اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تعد متلازمة "كوشينغ" من الاضطرابات النادرة التي تنتج عن التعرض لفترات طويلة لارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم. يعد الكورتيزول، الذي يُفرز من الغدد الكظرية، هرمونًا مهمًا يتحكم في العديد من وظائف الجسم مثل الاستجابة للإجهاد، وتنظيم عملية الأيض، وضغط الدم، وتعزيز المناعة. إلا أن ارتفاع مستوياته بشكل مزمن يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية خطيرة تؤثر على معظم أجهزة الجسم.

​تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة "كوشينغ". في الغالب، ينتج الاضطراب عن الإفراط في إنتاج هرمون الكورتيزول بسبب وجود أورام في الغدة النخامية أو الغدة الكظرية. عندما تكون الأورام موجودة في الغدة النخامية، فإنها قد تفرز كمية مفرطة من الهرمون المنشط للكظر "ACTH"، مما يحفز الغدة الكظرية على إنتاج المزيد من الكورتيزول. في حالات أخرى، قد تكون الأورام الموجودة في الغدة الكظرية هي المسؤولة عن إفراز كميات كبيرة من الكورتيزول بشكل مباشر. كما يمكن أن تكون متلازمة كوشينغ نتيجة للاستخدام المزمن لبعض الأدوية، مثل الكورتيكوستيرويدات، التي تُستخدم لعلاج التهابات أو أمراض مناعية، مما يؤدي إلى رفع مستويات الكورتيزول في الجسم.

تتسم متلازمة "كوشينغ" بمجموعة من الأعراض المتنوعة التي تظهر بسبب تأثير الكورتيزول على الجسم. من أبرز هذه الأعراض:

- زيادة الوزن والترهل: يعاني المصابون بمتلازمة كوشينغ من زيادة ملحوظة في الوزن، خاصة في منطقة البطن والوجه (حيث يصبح الوجه منتفخًا أو يشبه القمر). كما قد يلاحظون تجمع الدهون في منطقة أعلى الظهر، مما يؤدي إلى ما يُعرف "بنتوء الجاموس".

- تغيرات في الجلد: يشكو العديد من المرضى من ظهور كدمات بسهولة، بالإضافة إلى ترقق الجلد، مما يجعله هشًا وقابلًا للتلف بسهولة. كما قد تظهر خطوط حمراء أو أرجوانية على الجلد (تسمى التمددات الجلدية) نتيجة تمدد الأنسجة تحت الجلد.

- ارتفاع ضغط الدم: يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة كوشينغ من ارتفاع مزمن في ضغط الدم، وهو أمر يرتبط عادةً بزيادة إفراز الكورتيزول الذي يؤثر في مستوى الصوديوم والماء في الجسم.

- ضعف العضلات والعظام: يعاني المصابون أيضًا من ضعف في العضلات، خاصة في الجزء العلوي من الجسم، وقد يؤدي ذلك إلى صعوبة في صعود السلالم أو حمل الأشياء الثقيلة. بالإضافة إلى ذلك، يزداد خطر الإصابة بهشاشة العظام بسبب تأثير الكورتيزول على كثافة العظام.

- تغيرات نفسية وعاطفية: يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الكورتيزول إلى تقلبات مزاجية شديدة، حيث يعاني البعض من الاكتئاب والقلق، في حين يعاني آخرون من مشاعر التوتر والإرهاق المزمن. كما قد يظهر على بعض المرضى فقدان التركيز أو الذاكرة.

- زيادة مستويات السكر في الدم: نظرًا لأن الكورتيزول يُؤثر على عملية التمثيل الغذائي للسكر، فإن الإصابة بمتلازمة كوشينغ قد تؤدي إلى مقاومة الأنسولين وارتفاع مستويات السكر في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.

هذا وتتفاوت فرص الإصابة بمتلازمة "كوشينغ" بناءً على عوامل عديدة. بشكل عام، فإن الأشخاص الذين يتعرضون للعلاج طويل الأمد باستخدام الكورتيكوستيرويدات هم الأكثر عرضة لهذه المتلازمة. تستخدم هذه الأدوية على نطاق واسع لعلاج أمراض التهابية وحالات مناعية مثل التهاب المفاصل، والربو، وبعض أمراض الجهاز الهضمي. إذا تم استخدامها بجرعات عالية ولمدة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى خلل في مستويات الكورتيزول في الجسم ويؤدي إلى تطور متلازمة "كوشينغ".

علاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض الغدة النخامية أو الغدد الكظرية هم أيضًا في خطر أكبر للإصابة بالمتلازمة. كما أن بعض الدراسات أظهرت أن النساء في سن الإنجاب هن أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب مقارنة بالرجال، خاصةً أولئك الذين يعانون من حالات صحية تؤثر في الغدة النخامية مثل الأورام النخامية.

إنّ تشخيص متلازمة "كوشينغ" يتطلب مجموعة من الاختبارات الطبية التي تهدف إلى قياس مستويات الكورتيزول في الدم والبول. يُستخدم فحص "الديكساميثازون" (الذي يختبر استجابة الجسم لمادة كيميائية معينة) بالإضافة إلى فحوصات تصويرية مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتحديد مصدر الاضطراب.

أما بالنسبة للعلاج، فيعتمد على السبب الكامن وراء المتلازمة. في حالة وجود ورم في الغدة النخامية أو الكظرية، قد يتطلب الأمر التدخل الجراحي لإزالة الورم. في بعض الحالات، قد يحتاج المرضى إلى العلاج الإشعاعي أو الأدوية التي تساهم في تقليل إفراز الكورتيزول. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من متلازمة كوشينغ الناتجة عن الأدوية، قد يتم تعديل الجرعة أو استبدال الدواء بأدوية أخرى.

 

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس