كيف يؤثر النوم المتأخر في صحّتك النفسيّة ويزيد خطر الاكتئاب؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعد النوم أحد الركائز الأساسية للصحة النفسية والجسدية، حيث يؤثر بشكل مباشر على المزاج، والتركيز، والقدرة على التعامل مع الضغوط اليومية. ومع ذلك، في عالم اليوم السريع، أصبح النوم المتأخر عادة شائعة بين الكثيرين، سواء بسبب العمل أو الدراسة أو الترفيه. لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن السهر قد يكون له عواقب خطيرة على الصحة النفسية، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن النوم المتأخر يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب.

النوم ليس مجرد فترة راحة للجسم، بل هو عملية حيوية تساعد الدماغ على استعادة توازنه الكيميائي والتخلص من السموم العصبية التي تتراكم خلال اليوم. عندما ينام الإنسان في وقت متأخر، يختل هذا التوازن، مما يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق. كما أن قلة النوم أو تأخيره يؤثران على إنتاج الهرمونات المسؤولة عن تنظيم المزاج، مثل السيروتونين والدوبامين، مما قد يسبب مشاعر الحزن والإرهاق العقلي.

أثبتت الأبحاث أن هناك علاقة قوية بين النوم المتأخر وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب. فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أن الأشخاص الذين ينامون متأخرًا يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى 40٪ مقارنة بأولئك الذين ينامون في وقت مبكر. ويرجع ذلك إلى اضطراب الساعة البيولوجية للجسم، والتي تنظم دورات النوم والاستيقاظ، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية.

عندما تتأخر في النوم، فإنك تعرض نفسك لتغيير في أنماط النوم العميق، وهو النوع من النوم الذي يساعد على تجديد خلايا الدماغ والتخلص من المشاعر السلبية. إضافة إلى ذلك، فإن السهر غالبًا ما يرتبط بعادات غير صحية مثل قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات أو تناول الوجبات السريعة، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل النفسية والجسدية.

إنّ الساعة البيولوجية هي النظام الداخلي للجسم الذي ينظم فترات النوم والاستيقاظ بناءً على الضوء والظلام. عندما ينام الشخص في وقت متأخر، يختل عمل هذه الساعة، مما يؤثر على إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يساعد على النوم العميق والاسترخاء. وعندما تقل مستويات هذا الهرمون، يصبح النوم متقطعًا وغير مريح، مما يؤدي إلى الشعور بالإجهاد العقلي والقلق، وهما عاملان رئيسيان في الإصابة بالاكتئاب.

على الرغم من أن النوم المتأخر قد يؤثر على أي شخص، إلا أن هناك فئات أكثر عرضة للتأثر بهذه العادة. على سبيل المثال، الشباب الذين يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات النوم والاكتئاب. كما أن الأشخاص الذين يعملون في وظائف ليلية أو يعانون من ضغوط مهنية عالية قد يكونون عرضة لهذه التأثيرات النفسية السلبية.

إضافة إلى ذلك، فإن النساء أكثر حساسية لتغيرات النوم مقارنة بالرجال، حيث تؤثر الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين على جودة النوم وتنظيم المزاج. لذلك، فإن النساء اللواتي يعانين من الأرق أو يعتدن على النوم المتأخر قد يواجهن خطرًا أكبر للإصابة بالاكتئاب.

لحماية نفسك من آثار النوم المتأخر على الصحة النفسية، من المهم اتباع روتين نوم صحي. ينصح الخبراء بالنوم والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، لضبط الساعة البيولوجية للجسم. كما يُفضل تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، لأن الضوء الأزرق المنبعث منها يؤثر على إنتاج الميلاتونين.

كذلك، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن تساعد على تحسين جودة النوم وتقليل مستويات التوتر. ويُنصح أيضًا بتجنب تناول الكافيين في الساعات المتأخرة من اليوم، حيث يمكن أن يؤثر على قدرة الجسم على الاسترخاء والنوم العميق.

إنّ النوم المتأخر ليس مجرد عادة غير ضارة، بل قد يكون له تأثيرات خطيرة على الصحة النفسية، خاصة فيما يتعلق بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب. لذلك، فإن الالتزام بعادات نوم صحية والنوم في أوقات منتظمة يمكن أن يساعد في الحفاظ على توازن الدماغ والمزاج، مما يحميك من الاضطرابات النفسية التي قد تؤثر على حياتك اليومية. إذا كنت تجد صعوبة في تغيير نمط نومك، فمن المهم استشارة طبيب مختص للحصول على الدعم اللازم وتحسين جودة حياتك.