متى لا يجب تجاهل طنين الأذن؟ الأعراض والتحذيرات الطبيّة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

طنين الأذن هو شعور مزعج جدا يعاني منه كثير من الناس، ويُعرف بأنه سماع صوت في الأذن أو الرأس دون وجود مصدر خارجي له، وقد يكون هذا الصوت على شكل صفير، رنين، همهمة أو حتى خفقان. وغالباً ما يكون طنين الأذن مؤقتاً ولا يدعو للقلق، لكنه قد يتحول أحياناً إلى مؤشر على مشكلات صحية أعمق تستدعي التدخل الطبي.

في الحالات العادية، قد يحدث الطنين نتيجة للتعرض لأصوات مرتفعة مثل الحفلات الموسيقية أو الضوضاء الصناعية، أو بعد الإصابة بنزلات البرد التي تؤثر في الأذن الوسطى، وفي هذه الظروف عادة ما يختفي الطنين مع مرور الوقت أو بعد زوال المسبب. إلا أن استمرار الطنين لفترة تتجاوز بضعة أيام أو أسابيع، أو ترافقه مع أعراض أخرى مثل الدوار، فقدان السمع، أو الشعور بالضغط في الأذن، قد يشير إلى حالة مرضية تحتاج إلى تقييم فوري من قبل الطبيب المختص.

من أبرز المواقف التي يصبح فيها طنين الأذن خطراً ويستوجب اللجوء الى الطبيب فوراً، هو عندما يكون مصحوباً بفقدان مفاجئ في السمع، حيث قد يكون ذلك علامة على فقدان السمع الحسي العصبي المفاجئ، وهو حالة طبية طارئة تتطلب تدخلاً سريعاً لتفادي فقدان السمع الدائم. كما أن الطنين المصحوب بدوار شديد أو مشاكل في التوازن قد يكون مؤشراً على اضطرابات في الأذن الداخلية مثل داء منيير أو مشاكل في العصب السمعي. وفي حالات نادرة، قد يكون الطنين نابضاً أي يتزامن مع نبضات القلب، مما قد ينذر بمشاكل في الأوعية الدموية أو ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة، وهو ما يستدعي فحوصات دقيقة لتحديد السبب الحقيقي.

أما عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بطنين الأذن، فهي متعددة وتشمل كبار السن بشكل خاص، حيث تزداد نسبة الإصابة به مع التقدم في العمر نتيجة لتدهور الخلايا السمعية. كذلك الأشخاص الذين يتعرضون باستمرار للضوضاء المرتفعة مثل العاملين في المصانع أو الموسيقيين أو عمال البناء، معرضون أكثر من غيرهم لتطور طنين الأذن المزمن. كما تزداد احتمالية الإصابة بين من يعانون من مشاكل صحية مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، مشاكل الغدة الدرقية، أو أمراض القلب والأوعية الدموية. ولا يمكن إغفال أن بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو بعض المضادات الحيوية قد تتسبب أيضاً بالطنين كأثر جانبي.

في النهاية، يجدر التأكيد على أن طنين الأذن ليس مرضاً قائماً بذاته، بل هو عرض قد يكون مرتبطاً بطيف واسع من المشكلات الصحية، تتراوح بين البسيطة والمؤقتة مثل انسداد الأذن نتيجة تراكم الشمع أو التعرض المؤقت للضوضاء، وصولاً إلى اضطرابات معقدة وخطرة كأمراض الأذن الداخلية أو الأورام التي تصيب العصب السمعي أو حتى مشكلات الدورة الدموية داخل الدماغ. لذلك، من الخطأ الشائع التعامل مع الطنين كعارض عابر يمكن تجاهله، خاصة إذا كان مستمراً أو متفاقماً مع مرور الوقت.

إهمال الطنين قد يفاقم من احتمالية الإصابة بمضاعفات حادة مثل فقدان السمع التدريجي، أو تدهور جودة حياة المريض نتيجة للإرهاق المستمر الناجم عن عدم القدرة على النوم أو التركيز بسبب الصوت المستمر داخل الأذن. كما أن الطنين المستمر قد يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل القلق أو الاكتئاب، وهو ما يزيد من تعقيد الحالة الصحية ويجعل التدخل العلاجي أكثر صعوبة. ولهذا السبب، يعتبر التشخيص المبكر خطوة جوهرية في تجنب الوصول إلى مثل هذه المضاعفات.

وينصح بشدة بمراجعة طبيب الأنف والأذن والحنجرة عند ملاحظة أي تغيّر في نمط الطنين، كأن يصبح الصوت أعلى من المعتاد، أو يتبدل إلى طنين نابض يتزامن مع دقات القلب، أو عند شعور المريض بآلام مصاحبة أو دوار أو ضعف في السمع. وفي حال كان المريض من ضمن الفئات الأكثر عرضة مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم أو أولئك الذين يعملون في بيئات صاخبة، تصبح مراجعة الطبيب أكثر أهمية وضرورة.

بالتالي، الوعي بطبيعة طنين الأذن وأسبابه المحتملة هو أمر حاسم لكل شخص يعاني من هذه المشكلة أو قد يكون عرضة لها. فكلما تم التعامل مع الطنين بجدية وبطريقة علمية، زادت فرص السيطرة عليه وتفادي مضاعفاته، ما يضمن للمرضى حياة صحية ومتوازنة بعيداً عن المعاناة اليومية.