اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عندما يُذكر هرمون "التستوستيرون"، غالبًا ما يُربط بالرجال والصفات الذكورية، كزيادة الكتلة العضلية وخشونة الصوت ونمو الشعر. غير أن هذا الهرمون لا يقتصر على الرجال فحسب، بل يلعب دورًا مهمًا في جسم المرأة أيضًا، رغم أنه يُفرز بنسب أقل بكثير مقارنة بالرجال. وقد يغيب عن ذهن الكثيرين مدى تأثير "التستوستيرون" الحيوي على صحة المرأة الجسدية والنفسية، ما يستوجب تسليط الضوء على دوره ووظائفه الدقيقة في جسم الأنثى.

"التستوستيرون" هو أحد الهرمونات الجنسية التي تُصنف ضمن الأندروجينات، ويُنتَج لدى النساء في المبايض والغدد الكظرية. رغم أن مستوياته عند المرأة تُعد منخفضة مقارنة بالرجال، إلا أنه يؤدي وظائف حيوية متعددة تشمل تنظيم الرغبة الجنسية، والمساهمة في بناء العضلات والعظام، بالإضافة إلى تأثيره على المزاج ومستويات الطاقة. يُعتبر التوازن الدقيق في مستويات التستوستيرون ضروريًا للحفاظ على الصحة العامة للمرأة، وأي خلل فيه قد يؤدي إلى مشاكل صحية ملموسة.

هذا ويلعب "التستوستيرون" دورًا فاعلًا في دعم الصحة الجنسية لدى النساء، إذ يُحفز الرغبة الجنسية، ويُعزز الاستجابة الجنسية خلال العلاقة الحميمة. كما يُساهم في الحفاظ على كثافة العظام وقوتها، الأمر الذي يُقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام، خاصة مع التقدم في العمر أو بعد انقطاع الطمث.

إضافةً إلى ذلك، فإن "التستوستيرون" يُساعد على بناء الكتلة العضلية والحفاظ عليها، كما يُؤثر على توزيع الدهون في الجسم. وله دور في تحسين المزاج، ومكافحة الشعور بالإرهاق المزمن أو الاكتئاب، نظرًا لتأثيره على الناقلات العصبية في الدماغ. النساء اللواتي يعانين من انخفاض حاد في هذا الهرمون قد يشعرن بانخفاض في الحيوية، ضعف التركيز، وتقلبات مزاجية ملحوظة.

مع التقدم في العمر، خاصة بعد سن الأربعين، تبدأ مستويات "التستوستيرون" في الانخفاض تدريجيًا لدى النساء. كما يمكن أن تنخفض بشكل ملحوظ بعد انقطاع الطمث، أو نتيجة لاستئصال المبايض أو مشاكل في الغدة الكظرية. ومن أبرز أعراض انخفاض "التستوستيرون": انخفاض الرغبة الجنسية، الشعور بالتعب والإرهاق المستمر، ضعف في الكتلة العضلية، هشاشة العظام، وتقلبات المزاج أو الاكتئاب.

في المقابل، قد تواجه بعض النساء حالة تُعرف بفرط "التستوستيرون"، وغالبًا ما ترتبط بمتلازمة تكيس المبايض (PCOS)، وتظهر أعراضها من خلال نمو الشعر الزائد في مناطق غير معتادة (كالوجه والصدر)، اضطرابات في الدورة الشهرية، ومشاكل في الخصوبة، وقد يصاحبها أيضًا ظهور حب الشباب وزيادة في دهون الجسم.

إنّ تشخيص الخلل الهرموني يتطلب مراجعة طبية دقيقة، حيث يقوم الطبيب المختص بإجراء فحوصات دموية لقياس مستويات التستوستيرون في الجسم، مع تحليل الأعراض السريرية والتاريخ الطبي للمريضة. من المهم أن يتم التقييم في سياق التوازن الهرموني العام للجسم، حيث أن أي تغير في مستويات التستوستيرون لا يجب تقييمه بمعزل عن بقية الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون.

عندما يتم تشخيص انخفاض حاد في مستويات التستوستيرون ويؤثر على جودة حياة المرأة، قد يُوصي الطبيب بالعلاج الهرموني التعويضي بجرعات منخفضة من التستوستيرون، تحت إشراف دقيق لتفادي الآثار الجانبية. ومع ذلك، لا يُعد هذا النوع من العلاج مناسبًا لجميع النساء، بل يُحدد بناءً على الحالة الفردية ومدى الفوائد والمخاطر المتوقعة.

في بعض الحالات، يمكن تحسين مستويات "التستوستيرون" طبيعيًا من خلال تغيير نمط الحياة، كالحرص على ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تمارين المقاومة، تناول غذاء غني بالدهون الصحية والبروتينات، وتقليل مستويات التوتر التي تؤثر سلبًا على التوازن الهرموني.

رغم أنه غالبًا ما يُنظر إلى "التستوستيرون" كهرمون "ذكوري"، إلا أن له دورًا أساسيًا في صحة المرأة الجسدية والنفسية. التوازن في مستوياته يُعتبر مفتاحًا للحيوية، الرغبة الجنسية، المزاج الجيد، وصحة العظام والعضلات. لذلك، من الضروري التوعية بأهميته، وعدم تجاهل أي علامات تُشير إلى اضطراب في هذا الهرمون، والعمل على معالجتها بشكل علمي ومدروس يضمن للمرأة حياة أكثر صحة وتوازنًا.

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس