أزمات لبنان المتتالية التي أدت إلى أنهيار الدولة في لبنان لم تستثن أحد من مكوناته، فمنذ عام 2019 مع بداية الأزمة الاقتصادية، التي كانت البداية لطريق الانهيار العام في البلاد، بدأت معاناة الشعب اللبناني الذي يعيش الحرمان من حق الحياة الكريمة التي يسعى إليها كل بشري على وجه الأرض.
صرخات تعلو هنا وهناك من حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها اللبناني في البلاد، علها تجد أذانا صاغية لتلبي ابسط الحقوق المتعارف عليها. واليوم وبعد معاناة دامت لأكثر من 5 سنوات، اطلق الاساتذة المتعاقدون بالساعة في الجامعة اللبنانية صرختهم، بعد أن صبروا كل هذه المدة على أبشع أنواع التهميش والإهمال، بحسب بيان صدر عن لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية.
يذكر أن لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، أعلنت يوم الأحد الماضي الاضراب التحذيري لفترة أسبوع ابتداء من الاثنين 7 نيسان ولغاية صباح الاثنين 14 نيسان 2025، محذرة من أنها قد تعمد إلى تمديده في حال لم تلق مطالبهم "الاستجابة العاجلة".
هذا الإضراب جاء ببيان للجنة قالت فيه "منذ العام 2019 وحتى اليوم، يعيش الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية أبشع أنواع التهميش والإهمال، فقد حرموا من بدلات التعليم عن بُعد، ومن معظم المساعدات الاجتماعية، ومن بدلات الإنتاجية التي دفع بعضها بعد طول معاناة وبشكل غير منتظم، كما لم تحترم الجامعة العقود التي وقّعتها معهم، لا من حيث انتظام الدفع، ولا من ناحية الالتزام بمراسيم النقل، سواء من حيث القيمة أو المواعيد، علما أنهم يشكلون ركيزة من ركائز نهضة الجامعة، وأن تضحياتهم والتزامهم كانت عنصرا أساسا في ما بلغته الجامعة من رفعة ومكانة، فنحن لسنا طرفا هامشيا بل الرافعة التي تضمن للجامعة استمرارها وجودة تعليمها واستقرارها الأكاديمي".
وتابعت اللجنة في بيانها "لقد صبر المتعاقدون خمس سنوات على هذه المعاناة، وتحملوا هذا العام تأخير دفع مستحقاتهم لأكثر من خمسة أشهر، لكن الصبر بلغ حده، ولم يعد مقبولا أن ينكر على المتعاقدين حقّهم في الحد الأدنى من العدالة، في ظل تجاهل مزمن لملف التفرغ وحرمانهم من هذا الحق منذ أكثر من عشر سنوات، وها هم اليوم يحرمون حتى من أبسط الحقوق الإنسانية، الأجر مقابل العمل".
يذكر أن الجامعة اللبنانية، هي الجامعة الحكومية الوحيدة في لبنان. يرجع تأسيسها إلى سنة 1951، فقد كانت كل كلياتها ومعاهدها في بيروت، قبل أن تجبرها الحرب المشؤومة عام 1975 على إحداث فروع للكليات في محافظات جبل لبنان ولبنان الشمالي ولبنان الجنوبي والبقاع، لتسهيل تنقل الطلبة. ووردت لأول مرةٍ فكرة تأسيس الجامعة في خطاب وزير الخارجية اللبناني الأسبق حميد فرنجية في 11 كانون الأول 1948، خلال حفل اختتام مؤتمر الأونيسكو الثالث الذي انعقد في بيروت، حين قال "إن لبنان يأملُ أن يرى في هذا المكان جامعةً لبنانيةً تكون روحها روح الأونيسكو".
الجامعة اللبنانية لم تغب في خطاب القسم التاريجي لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي قال متعهداً "عهدي أن نستثمر في العلم ثم العلم ثم العلم، وفي الجامعة اللبنانية"، مؤكدا على وقوفه الى جانب الجامعة اللبنانية، وتصميمه على معالجة المشاكل التي تعاني منها، لما فيه المصلحة العليا للتربية الجامعية في لبنان والمحافظة على دورها، جاء ذلك خلال استقباله في قصر بعبدا في بداية العهد، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران على رأس وفد من العمداء والمدراء والأساتذة والاداريين من الجامعة، كما شدد الرئيس عون على ضرروة إبعاد الجامعة اللبنانية عن المهاترات السياسية والطائفية والمذهبية، وحث على ضرورة ان يحافظ هذا الصرح الجامعي على السمعة والتصنيف اللذين حققهما محليا وعالميا، معتبرا ذلك فخرا للبنان، وختم "عيناي ستبقيان على الجامعة لمساعدتها ولن نقصر، وهذا واجبنا".
يذكر أن تصنيف الجامعة اللبنانية ارتفع على المستوى العالمي بحسب تقرير مؤسسة ( QS) لعام 2025، لتنتقل إلى المرتبة 567 عالميا بعدما كانت في المرتبة 577 عام 2024، ومن بين ست جامعات لبنانية تستجيب لمعايير (QS )، وتم تقييمها في التصنيف العالمي لعام 2025. احتلت الجامعة اللبنانية المرتبة الأولى محليا على مستوى مؤشري السمعة المهنية والسمعة الأكاديمية، وتستند المؤسسة إلى جملة من المعايير لتصنيف الجامعات، أبرزها السمعة المهنية والسمعة الأكاديمية، ونسبة الأساتذة الحائزين على شهادة الدكتوراه وتجربتهم التعليمية، إضافة إلى نسبة أعداد الطلاب والتشبيك مع المؤسسات البحثية.
وكانت الجامعة اللبنانية قد صنفت عالميا بين أول مئة جامعة في اختصاص الهندسة البترولية، وأول مئة وخمسين جامعة في اختصاصَي الصيدلة والعلوم الدوائية، وأول ثلاثمئة جامعة في اختصاصَي الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وذلك استنادا إلى تقرير(QS ) لتصنيف الجامعات على مستوى الاختصاصات لعام 2024.
مصدر من الجامعة اللبنانية اكد إلى أن "إضراب الاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية لم يأت من الفراغ، وهو ليس عملا بطوليا بالنسبة لهم، فالاضراب أساساً مكروه عندهم، لكن بعد أن وصلوا إلى طريق مسدودة ليسمع المسؤولون أوجاعهم، بات الإضراب سبيلهم الوحيد لتحسين وضعهم، عبر اتخاذ قرارات تعيد لهم حقوقهم المسلوبة عمدا أو اهمالا".
وفي هذا السياق طالب الاساتذة المتعاقدون في بيانهم بتسريع الإجراءات المؤدية إلى إقرار التفرغ، الذي يبقى المطلب الأساس لضمان استقرار الجامعة وإنصاف المتعاقدين، إضافة إلى تحسين أجر الساعة بنسبة لا تقل عن 70% من قيمتها قبل الأزمة، أسوة بتحسين رواتب من يوازيهم في الاختصاص وفي الواجبات، كما طالبوا في بيانهم بدفع بدلات النقل عن كل أيام الحضور الفعلي، والالتزام التام بنصوص المراسيم ذات الصلة، ورفض أي إجراء مخالف تحت أي ذريعة، وصرف جميع المستحقات المتأخرة فورا، دون أعذار ترتبط بنقص الموظفين أو الإضرابات، وهي حجج لم تعد تقنع أحدا بعد سنوات من اللامبالاة والتأجيل، بحسب البيان الذي ختم بتأكيد على أن سرعة تجاوب الإدارة والمسؤولين مع المطالب ستقابل بإيجابية، وذلك لحرصهم على الجامعة وطلابها ومستقبلهم.
والسؤال هنا، هل تجد هذا المطالب المحقة لبناة الاجيال آذانا صاغية لدى حكومة "الانقاذ والتغيير"، فيتم دراسة كل مطالبهم وتأمين حقوقهم، كي يتابعوا دورهم في بناء الأجيال من الطلاب والطالبات في جميع كليات الجامعة اللبنانية؟ أم أن العام الدراسي مهدد بالانهيار ايضا، إذا لم تقم الدولة بواجبها تجاه هؤلاء المحرومين من أدنى الحقوق؟
يذكر أن تأسيس الجامعة اللبنانية أتى وليد حراك شعبيٍ وطالبي كبير، سجلت انطلاقته في 23 كانون الثاني من العام 1951 مع إضراب عام استمر مدة طويلة، وشارك فيه طلاب ثانويون وجامعيون أكثرهم من جامعة القديس يوسف، وشهد التحرك تظاهرات واشتباكات مع رجال الأمن، أجبرت مجلس الوزراء على الاجتماع في 5 شباط من السنة نفسها، وشهد العام 1951 ولادةَ أول نواة للجامعة اللبنانية، مع إنشاء دار المعلمين العليا ومعهد للإحصاء بإدارة الدكتور خليل الجر.
وفي العام 1953، صدر المرسوم رقم 25 تاريخ 26/2/1953 الذي استحدث مركزاً للدراسات المالية والإدارية وألحق بالجامعة، وسمي فيما بعد بـ "معهد الإدارة والمال"، كما نص على إبدال اسم "دار المعلمين العليا " بـ "معهد المعلمين العالي". وفي عام 1959، صدر مرسوم الجامعة التنظيمي رقم 2883 تاريخ 16/12/1959، ونص في مادته الأولى على أن الجامعة اللبنانية مؤسسة تقوم بمهام التعليم العالي الرسمي بمختلف فروعه ودرجاته، لكن القانون الأساسي لتنظيم الجامعة الذي كرس استقلالها الأكاديمي والإداري والمال، صدر بتاريخ 26/12/1967 تحت رقم 75/67. وبعد ذلك نظم عمل الهيئة التعليمية في الجامعة بموجب القانون رقم 6/70 تاريخ 23/2/1970، وكذلك وضع النظام المالي للجامعة بموجب المرسوم رقم 14246 تاريخ 14/4/1970.
وتولى رئاسة الجامعة اللبنانية منذ نشأتها تباعاً كل من: الدكتور خليل الجر (1951-1953)، الدكتور فؤاد أفرام البستاني (1953-1970)، الدكتور إدمون وديع نعيم (1970-1976)، الدكتور بطرس يوسف ضاهر ديب (1977-1980)، الدكتور جورج طعمة(1980-1988) الدكتور ميشال عاصي(بالتفويض 1988-1990)، الدكتور هاشم حيدر(بالنيابة، 1990-1992)، الدكتور محمد المجذوب (1992-1993)، الدكتور أسعد دياب (1993-2000)، الدكتور إبراهيم قبيسي (2001-2006)، الدكتور زهير علي شكر (2006-2011)، الدكتور عدنان السيد حسين (2011-2016)، الدكتور فؤاد حسين أيوب (2016 - 2021)، الدكتور بسام بدران (2021).
يتم قراءة الآن
-
أيّ رؤوس تسقط في لبنان؟
-
من الدوحة الى روما... الحرب والسلام على طاولة واحدة 28 نيسان: اجتماع حاسم حول الأجور ونظام التقاعد تحقيق أردني يكشف تدريب خلية إرهابية في لبنان... وبيروت تتعاون زيارة عون لقطر: رسائل إصلاحية وطلب لتوسيع المساعدات
-
اليوم التالي: أين توطين الشيعة؟
-
غموض في مصير لبنان وسط التهديدات «الاسرائيلية» المستمرة لا عودة خليجية بلا استقرار أمني شامل مواجهة صامتة على صلاحيات الحاكم
الأكثر قراءة
-
غموض في مصير لبنان وسط التهديدات «الاسرائيلية» المستمرة لا عودة خليجية بلا استقرار أمني شامل مواجهة صامتة على صلاحيات الحاكم
-
هل ما يدور بين الرئيس عون وحزب الله "حوار طرشان"؟ الإتفاق على العناوين العامة لا يُبدّد الخلاف على التفاصيل - المقاومة واقعيّة وتدرك التحوّلات... لكنها لن تقبل" بالإنتحار" - خطة حزب الله جاهزة للعرض متى بدأ الجدّ!
-
خلافات داخليّة وراء عزوف "المستقبل" بلدياً؟
عاجل 24/7
-
10:13
تحليق مسيرة "إسرائيلية" في أجواء العاصمة بيروت ومحيطها
-
23:35
فوز الحكمة على المركزية بنتيجة 93-66 ضمن المرحلة الثانية عشرة من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:56
"الميادين": إصابة مواطن من جراء عدوان الاحتلال على بلدة الزلوطية
-
22:55
تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي على علو متوسط فوق السلسلة الشرقية في مناطق البقاع الاوسط بدءا من المصنع وصولا الى قرى السلسلة الشرقية شرقي بعلبك
-
22:34
زحمة سير خانقة عند جسر الأولي عند مدخل مدينة صيدا الشمالي ، جراء التدابير الأمنية التي يتخذها الجيش في كافة المناطق اللبنانية.
-
22:17
آبادي: التهديدات والضغوط لا تتوافق مع التفاوض
