اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تحوّلت المشروبات الغازية في العقود الأخيرة إلى عنصر أساسي في النظام الغذائي اليومي للكثيرين حول العالم، وخصوصًا بين فئة الشباب والمراهقين. وعلى الرغم من طعمها المرغوب وتوافرها بكثرة في الأسواق، فإن استهلاكها المفرط يرتبط بسلسلة طويلة من المشكلات الصحية التي تبدأ من الاضطرابات الهضمية ولا تنتهي عند الأمراض المزمنة والخطرة.

أولى هذه التأثيرات الصحية تتجلى في العلاقة الوثيقة بين المشروبات الغازية وزيادة الوزن. إذ تحتوي هذه المشروبات على كميات كبيرة من السكر المضاف، الذي يُعد من أبرز أسباب تراكم الدهون، خاصة في منطقة البطن. تؤدي هذه السعرات الحرارية "الفارغة" إلى رفع مستوى الغلوكوز في الدم، ما يحفّز إفراز الأنسولين ويؤدي مع الوقت إلى مقاومة الأنسولين، وهي حالة تُعد مقدّمة لمرض السكري من النوع الثاني. وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يستهلكون مشروبات غازية بشكل منتظم أكثر عرضة للإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 26% مقارنة بمن يتجنبونها.

ومن الآثار الأخرى الواضحة لاستهلاك المشروبات الغازية تدهور صحة الأسنان. فالسكريات العالية الموجودة فيها تتفاعل مع البكتيريا الطبيعية في الفم لتنتج أحماضًا قوية تهاجم مينا الأسنان، مما يؤدي إلى تسوسها وضعف بنيتها على المدى الطويل. كما أن الحموضة العالية في بعض أنواع المشروبات الغازية تساهم في تآكل طبقة المينا، حتى في المشروبات التي تُسوّق على أنها "خالية من السكر".

ولا يقتصر تأثير المشروبات الغازية على الوزن والأسنان فحسب، بل يتعداه ليشمل صحة العظام. فقد كشفت عدة دراسات عن وجود صلة بين الاستهلاك المتكرر للمشروبات الغازية وانخفاض كثافة العظام، خاصة لدى النساء. ويُعتقد أن الكافيين والفوسفات الموجودين في هذه المشروبات يؤديان إلى ضعف امتصاص الكالسيوم، مما يزيد خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور.

أما على صعيد صحة القلب، فقد أظهرت الأدلة العلمية أن الاستهلاك الزائد للمشروبات الغازية يرتبط بارتفاع ضغط الدم، وازدياد مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، مما يزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب التاجية والسكتات القلبية والدماغية. كما أن هذه المشروبات تساهم في التهابات مزمنة داخل الجسم، وهي عامل خفي يزيد من خطر الأمراض القلبية والسرطانات.

ولا يمكن الحديث عن أضرار المشروبات الغازية دون التطرّق إلى التأثير السلبي في الكبد. فالإفراط في تناول السكريات، خاصة سكر الفركتوز الموجود بكثرة في المشروبات الغازية، قد يؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد، وهي حالة تُعرف بالكبد الدهني غير الكحولي. وإذا لم تُعالج هذه الحالة في وقت مبكر، فقد تتطور إلى التهاب الكبد، أو حتى تشمعه في مراحل لاحقة.

وأخيرًا، تؤثر المشروبات الغازية في الجهاز الهضمي. فالكربونات الموجودة فيها تسبب الانتفاخ والغازات، كما أن بعض أنواعها التي تحتوي على الكافيين قد تؤدي إلى الحموضة المعوية وارتجاع المريء، خاصة عند تناولها بكميات كبيرة وعلى معدة فارغة.

رغم الإغراء الكبير الذي تمثّله المشروبات الغازية، خاصة في الطقس الحار أو مع الوجبات السريعة، إلا أن تناولها المفرط قد يحمل في طيّاته آثارًا صحية جسيمة. ومن الحكمة أن يتم استهلاكها باعتدال، أو استبدالها بمشروبات طبيعية وصحية مثل الماء، شاي الأعشاب، أو العصائر الطازجة غير المحلاة، حفاظًا على صحة الجسد وسلامته على المدى الطويل.

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس