اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في 24 آذار من كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي للسل، وهي مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على هذا المرض الذي لا يزال يشكل تهديداً خطراً للصحة العامة. يأتي هذا اليوم ليذكرنا بأن السل، الذي كان يُعتقد أنه تحت السيطرة، لا يزال واحداً من أشد الأمراض المعدية فتكاً، خاصةً في الدول التي تعاني من أزمات صحية واقتصادية. لذا نبين في هذه المناسبة، أسباب تفشيه، ومدى شراسته، وطرق الحد من انتشاره، إضافة إلى استعراض الأمراض المشابهة له التي قد تتفشى في ظل الأوضاع الحالية، مع التركيز على دور الأنظمة الصحية في احتوائه وحماية المجتمع من تداعياته.

ففي عام 2025، لا تزال الأمراض المعدية تشكل تحدياً صحياً عالمياً يعكس هشاشة الأنظمة الصحية في العديد من الدول. ويشهد العالم حالياً مشهداً معقداً من الأوبئة والأمراض المتجددة، التي تشمل الفيروسية مثل كوفيد-19 وأمراض الجهاز التنفسي، والبكتيرية، مثل السل، الذي لا يزال يهدد حياة ملايين الأفراد في ظل بيئات ضاغطة وتحديات اجتماعية واقتصادية. بالإضافة الى ذلك، يعد فيروس H1N1 وفيروسات الانفلونزا من النمط B من الأكثر انتشارا في لبنان راهناً، حتى ان المستشفيات المحلية تسجل ارتفاعا في اعداد المصابين وفقاً لمعلومات حصلت عليها "الديار" من مصادر طبية بارزة.

مواجهة مستمرة بلا نهاية!

من جهة اخرى، تعكس هذه الأمراض الظلام الذي يلاحق الأمم في فترات النزاع والحروب والازمات، حيث تصبح أنظمة الرعاية الصحية أكثر عرضة للخطر بسبب التدمير الناتج من الأزمات السياسية والاقتصادية. في هذا السياق، يمكن تشبيه الوضع الصحي في بعض الدول بحقل معركة خاضها المرض مع الإهمال الطبي وعدم الاستجابة الفعّالة. ومع كل تطور جديد في هذا الصراع، تزداد المخاطر على الأفراد الأكثر ضعفاً مثل الأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.

عوامل جوهرية

يقول مصدر طبي في وزارة الصحة اللبنانية لـ "الديار" ان أسباب تفاقم مرض السل تعود إلى عدة عوامل مترابطة. اذ تؤدي الأزمات الاقتصادية إلى انخفاض مستوى الحياة، بينما تسهم التجمعات السكانية الكبيرة في مخيمات اللاجئين، لا سيما النازحون السوريون في بعض المناطق اللبنانية، في تدحرج الوضع نحو الأسوأ، مما يؤدي الى تدهور في البنية التحتية الصحية. تعد هذه الجوانب من أبرز العوامل التي تسمح لهذا المرض بالانتشار بسرعة. كما أن ضعف الحالة الغذائية لدى العديد من الفئات الاجتماعية الضعيفة يقلل من قدرة الجهاز المناعي على مقاومة هذه الأمراض، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بها".

ويضيف، "إذا كانت أمراض مثل السل أشباحاً من الماضي قد تطاردنا مجدداً، فإن استجابة العالم لهذه الأزمات تتطلب تفكيراً بعيد المدى، وبرامج صحية تتجاوز الحدود التقليدية للرعاية الصحية، لتشمل معالجة العوامل الاجتماعية والسياسية التي تؤدي إلى تفشي هذه الأمراض".

توسّع الجائحة: متى يحدث؟

ويوضح المصدر انه "في السنوات الأخيرة، بدأ الحديث عن ظهور مرض السل في بعض المناطق اللبنانية بشكل متقطع، مع تسجيل في ارتفاع أعداد الإصابات عام 2022. وبالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الصحة اللبنانية والمنظمات الدولية لمكافحة هذا المرض، فإن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والاوضاع المعيشية المتردية تجعل العديد من اللبنانيين أكثر عرضة للإصابة بهذا الوباء. ومن أبرز هذه العوامل: الفقر، وضعف النظام الصحي الذي تأثر بشدة بالأزمات الاقتصادية المتلاحقة. ويحدث التفشي عندما تكون الظروف البيئية والاجتماعية مهيأة لنقل العدوى، مثل تدهور ظروف السكن، والاكتظاظ السكاني، والنقص الحاد في وسائل التشخيص والعلاج الفعّال. وفي بعض الحالات، قد تساهم التغيرات المناخية في زيادة انتشار الأمراض، مثل أمراض الجهاز التنفسي. ومع وجود هذه العوامل، يصبح انتشار مرض السل سريعاً كالشلال الجارف، ينقل العدوى من شخص لآخر".

هل يمكن أن تعاود الأمراض المعدية مثل السل التفشي؟ يجيب المصدر "نعم، عودة تفشي السل وغيره من الأمراض المعدية أمر ممكن إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة. ولعل أبرز الأسباب التي تساهم في معاودة تفشي مثل هذه الأمراض تتعلق بعدم التزام المجتمعات بالتدابير الاحترازية، مثل التطعيمات والعلاج المنتظم، إضافة إلى نقص الوعي الصحي. في لبنان، وعلى الرغم من تحسن التوعية في بعض المناطق، إلا أن الأزمات السياسية والاقتصادية المتواصلة تُعرقل استمرارية الحملة الصحية الفعّالة".

ويشير المصدر الى انه "إلى جانب السل، هناك أمراض معدية أخرى قد تتفشى في ظل الظروف الحالية، منها:

1. السل المقاوم للأدوية: هو نوع من السل الذي لا يستجيب للعلاج التقليدي بسبب مقاومة البكتيريا للعقاقير المتاحة.

2. الأنفلونزا: على الرغم من تحسن الوعي حول الوقاية من هذا المرض، إلا أن موسم الأنفلونزا يمكن أن يؤدي إلى تفشي الوباء، خاصة في الأماكن المزدحمة.

3. الالتهاب الرئوي: هو أيضاً مرض تنفسي قد ينتشر في المناطق التي تعاني من أوضاع حياتية قاسية، مثل الشظف وسوء التغذية.

درء السل والأدواء المشابهة

ويشدد المصدر على انه "لحماية المجتمع من مرض السل والأمراض المماثلة، يجب أن تكون هناك استجابة صحية شاملة تتضمن العديد من المحاور:

1. التوعية والتثقيف الصحي: يجب توعية المجتمع بمخاطر الأمراض المعدية مثل السل، وطرق الوقاية منها، مع التشديد على أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب.

2. تعزيز الوقاية والتطبيب: توفير العلاج المضاد للسل بشكل منتظم وفي وقت مبكر هو خطوة أساسية في الحد من تفشيه. كما ينبغي التأكد من أن المضادات الحيوية المستخدمة فعالة ضد السلالات المتنوعة من البكتيريا.

3. اصلاح البنية التحتية الصحية: من الضروري تنمية النظام الصحي في لبنان، بما يشمل زيادة عدد المستشفيات المجهزة وتأمين الأدوية والعلاجات اللازمة.

4. مراقبة الأمراض ورفع الجاهزية: يجب على القطاع الصحي تبني برامج لمراقبة الأمراض بشكل مستمر، والتأكد من سرعة الاستجابة لأي تفشي جديد.

ويختم حديثه بالتأكيد ان "مكافحة مرض السل والأمراض المعدية الأخرى تتطلب التعاون بين الجهات الصحية، المجتمعية والسياسية. من خلال توفير التوعية المستمرة، وضمان الوصول إلى الرعاية الصحية الفعّالة، كما يمكن للقطاع الصحي أن يحد من تأثير هذه الأمراض ويحمي المجتمع من تفشيها. في النهاية، يصبح كل فرد في المجتمع جزءاً من الحل، حيث إن الوقاية تبدأ من معرفة المرض وطرق مواجهته".

 

الأكثر قراءة

ترقب لمزيد من الضغوط الأميركيّة... أورتاغوس تنتقد الجيش؟! القوانين الانتخابيّة الى «مقبرة اللجان»... والبلديّات في أيار خطة أمنيّة لطرابلس وعكار... ووزير الدفاع في دمشق غداً