يختلف ما تريده الولايات المتحدة الأميركية من العهد الجديد، عمّا تريده فرنسا منه. فالأولى تهتمّ بمصلحة "إسرائيل" في المنطقة أولاً، في حين تسعى الثانية الى تحقيق مصالحها ومصالح الإتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط من البوّابة اللبنانية. وتكتسي زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون الى باريس اليوم الجمعة، والتي حضّر لها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة الى بيروت، أهمية بالغة لناحية الملفات التي سيُناقشها عون مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يُحضّر لمؤتمر دولي حاشد لإعادة إعمار لبنان، والذي سبق وأن أعلن عنه خلال زيارته الى بيروت في كانون الثاني الفائت.
ومن الواضح أنّ واشنطن تربط بين إعادة إعمار لبنان، وبين ما تودّه "إسرائيل"، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، من انسحاب عناصر حزب الله من جنوب وشمال الليطاني، فضلاً عن تفكيك البنية التحتية للحزب، وتحتج بأنّ الجيش اللبناني لا يقوم بهذه المهمّة، في حين يقوم الجيش بكلّ ما هو مطلوب منه، بحسب المعلومات المؤكّدة، وليس هناك اي إهمال أو تقصير في هذا الأمر. كما تعمل "إسرائيل" على عرقلة عودة أبناء قرى الحافة الأمامية للحدود كونهم "مقاومين" بمعظمهم، من وجهة النظر "الإسرائيلية". في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن و"تلّ أبيب" الى تأمين أمن المستوطنات الشمالية لإعادة سكّانها اليها، من خلال بقاء القوّات "الإسرائيلية" محتلّة للتلال الخمس (أو لسبعة مواقع استراتيجية جنوباً).
أمّا فرنسا فتربط بين ما سبق وأن طالبت لبنان به في عهد الحكومات الأخيرة، أي الإصلاحات المالية والإقتصادية والهيكلية الموعودة، وبين تمويل إعادة إعمار لبنان من قبل الدول المانحة والمجتمع الدولي. وما يهمّها بطبيعة الحال عودة الأمن والاستقرار الى الحدود الجنوبية، لكي يتمكّن "كونسورتيوم" الشركات النفطية الذي تقوده شركة "توتال" الفرنسية، من مواصلة عمله في التنقيب واستخراج النفط من البلوكات البحرية التابعة للبنان. وتسعى شركة "شيفرون" الأميركية العاملة في حقول النفط الفلسطينية التي تسيطر عليها "إسرائيل"، الى مزاحمة "تحالف الشركات" (الذي يضمّ الى "توتال"، "إيني" الإيطالية، و"قطر إنرجي" القطرية) الى الاستثمار في البلوكات اللبنانية، في حال عودة الهدوء الى المنطقة، ما يُشجّعها على تقديم طلب للحصول على الترخيص وبدء العمل في أحد البلوكات المعروضة.
ويتوافق رأي الرئيس عون وحكومة نوّاف سلام، وفق المصادر، مع الموقف الفرنسي، إذ شدّد عون خلال اللقاء بلودريان يوم الأربعاء، على أنّ "الإصلاحات هي أولوية بالتوازي مع إعادة إعمار ما دمّرته "إسرائيل"، مؤكّداً على “ضرورة عمل رعاة إتفاق وقف إطلاق النار على الضغط على "إسرائيل"، للالتزام به حفاظاً على صدقيتهم ولوقف الأعمال العدائية". وقد بدأت حكومة سلام بالإصلاحات من خلال التعيينات العسكرية والأمنية والإدارية، وستواصلها شيئاً فشيئاً، بهدف استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان والشعب اللبناني بدولته.
وتحرص فرنسا على أن تكون زيارة الرئيس عون اليها اليوم ناجحة ومثمرة، على ما تلفت المصادر، ويُبنى عليها من أجل تحديد موعد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار لبنان. هذا المؤتمر الذي تُحاول الولايات المتحدة الأميركية عرقلته أو تأجيله لتنفيذ ما تُطالب به "إسرائيل"، ألا وهو عدم إعادة إعمار الجنوب سريعاً، لأنّ هذا الأمر يُشجّع على عودة السكّان الى قراهم. علماً بأنّ عدداً كبيراً من الجنوبيين عاد، حيث حلّت الأنقاض بدلاً من منازلهم، الأمر الذي أزعج "إسرائيل" التي تُحاول بشتّى الوسائل إبعاد سكّان الجنوب عن الحدود، من خلال خلق منطقة عازلة، أو أرض محروقة لا حياة فيها.
وتجد فرنسا بأنّ الإنطلاقة الجيّدة لعهد الرئيس عون ولحكومة سلام، تتمثّل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و"إسرائيل" الذي جرى في 26 تشرين الثاني الماضي، والقرار 1701، الى جانب البدء بإعادة إعمار الضاحية والجنوب والبقاع، بعد ضمان عدم شنّ "اسرائيل"، أي حرب جديدة على لبنان تُعيد تهديم ما جرى إعماره. وتتبنّى فرنسا وجهة نظر الدولة اللبنانية بأنّ إعادة الإعمار مشروطة فقط بمسألة تنفيذ الإصلاحات في أسرع وقت ممكن، والتي بدأت بمسألة التعيينات واعتماد مبدأ الكفاءة والشفافية والكفّ النظيف، الى جانب هيكلة المصارف وفق تشريعات جديدة، كونها ستُساهم في إعادة الإعمار من خلال تلقّي أموال ومساعدات الدول المانحة.
وفي السياق نفسه، تحدّثت بعض المعلومات عن حصول تنسيق فرنسي- سعودي، يهدف الى عقد مؤتمر تحضيري بداية نيسان المقبل، للتحضير للمؤتمر الدولي لدعم إعادة إعمار لبنان، سيما وأنّ السعودية والدول الخليجية ستكون من بين الدول المانحة التي ستعمل على تمويل مسألة إعادة الإعمار. علماً بأنّ الزيارة الأولى لعون كانت الى السعودية، وسيليها زيارة ثانية لتوقيع الإتفاقيات التي تتعلّق بعودة المشاريع الإستثمارية، والرعايا السعوديين والخليجيين الى لبنان.
وتقول المصادر إنّ فرنسا تقوم بكلّ جهودها لمساعدة لبنان على النهوض من كبوته، وتريد الولايات المتحدة عدم تعثّر العهد الجديد، ولكن ليس على حساب "إسرائيل". وقد أكّد لودريان خلال زيارته على دعم بلاده للبنان في لجنة المراقبة "الخماسية"، وأنّها جديّة في مواصلة الضغط والمباحثات مع الأميركي و"الإسرائيلي" لفرض انسحاب "إسرائيل" من النقاط الخمس الحدودية (التي أصبحت 7 أو 8)، لأنّ انسحابها منها هو الشرط الأساسي للانتقال سريعاً الى إعادة إحياء "اللجنة الخماسية" واللجنة العسكرية الثلاثية، لاستكمال البحث في ما تبقّى من نقاط متنازع عليها. وقد يوافق "الإسرائيلي" على الإنسحاب منها، كونه لم يعد بحاجة الى نقاط استراتيجية، لا سيما بعد أن استولى على جبل الشيخ (أو حرمون) بكامله، وعلى الجولان السوري، ما يجعله قادراً على مراقبة كامل المنطقة الجنوبية، سيما أنّه يمتلك تقنيات عسكرية هائلة، من ضمنها الاقمار الصناعية.
وفي ما يتعلّق بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها، تفيد المعلومات بأنّه بعد أن جرى الإتفاق سابقاً على 7 نقاط، يبقى هناك 6 لم تعد تشكل قلقاً بالنسبة للعدو، وتحديداً نقطة رأس الناقورة (الـ "بي.1") التي تمسّك بها خلال المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، ورفض تحديدها لكي لا يتمكّن لبنان من استخدامها كنقطة أساسية في الترسيم البحري. ولكن بعد أن أخذ "الإسرائيلي" ما أراد حينها ورسّم على بعد نحو 5 أميال من نقطة "الطفّافات" أو "العوّامات" في البحر، لم يعد متمسكاً بها، ما يعني إمكان التفاوض حولها. وهناك نقطة العديسة التي تعتبر نقطة عالقة وشائكة أيضاً، ويطرح "الاسرائيلي" مسألة تبادل الأراضي حولها، كونه بنى أبنية ومنشآت داخل الأراضي اللبنانية لا يريد هدمها، بل إعطاء مقابل للبنان بدلاً عنها من ضمن الأراضي المحتلّة. ولكن الدولة اللبنانية ترفض هذه الإقتراحات التي تهدف الى التغيير الديموغرافي والجغرافي للحدود النهائية للبنان.
يتم قراءة الآن
-
توجس سعودي من صفقة تركية ـ اسرائيلية
-
هل عادت الكلمة للشارع... من طريق المطار الى ساحة الشهداء الحريري يكسب الرهان الشعبي... والحزب "يهز العصا"
-
ما هي تداعيات وقف المساعدات الأميركية على الاقتصاد اللبناني؟ لبنان كان يتلقى مساعدات بقيمة ٦٤٣ مليون دولار لمختلف القطاعات
-
كوريا الشمالية: على أميركا التخلي عن تهديداتها العسكرية إذا كان لديها مخاوف بشأن سلامة أراضيها
الأكثر قراءة
-
هل عادت الكلمة للشارع... من طريق المطار الى ساحة الشهداء الحريري يكسب الرهان الشعبي... والحزب "يهز العصا"
-
كوريا الشمالية: على أميركا التخلي عن تهديداتها العسكرية إذا كان لديها مخاوف بشأن سلامة أراضيها
-
الدراّج اللبناني رفيق عيد: سأشارك في جميع مراحل بطولة العالم للراليات الصحراوية (باها) للعام الجاري
عاجل 24/7
-
18:19
زحمة سير خانقة والسير شبه متوقف من اوتوستراد الضبية وصولاً الى الدورة
-
18:18
زحمة سير خانقة والسير شبه متوقف من اوتوستراد طبرجا حتى الذوق!
-
18:13
الجيش "الإسرائيلي": سقوط طائرة قرب نيريم بغلاف غزة ولا خوف من أي تسرب للمعلومات.
-
18:13
الجيش الأميركي: العثور على جثث 3 من بين 4 جنود أميركيين فقدوا في ليتوانيا
-
18:12
28 شهيدا في غارات "إسرائيلية" على مناطق عدة في قطاع غزة منذ فجر اليوم.
-
18:12
10 شهداء بينهم 3 أطفال في غارة "إسرائيلية" استهدفت منزلا بشارع يافا بحي التفاح شرق مدينة غزة.
