اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعد الاعتلال الكلوي السكري من المضاعفات الخطيرة والمزمنة التي قد تصيب مرضى السكري، ويُعتبر أحد الأسباب الرئيسية للفشل الكلوي في العالم. هذا المرض الصامت غالبًا ما يتطور ببطء على مدى سنوات دون أن تظهر أعراض واضحة في مراحله الأولى، مما يجعل من الضروري جدًا مراقبة صحة الكلى لدى مرضى السكري بشكل منتظم.

عندما يُصاب الإنسان بالسكري، فإن المستويات المرتفعة للسكر في الدم يمكن أن تُلحق الضرر بالأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الكلى، والمعروفة باسم الكبيبات. هذه الأوعية مسؤولة عن تصفية الفضلات والسوائل الزائدة من الدم. ومع مرور الوقت، يؤدي الضرر المتكرر إلى ضعف هذه الأوعية وعدم قدرتها على أداء وظيفتها بكفاءة، مما يتسبب بتراكم السموم في الجسم، وقد يؤدي إلى الفشل الكلوي الكامل إذا لم يتم التدخل في الوقت المناسب.

من العلامات المبكرة للاعتلال الكلوي السكري وجود كميات ضئيلة من البروتين (الألبومين) في البول، وهي حالة تُعرف باسم البيلة الألبومينية الدقيقة. في هذه المرحلة، لا يشعر المريض بأي أعراض، لكن اكتشافها مبكرًا عبر الفحوصات الدورية يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في العلاج ومنع تطور الحالة. في حال عدم التشخيص المبكر، قد تتطور الحالة إلى مرحلة أكثر تقدمًا يظهر فيها البروتين بوضوح في البول، ويبدأ المريض في ملاحظة تورم في الأطراف، خاصةً القدمين، نتيجة احتباس السوائل.

إحدى أخطر مراحل الاعتلال الكلوي السكري هي المرحلة النهائية من المرض، والتي تُعرف باسم الفشل الكلوي المزمن. في هذه المرحلة، تصبح الكلى غير قادرة على أداء وظيفتها بشكل طبيعي، ويُجبر المريض على الخضوع لغسيل الكلى المنتظم أو التفكير في زراعة كلية. وتُشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من مرضى السكري الذين لا يتحكمون بمستويات السكر لديهم معرضون للوصول إلى هذه المرحلة خلال فترة لا تتجاوز عشرين عامًا من الإصابة بالمرض.

للوقاية من الاعتلال الكلوي السكري، لا يكفي الاعتماد فقط على الأدوية أو المتابعة العشوائية، بل يجب على مرضى السكري الالتزام بنمط حياة علاجي متكامل، يبدأ أولًا بالسيطرة الدقيقة على مستويات السكر في الدم. إذ إن ضبط السكر بشكل مستمر يُعتبر حجر الأساس في منع تدهور وظائف الكلى. ويمكن تحقيق ذلك من خلال المواظبة على تناول الأدوية الموصوفة، مراقبة نسبة السكر بشكل يومي، واتباع إرشادات الطبيب حول جرعات الأنسولين أو العلاجات الفموية.

كما أن التحكم في ضغط الدم لا يقل أهمية، فارتفاع الضغط يُسرّع من تدهور الكلى، وخاصةً إذا اجتمع مع ارتفاع السكر. لذلك، يُنصح باستخدام الأدوية الخافضة للضغط مثل مثبطات ACE أو ARBs، التي لا تساهم فقط في خفض الضغط، بل أثبتت فعاليتها أيضًا في حماية الكلى لدى مرضى السكري. إلى جانب ذلك، يجب مراقبة مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، لأن تراكمها قد يضعف تدفق الدم إلى الكلى، ويزيد من خطر المضاعفات القلبية والكلوية.

النظام الغذائي يلعب دورًا جوهريًا في الوقاية، ويُفضل أن يكون قليل الصوديوم لتفادي احتباس السوائل وارتفاع الضغط، ومعتدل البروتين لتقليل الضغط على الكلى، إضافة إلى التركيز على الفواكه والخضروات الطازجة، والحبوب الكاملة، مع تقليل الأطعمة المصنعة والمقلية والمليئة بالسكريات البسيطة. من المهم أيضًا شرب كميات كافية من المياه للحفاظ على ترطيب الجسم والمساعدة في عمل الكلى.

ولا يمكن إغفال أثر نمط الحياة بشكل عام، فالإقلاع عن التدخين ضروري، لأنه يضاعف من احتمالات تدهور الكلى ويُضعف الأوعية الدموية. في المقابل، تُعد ممارسة الرياضة بانتظام، ولو كانت خفيفة كالمشي اليومي، وسيلة فعالة لتحسين الدورة الدموية، وتحفيز حرق السكر، والمساهمة في السيطرة على الوزن، وهو عامل آخر له تأثير مباشر في صحة الكلى.

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس