اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعدّ الزائدة الدودية عضوًا صغيرًا يشبه الإصبع، يقع في الجانب الأيمن السفلي من البطن، متصلًا بالأمعاء الغليظة. وعلى الرغم من أنها لا تلعب دورًا حيويًا معروفًا في الجسم البشري، فإن التهابها يُعتبر من الحالات الطبية الطارئة التي قد تهدد الحياة إذا لم تُعالج بسرعة. فعندما تلتهب الزائدة، تُعرف الحالة بـ "التهاب الزائدة الدودية"، وقد تتفاقم بسرعة لتؤدي إلى انفجارها، ما يسمح للبكتيريا ومحتويات الأمعاء بالانتشار في تجويف البطن، وهو ما يُعرف بالتهاب الغشاء البريتوني، وهي حالة خطيرة قد تؤدي إلى مضاعفات مميتة.

من أبرز أعراض التهاب الزائدة الشعور بألم مفاجئ يبدأ عادةً في الجزء العلوي من البطن أو حول السرة، ثم ينتقل إلى الجانب الأيمن السفلي. يصاحب هذا الألم غالبًا الغثيان، التقيؤ، فقدان الشهية، ارتفاع درجة الحرارة، والإمساك أو الإسهال. قد يزداد الألم سوءًا عند الحركة أو السعال أو الضغط على المنطقة المصابة. ولا يمكن تجاهل هذه الأعراض، لأن تجاهلها قد يؤدي إلى تمزق الزائدة وانتشار العدوى في أنحاء الجسم، مما يُعرض المريض لتسمم الدم أو خراجات داخل البطن.

عند الاشتباه في التهاب الزائدة الدودية، يُعدّ التشخيص الدقيق والسريع خطوة حاسمة لا يمكن التهاون بها، نظرًا لأن التأخير في التعامل مع الحالة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض. يبدأ الطبيب عادةً بإجراء فحص سريري شامل، يشمل تقييم موضع الألم ومدى شدّته، وفحص البطن باللمس للبحث عن علامات التهيج أو التيبّس، وهي مؤشرات مهمة على وجود التهاب. ومن الأدلة التي يُعوّل عليها أيضًا ما يُعرف بعلامة "مكبيرني"، وهي نقطة معينة في الجزء الأيمن السفلي من البطن، يُسبب الضغط عليها ألمًا حادًا لدى المريض، ما يُعزز من الشك بوجود التهاب الزائدة.

إلى جانب الفحص السريري، تُجرى تحاليل الدم للكشف عن ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء، والذي يُعد مؤشرًا على وجود عدوى أو التهاب في الجسم. كما قد يُطلب تحليل البول لاستبعاد التهابات المسالك البولية التي قد تُشابه أعراضها تلك المصاحبة لالتهاب الزائدة. وفي الحالات التي لا يكون التشخيص فيها واضحًا تمامًا، يلجأ الأطباء إلى التصوير الطبي مثل الأشعة فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب، والذي يُعطي صورة دقيقة لوضع الزائدة وما إذا كانت متضخمة، ملتهبة، أو حتى على وشك الانفجار.

إذا تم التأكد من وجود التهاب في الزائدة، فإن التدخل الجراحي يُصبح ضرورة طبية لا مفرّ منها. استئصال الزائدة هو الحل العلاجي الوحيد والنهائي، ويُجرى عادةً بأحد طريقتين: إما عبر الجراحة التقليدية المفتوحة، أو من خلال الجراحة التنظيرية (المنظار)، التي أصبحت الخيار الأحدث والأكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة. وتتميّز الجراحة بالمنظار بعدة مزايا منها قلة الألم بعد العملية، وسرعة التعافي، وانخفاض احتمال الإصابة بالتهابات الجرح أو مضاعفات ما بعد الجراحة، إضافة إلى أنها تترك أثرًا تجميليًا أقل وضوحًا، ما يجعلها مفضّلة خصوصًا لدى الفئات الشابة.

ولا يُنصح على الإطلاق بتأجيل الجراحة بعد تشخيص التهاب الزائدة، لأن مرور الوقت قد يسمح للزائدة بالانفجار، ما يؤدي إلى تسرب محتوياتها إلى تجويف البطن وحدوث التهاب صفاقي حاد، وهو من أكثر المضاعفات خطورة، ويتطلب علاجًا طويلًا ومعقدًا في المستشفى. في بعض الحالات المحدودة، يلجأ الطبيب إلى إعطاء مضادات حيوية كخطوة أولية إذا كان الالتهاب طفيفًا وغير مصحوب بخراج أو علامات انفجار، إلا أن هذا النهج لا يُعتبر بديلًا عن الجراحة، بل هو إجراء مؤقت يُستخدم فقط في ظروف طبية خاصة وتحت مراقبة دقيقة، وقد يُتبع لاحقًا بجراحة مجدولة.

ختامًا، فإن الزائدة الدودية وإن لم تكن عضوًا حيويًا في وظائف الجسم الأساسية، إلا أن التهابها قد يتحول في غضون ساعات من حالة بسيطة إلى أزمة صحية خطيرة تهدد حياة المريض. من هنا، تبرز أهمية التوعية المجتمعية بالأعراض المبكرة لهذه الحالة، والتصرف السريع فور الشعور بأي ألم حاد أو متواصل في الجانب الأيمن السفلي من البطن، خصوصًا إذا كان مصحوبًا بأعراض أخرى كالحمى أو الغثيان. فالاستجابة الطبية الفورية لا تُنقذ فقط الزائدة، بل قد تنقذ حياة المريض بأكملها.

 

الأكثر قراءة

هل تنفجر المخيمات قبل وصول محمود عباس ؟ <الدفاع الأعلى> يحذر حماس...و<الحركة> تعلن ان الرد من القيادة الشرع يرضخ لمطالب الدروز...وجنبلاط يبحث عن مظلة أمان للطائفة