اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أبدت حكومة الرئيس نوّاف سلام حماساً في استكمال تطبيق الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، لا سيما بعد الزيارة الثانية لنائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الى لبنان، التي أثنت خلالها على عمل الحكومة، وشدّدت على أمرين هما: نزع السلاح والإصلاحات، وإلّا فإنّ تمويل إعادة الإعمار سيتأخّر.

فقد استكملت الحكومة في الجلسة التي عقدتها أمس الثلاثاء النقاش حول "مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف"، وهو أحد القوانين الإصلاحية الإقتصادية الملحّة، بعد تعديل "قانون سرية المصارف"، وإصلاح الوضع المصرفي. وقد كان الإتفاق بين السلطات اللبنانية و"صندوق النقد الدولي" على أن يصدر هذا القانون منذ سنوات، ما يتيح للبنان الحصول على 3 مليارات دولار، ووضعه على سكّة الإصلاح الإقتصادي، لكن هذا الأمر لم يحصل. واليوم يجري تعديل القانون لهذه الغاية، على أن يكون الهدف من إقراره حماية أموال المودعين، وانتظام القطاع المصرفي خلال المرحلة المقبلة، قبل مغادرة الوفد اللبناني للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري.

وحاولت أورتاغوس خلال لقاء تلفزيوني أثناء وجودها في بيروت، التلميح الى أنّ ثمّة شرخا بين مواقف الرؤساء الثلاثة، عندما قالت بأنّها "لم تسمع من رئيس الجمهورية جوزاف عون أنّه يرفض تشكيل لجان مدنية ديبلوماسية"، لمعالجة مسألة إنسحاب القوّات "الإسرائيلية" من التلال الخمس، وحلّ الخلاف على النقاط الـ 13 المتنازع عليها، وإعادة الأسرى اللبنانيين. في حين يعلم الجميع موقف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من هذا الموضوع، نظراً لرفضه جرّ لبنان الى التطبيع مع "إسرائيل" من خلال هذا النوع من التفاوض، وتشديده على أنّه بإمكان اللجنة الثلاثية العسكرية- التقنية القيام بمسألة ترسيم الحدود البريّة، على ما جرى في ترسيم الحدود البحرية (في 27 تشرين الأول من العام 2022) من خلال مفاوضات غير مباشرة بين لبنان و"إسرائيل"، قامت بها اللجنة المذكورة في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الأميركية بشخص الوسيط آموس هوكشتاين.

تقول مصادر سياسية مواكبة لزيارة أورتاغوس وما بعدها، بأنّ لبنان يقوم بكلّ ما يجب عليه القيام به انطلاقاً من التزامه باتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701. فقد جرى نشر 7000 جندي في الجنوب بهدف بسط سيطرة الدولة هناك، الأمر الذي جعل أورتاغوس بعد إبلاغها بهذا الأمر، تتراجع عن لوم الجيش بالتقصير والإهمال، على ما كانت تتذرّع به "إسرائيل" لكي تستكمل اعتداءاتها على القرى الجنوبية وضاحية بيروت والبقاع. كما أنّ لبنان بدأ بالإصلاحات السياسية والإدارية، من خلال انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة ، التي قامت سريعاً بالتعيينات القضائية والأمنية والإدارية وتستكملها الى جانب التشكيلات الديبلوماسية المرتقبة. كما أنّه يعمل على تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار منذ اللحظة الأولى لدخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الفائت... وهذه نقطة مهمّة يُمكن للبنان أن يستعيد من خلالها ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي به كبلد يحترم المؤسسات والقوانين ويلتزم بالقرارات الدولية ويعمل على تنفيذ بنودها.

وفي ما يتعلّق بمسألة تشكيل ثلاث لجان مدنية، لإجراء مفاوضات سياسية مباشرة مع "إسرائيل" لمناقشة كيفية انسحاب قوّات الإحتلال من المواقع الحدودية، وحلّ النقاط المتنازع عليها وإعادة الأسرى اللبنانيين، فتقول المصادر نفسها بأنّ لبنان شرح للموفدة الأميركية بأنّ لا أشخاص مدنيين أو ديبلوماسيين الى جانب العسكريين والخبراء، مع استمرار التفاوض غير المباشر مع "إسرائيل"، فيُمكن أن يحصل، كون مثل هذا الأمر لا يؤدّي الى التطبيع مع "إسرائيل"، ولا يُعطي أي إشارة لذلك على ما يودّ العدو.

من هنا، فإنّ المقترح اللبناني أكثر واقعية، على ما تلفت المصادر، لا سيما في ظلّ المرحلة الراهنة، التي لا يزال فيه مصير العلاقات الأميركية- الإيرانية على المحكّ. والى أن تتضح تماماً صورة المباحثات التي ستنطلق السبت بين واشنطن وطهران في سلطنة عمّان حول الإتفاق النووي، يُمكن بعدها البحث بنزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية داخل المخيمات اللبنانية، وسائر المجموعات المسلّحة على الأراضي اللبنانية. وقد أدركت مورغان أنّ نزع سلاح الحزب، هو أمر مؤجل ولا يُمكن أن يحصل إلّا عندما يحين وقته، وذلك من خلال دعوة بعبدا الى حوار وطني للبحث في الإستراتيجية الوطنية الدفاعية للبنان.

كذلك فإنّ التطبيع شيء والسلام شيء آخر، على ما أوضحت المصادر السياسية، لأنّ ثمّة من يخلط بين الأمرين. وإذا كانت أورتاغوس قد شدّدت على أنّها "لم تطرح التطبيع على المسؤولين اللبنانيين"، وأنّ بلادها تودّ أن يحلّ السلام بين لبنان و"إسرائيل"، ولهذا تريد أن تجري مفاوضات سياسية مباشرة بين الجانبين، فهي مخطئة أو مراوِغة. فالسلام يُمكن أن يحدث بينهما من خلال تطبيق القرار 1701 من الجانبين، أو من خلال إتفاقية ما يجري التوافق عليها بينهما بطريقة غير مباشرة، على غرار ما جرى خلال "اتفاقية ترسيم الحدود البحرية"، التي قام كلّ طرف بالتوقيع عليها بمفرده، وأودعت النسختان عنها لدى الأمم المتحدة. ما يعني أنّ لبنان و"إسرائيل" لم يوقّعا معاً على نسخة إتفاق واحدة، لأنّ ليس من علاقات طبيعية بينهما.

في حين أنّ التطبيع يعني عودة العلاقات الى طبيعتها، على ما تابعت المصادر، وإقامة علاقات سياسية وديبلوماسية وفتح سفارة في كلّ من الجانبين. الأمر الذي لا يُمكن أن يحصل حالياً، حتى ولو كان هناك طرف داخلي أو أكثر يريد التطبيع مع "إسرائيل" لإراحة البلد، سيما وأنّ الموضوع يتطلّب موافقة جميع الأطراف. أمّا التفكير بأنّه من شأن التطبيع إبعاد الخطر "الإسرائيلي"عن لبنان، فهو أمر غير مضمون لأنّه سبق لمصر والأردن أن طبّعتا مع "إسرائيل"، غير أنّهما لم تنعما بالهدوء والإستقرار حتى الآن، بل لا تزال "إسرائيل" تطمع بالاستيلاء على مواردهما ولا تلتزم بالإتفاقيات المعقودة بينها وبين كلّ منهما.  

الأكثر قراءة

من الدوحة الى روما... الحرب والسلام على طاولة واحدة 28 نيسان: اجتماع حاسم حول الأجور ونظام التقاعد تحقيق أردني يكشف تدريب خلية إرهابية في لبنان... وبيروت تتعاون زيارة عون لقطر: رسائل إصلاحية وطلب لتوسيع المساعدات