اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



لا يختلف اثنان على أنّ أزمة زحمة السّير في لبنان ليست وليدة اليوم، فمنذ التسعينات بدأت تتفاقم هذه المشكلة إلى أن أصبحت ظاهرة يومية يعيشها المواطن اللبناني في روتينه اليومي. فما هي الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا إلى التأخر عن أعمالنا لساعاتٍ بدل الاستفادة من الوقت؟

تُشير دراسة جديدة أعدّتها "الأكاديمية اللبنانية الدّولية للسلامة المرورية LIRSA" إلى أنّ 400 ألف سيارة يوميًا، تدخل العاصمة بيروت من أصل 1.5 مليون مركبة في لبنان، ممّا يؤثر سلبًا في حركة المرور.

كما تؤكّد المعلومات، أنّ زحمة السّير تزيد من الرّحلة اليوميّة بنحو 46% عمّا يفترض أن تكون عليه، بحيث يُقدّر ما يقضيه السّائق من وقت في الازدحام بنحو 210 ساعات في العام، أي ما يعادل 9 أيام في السنة. وهذه الأقام تُشير إلى أنّ المواطن اللبناني قد يقضي ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا في سيارته بسبب الازدحام المروري، ما يؤثر في جودة حياته الإنتاجية.

فمن المسؤول عن هذه المشكلة وما هي الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المشؤوم؟

المسؤولون كثرٌ.. ونحن الأوّلون!

تزداد أزمة زحمة السير حديةً في لبنان لأسبابٍ كثيرةٍ أوّلها تتعلّق بثقافة جيلنا الذي يعتبر أنّ كل فرد في المنزل عليه أن يقود سيارته الخاصة. وكأنّه عيب لا سمح الله أن نترافق إلى وظيفتنا معًا. وتعود الأسباب الرئيسية لارتفاع عدد السيارات داخل الأسرة الواحدة، إلى غياب نظام نقل عام فعّال وعدم تجهيز الباصات والفانات بالطريقة السليمة وضعف الخدمات في المناطق الريفية.

أمّا السبب الثاني، فيعود إلى نقص البنية التحتية للنقل، فالطرقات السريعة الجسور محدودة في بعض المناطق، ما يسبب اختناقات في السير.

ويعود السبب الثالث والأهم إلى عدم صيانة السيارات بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن وتقاضيه راتبًا لا يكفيه للطعام، ما يؤدي إلى الأعطال المستمرة للسيارات وبالتالي ارتفاع نسب حوادث السير والزحمة. وهناك عدم تنسيق بين مختلف الجهات الأمنية والحكومية بهذا الخصوص، أي بإدارة البنية التحتية والمرور ما يُعيق تحسّن الوضع وتفشّي الفساد.

إجمالًا، تتعدّد الأسباب حول زحمات السير، فمنها سياسية، أمنية، اقتصادية وأيضًا ثقافية. لكنّ السؤال الأهم الذي يُطرح هو: كيف تؤثر أزمات السير في التنمية الاقتصادية بشكلٍ عامٍ وفي الواقع الاقتصادي ككلّ؟

أزمة السير تؤثر سلبًا في الواقع الاقتصادي

أعدّت عام 2017 جامعتا هارفارد ولويزيانا بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، دراسةً أشارت فيها إلى أنّ خسائر الدخل القومي اللبنانية نتجت بسبب زحمات السير المتراكمة. وتكبّدت الخسائر لتصل إلى حوالى ملياري دولار سنويًا بسبب الوقت الضائع الذي يقلّل من الإنتاجية، واستهلاك الوقود وتكاليف صيانة السيارات.

وبحسب مصادر مُقرّبة من جريدة الدّيار، الحلول موجودة وإشارات الشيفروليه ستعود قريبًا. وكذلك الأمر بالنسبة لإشارات الدكوانة والطيونة والجديدة.

ولفتت المصادر إلى أنّ مبادرة لبنانية وقعت من قبل مغترب لبناني وهو من ساهم في حلّ هذه المشكلة، علّنا نتوسّع في ترميم مشاكلنا وحلحلة أزمة السير بشكلٍ كاملٍ.

القطاع السياحي بخطر إن لم نتصرّف

يتأثر القطاع السياحي بواقع الطرقات المرير في لبنان، بسبب معاناة السياح من صعوبة التنقل داخل المدن أو التنقل بين المعالم السياحية. هذا يمكن أن يقلّل من أعداد السياح الذين يزورون البلاد ويؤثر بالتالي في الإيرادات الناتجة من السياحة.

كما أنّ الطرقات التي توصلنا إلى بعض الأماكن السياحية، غير مُجهزة ما يعيق من استقبال الأعداد الكبيرة من الأشخاص. تمامًا كما فسّره وليد بعينو مسؤول السياحة في بلدية كفرذبيان. وقال في حديثه للدّيار، إنّ البلدية بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والصليب الأحمر والدفاع المدني، قُمنا بالإمكانات البسيطة بالعمل على تحسين البنية التحتية وانتظام سير الباصات وعدم السماح لها بالاقتراب من أماكن التزلج، وأعمال روتينية أخرى مثل رشّ الملح وتنظيم السير... الخ لألّا يتأثر قطاعنا السياحي كثيرًا.

وأكّد في حديثه أنّ المنطقة هي كبيرة جدًا، تستقبل عددًا هائلًا من السياح اللبنانيين والأجانب، ولأننا أكبر منتجع للتزلج في الشرق الأوسط، بدأت منذ حوالى الـ50 عامًا وكانت تستقبل فقط 500 شخص بسبب البنية التحتية ومواقف السيارات الصغيرة، بات باستطاعتنا استقبال أكثر من 15 ألف متزلج بإمكانهم طبعًا الاستمتاع والمنامة في الشاليهات التي يبلغ عددها حوالى الـ30 فندقا ومطعما وحلبات كبيرة لسبق السيارات.

زيادة التكاليف الاقتصادية

ترفع زحمة السّير التكاليف على مستوى الأفراد والشركات على حدٍ سواء. ففي القطاع التجاري والصناعي، تؤدي الازدحامات إلى تأخيرات في نقل البضائع، مما يزيد من تكاليف الشحن والنقل. كما أنّ الشركات قد تضطر إلى زيادة النفقات على وسائل النقل البديلة أو تحسين أسطول النقل لتقليل التأثير.

بالمُختصر، تمثّل أزمة زحمة السير، عبئًا على الاقتصاد الوطني، حيث تساهم في تقليل الإنتاجية، وزيادة التكاليف، وتحسين الظروف البيئية، ما يؤدي إلى تراجع في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. 

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس