رمضان يكشف لـ "الديار" نسبة شيوعها في البلاد
برو: لا نصوص قانونيّة في هذا السياق
تعتبر ظاهرة تأجير الأرحام من أكثر المواضيع المثيرة للجدل، في مجال الطب والقانون على حد سواء. وعلى الرغم من التقدم الطبي الكبير الذي شهدته بعض البلدان في هذا المجال، لا يزال تأجير الأرحام في لبنان قضية غير واضحة قانونياً، اذ لا توجد تشريعات صريحة تنظّم هذه الممارسات. وتتداخل هذه الظاهرة مع مسائل أخرى مثل الاتجار بالأطفال والبيع غير القانوني للأنسجة، مما يضع لبنان أمام تحديات قانونية كبيرة. تجدر الإشارة الى ان "الديار" فتحت ملف تأجير الارحام، بعدما انتشرت معلومات حول تفشي هذه الحالة في البلاد.
وفي الوقت الذي يتطور فيه الطب ليمنح الأمل للأزواج الذين يعانون من صعوبة الإنجاب، يظل القانون اللبناني في حالة تردد، مع غياب قوانين تنظم بدقة القضايا المرتبطة بتأجير الأرحام أو تجارة الأنسجة. وقد أدى غياب التشريعات الى خلق بيئة خصبة للثغرات القانونية، التي قد تفتح الباب امام سلوكيات غير أخلاقية، مثل الاتجار بالأطفال أو استغلال النساء في ظروف غير قانونية. في الوقت ذاته، لا يستطيع الأطباء الموازنة بين ضمائرهم المهنية وضغوط الواقع، مما يثير القلق حول الأبعاد الأخلاقية والطبية لهذه القضية.
وعلى الرغم من أن هذه المسألة تُعتبر نادرة في لبنان مقارنةً بالدول الغربية، فإن هناك حالات محدودة لتأجير الأرحام، مما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة النظام القانوني اللبناني على مواكبة التطورات الطبية وحماية حقوق الأفراد. فمن ناحية، هناك غموض قانوني يحيط بهذا الحدث، ومن ناحية أخرى يبقى السؤال المطروح: هل يمكن التوفيق بين التقدم الطبي وحقوق الإنسان ضمن إطار قانوني، يحفظ كرامة الأفراد ويمنع الانزلاق نحو ممارسات غير أخلاقية؟
تحليل الظواهر القانونية والطبية
في ضوء ما تقدم، تسعى "الديار" إلى استقاء المعلومات من مصادرها المتخصصة، لفهم مدى تأثير الظواهر المرتبطة بتأجير الأرحام وتجميد البويضات في البيئة الصحية العامة في لبنان، وكيفية تعاطي القانون اللبناني مع هذه القضايا المثيرة للجدل. فهذه التصرفات، التي بدأت بالظهور تدريجيا، تثير العديد من التساؤلات حول مدى انعكاسها على المجتمع اللبناني من الناحيتين القانونية والصحية، في وقت لا يزال فيه القانون اللبناني غامضا بشأن إذا كان يجيز هذه الممارسات او يحظرها بشكل صريح.
في جميع الأحوال، إن تأثير هذه الظواهر في الصحة العامة في لبنان يحتاج إلى دراسة معمقة، لتحديد إذا كانت لها آثار سلبية على صحة النساء والأطفال، سواء من خلال الإجراءات الطبية المعتمدة أو بسبب الفراغ القانوني، الذي يسمح بتداول هذه القضايا دون رقابة صارمة. ففي حين تتبنى بعض الدول قوانين واضحة تنظّم هذه العمليات، لا يزال لبنان يفتقر إلى تشريعات متكاملة تضع قواعد محددة لهذه الانشطة، مما يؤدي إلى تباين في الرؤى القانونية والطبية حولها.
إضافة إلى ذلك، تتعلق العديد من الاستفسارات بتأثيراتها الصحية في الأفراد المعنيين. فهل يمكن أن يؤدي استخدام الأرحام المؤجرة أو تجميد البويضات إلى مشكلات صحية بعيدة المدى؟ وهل من الضروري وجود تنظيم دقيق لهذه القضايا، للحفاظ على سلامة الأفراد والمجتمع؟ كذلك، يثار تساؤل آخر حول مدى تأثير هذه الظواهر غير المألوفة في العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية في المجتمع اللبناني.
وتبقى الاسئلة الأبرز: ما موقف القانون اللبناني في ظل هذه المتغيرات؟ وهل من الممكن أن يشهد قانون الأحوال الشخصية تعديلات، تتيح إقرار تنظيمات جديدة في هذا المجال؟ هذه كلها أسئلة معقدة لا تزال بحاجة إلى إجابات واضحة، مما يستدعي ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والاطلاع على القوانين المطبقة في دول أخرى، لوضع إطار قانوني يواكب هذه الظواهر الحديثة.
واقع تأجير الأرحام في لبنان بلا بيانات!
انطلاقا من هذه المعطيات، يكشف الطبيب النسائي والمتخصص في الزرع وطفل الأنابيب والعقم والتنظير خليل رمضان لـ "الديار"، أنه "لا توجد في لبنان إحصائيات حول موضوع تأجير الأرحام على غرار بعض الدول الأخرى". لكنه يوضح "أن هذه الظاهرة موجودة محليا، وانما ضمن نطاق ضيق جداً". ويقول: "لقد عملت في بلجيكا، حيث تنتشر هذه الممارسة بشكل أوسع، وهناك تقبّل أكبر لها من قبل الناس مقارنة بلبنان".
ويتابع "صحيح ان عملية تأجير الأرحام في لبنان نادرة، لكننا نمر بحالات يسأل فيها العديد من الأشخاص عن هذا الامر، خاصة الذين يعانون من صعوبات في الإنجاب، رغم انها تبقى قليلة جدا. في تجربتي الشخصية، كانت لدي حالة واحدة فقط لتأجير الرحم، يتابعها طبيب زميل لي".
التشريعات "صفر"!
ويشير رمضان إلى أنه "في لبنان لا يوجد قانون محدد ينظم قضية تأجير الأرحام، لكن هناك قانون يتعلق ببيع الأنسجة، وهو قانون يجب الاطلاع عليه وقراءته بعناية، لأنه يتناول مسألة التجارة بالأنسجة وأحيانًا وهب البويضات. وهناك دعوى قضائية "وحيدة" في هذا الصدد، اعتبرت على انها تجارة بالأنسجة. لذلك، ليس لدينا قانون صريح ينظم هذه المسائل". ويلفت الى "أن محامية في الجمعية اللبنانية للعقم كانت تعمل على إعداد قانون في هذا المجال، لكن مثل هذه القوانين لا تجد طريقها إلى التطبيق بسبب تأثير الدين، حيث توجد آراء مؤيدة وأخرى رافضة لهذا الموضوع".
ويشدد على "وجوب مراجعة القانون اللبناني الحالي المتعلق بتجارة الأنسجة، لتحديد إذا كانت مواده تطبق على تأجير الأرحام. لكن، في الخارج هذه العملية معروفة وتتوفر الدراسات والإحصائيات حولها، على عكس لبنان حيث تظل هذه القضية ضمن نطاق غير رسمي".
ويؤكد أن "هناك نقصا في الأرقام والإحصائيات الدقيقة حول تأجير الأرحام في لبنان، بسبب السرية التي تحيط بهذا الموضوع"، مشيراً إلى "أن المعنيين يرفضون عادة الحديث عنه. لذا، من الصعب معرفة حجم هذه الظاهرة بشكل دقيق. وعلمت بحالة واحدة من خلال قربي من الشخص، حيث استعانت إحدى السيدات برحم خادمتها، ولكنها حملت في نفس الوقت مع حمل خادمتها".
المضاعفات
أما في ما يتعلق بالتبعات الصحية، فيرى رمضان أنه "لا توجد اثار جانبية جراء تأجير الأرحام"، موضحاً أن "هذه العملية لا تختلف عن أي حمل طبيعي، والعقبة الرئيسية تكمن في القوانين المتعلقة بها".
واعتبر "ان هذا النمط في لبنان يبقى مسألة معقدة من النواحي القانونية والاجتماعية، ويحتاج إلى مزيد من التنظيم والتشريع، لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية".
التمثيل الدرامي كمرآة للواقع القانوني
من جهتها، تتناول المحامية مريانا برو في حديثها مع "الديار"، موضوع "التحايل على القانون بالقانون"، الذي ورد في المسلسل اللبناني الرمضاني "بالدم". وتوضح "أن هذه الظاهرة ليست خيالية فقط، بل تحاكي الواقع أيضا"، مشيرة إلى "أمثلة حقيقية مثل مذكرة التوقيف الصادرة بحق القاضي المتقاعد عماد الزين بتهمة تقاضي رشوة، وهي المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي يصدر فيها مثل هذا القرار".
التمويه بالقانون حقيقة أم أسطورة؟
وعن التحايل على القانون، توضح برو ان "هذا موضوع يثير جدلاً قانونياً، ويعتمد على السلطة الاستنسابية للقاضي. هناك حالات تشهد أحكاما متباينة بين المحاكم، مما يفتح المجال للمحامي وللقاضي في نفس الوقت لتتحايل قانونياً. وقد يستخدم المحامي المكر للتلاعب بالقانون من أجل إنقاذ موكله. بالإضافة الى ذلك، هناك فئة من المحامين تسلك طريق العدالة، لكن في المقابل، توجد مجموعة قليلة تسيء استخدام هذا التحايل لأغراض غير مشروعة".
الاحكام: الحاجة للتغيير والتعديل
وترى أن "هناك العديد من النصوص بحاجة الى تعديل، بما في ذلك قانون حماية النساء من العنف الأسري، الذي رغم الجدل الذي أثير حوله، تم إقراره في النهاية". كما تتحدث عن القانون المدني للأحوال الشخصية الذي يواجه معارضة من رجال الدين.
وتشير الى "ان حقوق المرأة في بعض المحاكم مهدورة، حيث تعاني من صعوبة الحصول على الطلاق وحرمانها من أطفالها".
الاتجار بالأطفال قضية
تحتاج الى تسليط الضوء
وتعتبر برو ان "ظاهرة الاستغلال التجاري للأطفال موجودة منذ زمن بعيد، لكنها لا تُطرح في المحاكم بسبب بطء الإجراءات القضائية وتكاليفها الباهظة. لذلك تبقى الكثير القضايا مخفية، بسبب تكافل الأطباء والممرضين في حماية المجرمين. الى جانب ذلك، يتجنّب الناس اللجوء إلى القضاء، لأن المحاكمات تأخذ وقتاً طويلًا، وفي الوقت ذاته، يتم التغطية على المتورطين".
وتوضح "أن عمليات تبديل الأطفال تحدث مقابل أموال، وهذا يعتبر من قبيل الاتجار بالأطفال، ويجب فتح هذا الملف بشكل واسع لان القانون يعاقب على هذه الافعال".
أبعاد قانونية جديدة في المجتمع العربي
وتتطرق إلى مسائل اجتماعية حديثة مثل "الذكاء الاصطناعي وتجميد البويضات وتأجير الارحام، "التي لم تكن سائدة في المجتمعات العربية من قبل، اذ يُنظر الى هذه الموضوعات في العالم العربي على انها غريبة، ولا توجد قوانين تلحظ هذه الحالات الاجتماعية المستحدثة. كما أن الكثير من الأعمال التي قد تكون الجرمية لا يتم رصدها في القانون، مما يستدعي استحداث نصوص تتناسب مع التغيرات في المجتمع".
ضرورة تحديث التشريعات القضائية
وفي الختام، تؤكد برو أن "هناك مشاكل كبيرة في التشريعات القضائية، حيث يتبع عدد من القضاة قوانين غير مناسبة في بعض القضايا. لذلك، نحتاج إلى لوائح حديثة تتلاءم مع التطورات المجتمعية والحقوقية، لضمان العدالة وتحقيق حماية أفضل للمواطنين".
يتم قراءة الآن
-
ضوء أخضر أميركي يُشعل غزة... فماذا عن الجبهة الشماليّة؟ توترات أمنيّة تزنّر لبنان... هل يعود اللبنانيّون الى الشارع؟ الضغوط الدوليّة تعرقل التعيينات... التضامن الحكومي يهتز؟
-
شروط أميركية وتحذير لـ«الترويكا»... اسبوعان للتجاوب والا! تهجُّم على الجيش اللبناني لضبطه الوضع في الهرمل
-
كل عدو لـ "إسرائيل" كافر
-
على باب الجحيم... ممنوع خروج العرب
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:14
مكتب المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف: لبنان دولة مستقلة لها قراراتها السيادية ونحن نثق في قدرة الحكومة، ولقد أوضحت إدارة ترامب علناً وسراً أن الولايات المتحدة تدعم الحكومة اللبنانية بقيادة عون وسلام حيث يعملان على بسط سيادة الدولة في جميع أنحاء لبنان وتنفيذ الإصلاحات لتعزيز مؤسسات الدولة
-
23:13
مكتب المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف: التقرير الذي يزعم أن المبعوث الخاص ويتكوف التقى بمسؤول لبناني لم يُذكر اسمه في الدوحة هو تقرير كاذب ومضلل والترويج للشائعات والأخبار الزائفة لا يؤدي إلا إلى نشر الفوضى وتقويض مصداقية وسائل الإعلام.
-
23:09
المتحدثة باسم المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية بغزة للجزيرة: الوضع في القطاع كارثي وسكان القطاع يعانون ظروفا مروعة.
-
23:08
سي بي إس عن المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي": مستعدون لتصعيد الضغط على حماس لأن ذلك سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن.
-
23:08
واشنطن بوست عن مصدر: قرار سحب المفتشين من محور نتساريم اتخذ من جانب الوسطاء الذين قاموا بتوظيفهم.
-
23:07
سي بي إس عن قائد فرقة غزة السابق بالجيش "الإسرائيلي": قد نشهد مقتل مزيد من الرهائن إذا استمرت الغارات على غزة، والضغط العسكري لم يعد الرهائن بل أدى أحيانا لمقتلهم، ولدينا خطط متنوعة بغزة بينها شن عملية برية إذا لزم الأمر.
