف وأحلكها تجاه المختارة ... صبرنا صمدنا وانتصرنا".

تيمور جنبلاط: لنعمل معاً

لأجل كل ما نادى به كمال جنبلاط

كتب رئيس حزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط عبر حسابه على منصة "أكس": "هو يوم الوفاء الكبير لشهيدنا الأكبر كمال جنبلاط، وللشهداء الذين قضوا بهذا اليوم الحزين منذ ٤٨ سنة، ولكل شهداء الوطن على مدى سنين الجرح اللبناني عسى أن نختم معاً كل الجراح. كل التحية لكم يا أهل الوفاء، ولنعمل معاً لأجل كل ما نادى به كمال جنبلاط برؤيةٍ واعية مهما كانت التحديات".

سلام في المختارة... وزيارة ضريح المعلم

وبعد الظهر، زار رئيس الحكومة نواف سلام وعقيلته السيدة سحر بعاصيري، ضريح كمال جنبلاط في المختارة، وكان في استقبالهما وليد جنبلاط ونجله تيمور والسيدات نورا وداليا وديانا جنبلاط.

وبعد قراءة الفاتحة على الضريح ووضع الورود، توجه سلام وجنبلاط إلى مكتبة قصر المختارة، حيث عقد لقاء بالمناسبة.

وبعد اللقاء، قال سلام في تصريح: "الرمزية واضحة، اليوم انتصار للتاريخ على الاستبداد، وتُبين أيضاً ان مهما طال الزمن العدالة آتية وأتت"، مضيفاً "هذا النهار نستلهم فيه كفاح كمال جنبلاط في وجه الطغاة ونضاله من أجل حرية لبنان واستقلاله واصلاح نظامه السياسي ونصرته لشعب فلسطين".

 

 

الأكثر قراءة

منصوري يكشف مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية