اليوم رجلان على المسرح. بدر بن حمد البوسعيدي سيبذل قصارى جهده، لكيلا يكون الشيطان (بنيامين نتنياهو) ثالثهما. كل منهما يدرك ما هي نقاط القوة، وما هي نقاط الضعف لدى الآخر. لا توازن البتة بين الاثنين، وعلى كل المستويات، الا في عدم الانزلاق الى الحرب. هنا الورقة القوية في يد آية الله خامنئي، الذي أعطى صلاحيات كاملة لعباس عراقجي، توصلاً الى نقطة الانطلاق في مفاوضات يفترض أن تكون أقل بطئاً من المفاوضات السابقة.
وكالة "بلومبرغ" قالت ان القاذفات النووية لا تستطيع أن تنتظر طويلاً في قاعدة "دييغو غارسيا"، كذلك حاملات الطائرات. زميل عماني قريب من المساعي التي قام بها الوزير بوسعيدي قال لنا "المفاوضات لم تكن لتعقد لو لم تكن لتنجح". الاشارات التي وصلت الى طهران أكدت أن الحشد العسكري الأميركي ليس فقط للضغط على القيادة الايرانية، وانما أيضاً لكي يفهم "الاسرائيليون" أن واشنطن لا تتبنى خياراتهم حيال ايران، والتي قد تستدعي اللجوء في لحظة ما الى السلاح النووي، وخصوصاً أن واشنطن لاحظت مرابطة غواصتين "اسرائيليتين" من طراز "دولفين" مزودتين بالرؤوس النووية، على مقربة من مضيق هرمز، ودون أي تنسيق مع القيادة الأميركية الوسطى.
وفي نظر نتنياهو أن تغيير المسار التاريخي للشرق الأوسط لا يتحقق الا بالصدمة النووية، مستعيداً خلفيات قرار الرئيس هاري ترومان بالقاء القنبلة الذرية على هيروشيما. دين أتشيسون، وزير الخارجية الذي أطلق مصطلح "الحرب الباردة"، فيما يقول المؤرخون أن الملكة ايزابيلا التي طردت العرب من الأندلس، هي من ابتدعت المصطلحLa Guerra fria ، برر ذلك بضرورة اعادة تشكيل تاريخ العالم.
الاختلال هائل في موازين القوى. لكن الولايات المتحدة التي هزمت على ذلك النحو الفضائحي في فيتنام وفي أفغانستان، لم تستعمل القنبلة لا ضد هانوي ولا ضد كابول. وكنا قد ذكرنا أن الجنرال دوغلاس ماك آرثر، بطل الباسيفيك والذي كان على وشك الدخول الى البيت الأبيض بدل دوايت ايزنهاور، بطل النورماندي، بعث ببرقية عاجلة الى ترومان يحثه فيها على استخدام القنبلة النووية، لوقف الزحف العاصف للقوات الشيوعية في شبه الجزيرة الكورية، فكان أن أستدعي في الحال الى واشنطن لاحلال الجنرال ماثيو ريدغواي محله، بحجة منع "الفيروس النووي" من أن يستوطن في رؤوس الجنرالات. هذا قد يعني نهاية أميركا، ربما نهاية العالم.
البنتاغون لا يجد أي مبرر للحرب ضد ايران التي لم تصنع القنبلة، في حين تقول وكالة الاستخبارات المركزية ألاّ نية لدى القيادة الايرانية لتهديد الأمن "الاسرائيلي". نتنياهو يعتقد أن بقاءه في السلطة رهن بتواصل الحروب "الاسرائيلة". واذ انتهت الحرب ضد لبنان، لتقتصر العمليات العسكرية على أهداف محددة لحزب الله، كما أن الوضع في غزة في الطريق الى عقد صفقة قريبة، يمكن لأي ضربة ضد ايران أن تؤدي الى تغيير كبير في المشهد الشرق الأوسطي، ليبدو نتنياهو، وكما تقول زوجته سارة، ممثل "يهوه" على الأرض.
ما يستشف من المعلومات التي تنشرها الصحف الأميركية أن ترامب كان حازما وحاسماً، خلال محادثاته مع رئيس الحكومة "الاسرائيلية". لا حروب البتة في الشرق الأوسط، بعدما باتت الأرض مهيأة لتسويات بعيدة المدى، ما يعني، بحسب توماس فريدمان، أن رأس نتنياهو بات بين يدي دونالد ترامب. ناحوم بارنيع لا يستبعد أن يسقط ذلك الرأس أرضاً، اذا تصاعد الدخان الأبيض من سلطنة عمان.
هكذا كتب فريد زكريا، المعلق الأميركي من أصل هندي، "الفارق بين دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو أن الأول مصاب بمتلازمة المال Money syndrome ، والثاني مصاب بمتلازمة الدم Blood syndrome. خطان قد يلتقيان وقد يفترقان". أحياناً المال بحاجة الى الدم، والدم بحاجة الى المال. في "الواشنطن بوست" أن الرئيس الأميركي لا يريد أن يكرر التجربة الفيتنامية ولا التجربة الأفغانية.
من زمان لاحظ المستشرق الهولندي نيقولاوس فان دام ان "أميركا تعرف كيف تغرق، لكنها لا تعرف كيف تطفو"، أبدى استغرابه حيال الرؤساء الأميركيين الذين يتجاوزون في أدائهم الدكتاتوري حكام العالم الثالث، لينقل عن مستشار سابق للرئيس الأميركي أنه غالباً ما يترك لحذائه أن يصغي الى آراء أو الى نصائح الآخرين.
ترامب لم يتردد في سؤال جوزف ستيغليتز، الحائز نوبل في الاقتصاد، عن الكلفة المحتملة للحرب ضد ايران، والتي قد تطول لسنوات وبخسائر بشرية هائلة. كان الجواب "حتى تخرج من هناك تحت جنح الظلام ـ لا جثة ـ المسألة تحتاج الى 10 تريليونات دولار"، أي وقوع زلزال مالي لا قبل للولايات المتحدة بتحمله في ظل الفوضى ـ الفوضى السوداء ـ التي أحدثتها الاجراءات الجمركية الأخيرة.
تعليقات على الشاشات الأميركية ترى أن اللعبة الديبلوماسية اليوم، لن تأتي بنتائج عملية مباشرة. المهم أن تشق طريقاً غير ذلك الذي يشقه الشيطان، وهذا ما يريده وزير الخارجية العماني الذي بذل جهوداً هائلاً في الظل، ليكون الحوار بين ستيفن ويتكوف وعباس عراقجي، أي بين رجلين من هذا العالم ويفهمان العالم.
بنيامين نتنياهو خارج الردهة. هل بدأ يتلمس رأسه حقاً...؟!
يتم قراءة الآن
-
قبل المخيمات: العيون العربية على سلاح حزب الله هل يُشعل نتنياهو المنطقة لعرقلة الاتفاق الأميركي ــ الإيراني و«الدولة الفلسطينية»؟
-
سلام "يكسر الجرّة" مع "الثنائي"... ويُطلق النار على بعبدا؟ التصعيد يُهدّد الاستقرار الحكومي... والردّ بحجم التجاوزات
-
"كليلة ودمنة" بدل الكتب المقدّسة
-
ثنائي التهدئة وثنائي التصعيد: عون وبري لترسيخ الحوار... وسلام وجعجع لتغليب التشدّد
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:59
ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا لـ الجديد: التسعيرة الجديدة للمحروقات شهدت إرتفاعاً بسبب الضرائب التي فرضتها الدولة ونحن علينا أن ننفذّ القرار بدءاً من الليلة
-
23:41
الطائرات الإسرائيلية تجدد استهداف بلدة بنعفول في قضاء صيدا للمرة الرابعة
-
23:19
الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارة جوية على دفعتين مستهدفاً المنطقة الواقعة بين بلدتي حومين التحتا وبنعفول في منطقة إقليم التفاح
-
22:37
فوز هوبس على ميروبا بنتيجة 96-74 ضمن المرحلة الـ ٢٠ من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:32
محكمة استئناف أميركية تعيد فرض رسوم ترامب الجمركية خلال طعن الإدارة على قرار وقفها
-
21:49
الخارجية الأميركية: المفاوضات مع إيران حققت تقدماً وفق شروط ترامب بعدم إمتلاك سلاح نووي أو تخصيب لليورانيوم
