مع تصاعد أزمة النقل، وارتفاع تسعيرة المواصلات الخاصة بشكل كبير، تبقى باصات الدولة وسيلة حيوية لتخفيف الأعباء الاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطن اللبناني. فبعد عقود من هيمنة "الفانات" الخاصة على مشهد النقل المشترك، وعلى الرغم من بقاء هذه الوسيلة حبيسة الإهمال وقلة الصيانة، عادت الدولة لتضع يدها على القطاع لتؤمن للمواطن نقلاً متحضراً راقياً، رغم التحديات المالية والإدارية والاعتراضات.
فمن شتورا البقاع الأوسط إلى العاصمة بيروت - الكولا والعكس، كانت البشرى السارة إلى أهالي زحلة والبقاع، حيث أعلن في وقت سابق عن بدء عمل باصات النقل المشترك الجديدة، ابتداء من يوم الثلاثاء الموافق 2025/04/ تزامنا مع انطلاق خطين للنقل المشترك من صور ومن طرابلس، هذا الخبر لم تعلن الدولة عنه رسمياً، بل نُشر الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الخدمة اليوم في المرحلة التجريبية، وقد جرى تسيير عدد معين من الباصات، لاستطلاع الوقت الذي تحتاج اليه الرحلة مع زحمة السير، ومعدل التوقف لأجل خدمة الركاب، وبالتالي احتساب عدد الباصات التي يجب تسييرها، لتأمين شرط انطلاق باص كل 26 دقيقة بتسعيرة 165 ألف ليرة للراكب، ومعالجة أي عقبات قد تطرأ خلال تلك المرحلة. ويتوقع أن تنتهي الفترة التجريبية الأسبوع المقبل، فتصدر الجداول بمواقيت الانطلاق، والمحطات المعتمدة، والخط الذي ستسلكه الباصات، وسط مطالبات بأن تعبر الطريق الداخلي للبلدات الواقعة على الخط كحمانا وصوفر.
يذكر أن شركة الأحدب للنقل والتجارة، فازت بالمزايدة التي أطلقتها وزارة الأشغال لتشغيل 11 خطاً وفق دفتر شروط محدد، على أن تدفع للوزارة 10 في المئة من العائدات في شرْكة بين القطاعين الخاص والعام.
مواصفات عصرية للباصات، فكل باص مزود بعدة كاميرات، كاميرا تعمل بالذكاء الاصطناعي مسلطة على السائق، ومتصلة مباشرة بغرفة التحكم في أنفة، لمراقبة التزامه بقوانين السير والشركة، ومراقبة حالته الصحية وغيرها. وكاميرات أخرى عند مقدمة الباص ومؤخرته، لمراقبة الطريق وفي داخله للتأكد من حال الركاب، مع كاميرا عند الباب لإحصاء عدد الداخلين والمغادرين، منعاً لأي عمليات غش بالنسبة للتذاكر ومردودها وتسجيلاً لداتا حركة الركاب، وكلها متصلة بغرفة التحكم، إضافة إلى نظام GPS لتتبع حركة الباص وإشارات تحذير عند حدوث أي مخالفة من السائق أو الركاب كالتدخين مثلاً.
يشار إلى أنه في 23 أيار 2022 تسلم لبنان 50 باصاً كهبة من الدولة الفرنسية، على ان تليها دفعة ثانية لاحقاً، كما عملت حينذاك مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك على تأهيل 45 باصا محلياً، ما يعني ان هناك 95 باصا جاهزاً للعمل على الطرقات، الأمر الذي يساهم ولو جزئياً في التخفيف من أعباء النقل على المواطن اللبناني.
انطلاق مشروع النقل المشترك ليس بجديد هذا العام، لكنه لم يكن بالأمر السهل والميسر، حيث واجهه صعوبات واعتداءات من قبل اصحاب الفانات والحافلات، الذين وجدوا فيها تهديداً لمصلحتهم. وتعرض أكثر من باص للتكسير والرشق بالحجارة، وهذه الاعتداءات استمرت مع تعرض سائقي خط العدلية - مجمع الحدت الجامعي للتهديد والترهيب من قبل بعض أصحاب الباصات الخاصة في نهاية العام 2024، لكن القوى الأمنية كما وزارة الأشغال قدمت كل الدعم اللازم لإنجاح هذا المشروع.
ان أزمة النقل المشترك ليست وليدة اليوم، وقطاع النقل عانى كثيرا عبر التاريخ من تداخل المصالح، وضعف الرقابة، وشح التمويل والإهمال، وعدم التخطيط الجيد لتطويره وإدارته، على الرغم من الحاجة الملحة إليه، مما أدى إلى تعطيل مشاريع تطويرية.
يذكر أنه عام 2022 أوصى البنك الدولي في تقرير له، بتحسين النقل العام في لبنان والاردن والعراق، الى عدة خطوات يجب اتخاذها من قبل الدولة اللبنانية لتحسين هذا القطاع:
- ضرورة توحيد الحافلات وإنشاء صندوق لإعادة شراء تراخيص النقل العام.
- تنفيذ أنظمة النقل الذكية بما في ذلك بروتوكول التذاكر المفتوحة وإدارة الأسطول والمعلومات للمستخدم.
- وضع خطة وطنية للسلامة العامة.
- اعتماد الحلول السريعة التنفيذ من أجل تحسين تجربة المستخدم، كمواعيد الحافلات وتطبيقات تخطيط الرحلة والخرائط والمعلومات في الوقت الحقيقي.
- اعتماد نماذج النقل مع البيانات الحديثة للسماح بالتخطيط للنقل العام.
- التفاوض مع المالكين الأفراد لتوحيد صغار المشغلين.
- إنشاء شركات جديدة وإلغاء المركبات القديمة.
- الأخذ بعين الاعتبار وضع استراتيجية وخطة السلامة على الطرق.
- وضع خطط للمشاة وركوب الدراجات الهوائية، والتجديد العمراني، وتكامل التعرفة والعمليات.
- برنامج إدارة الطلب على حركة المرور، بما في ذلك إدارة المواقف والتنفيذ وتقييد استخدام السيارات وفرض رسوم الازدحام.
وفي هذا السياق، أشار مصدر من الشركة المشغلة إلى أن "الشركة بدأت بتحديد محطات توقف عبر أعمدة خاصة، وإن لم تصبح رسمية بعد، مجهزة بمظلة أو حتى مقعد للانتظار، وهي تعمل مع البلديات والمحافظين وبالتعاون مع مهندس مختص، على إنشاء محطات وقوف ثابتة، يمكن للباصات التوقف عندها من دون عرقلة أو إزعاج للسير. ويمكن التعرف الى هذه المحطات عبر صفحة الشركة على "إنستغرام"، كما الى الخطوط والمواعيد: من الساعة السادسة صباحاً إلى السابعة مساء يمر الباص كل 25 دقيقة تقريباً، ويتوقف دقائق في المحطة حسب توجيهات غرفة العمليات".
أما عن طريقة الدفع فأوضح المصدر أنه "يمكن للراكب شراء بطاقة لمرة واحدة، أو بطاقة يتم تشريجها واستعمالها بشكل دائم، وحالياً يمكن لمن لم يستطع شراء بطاقة الدفع التوجه مباشرة إلى السائق الذي يزوده بـ "تيكيت" لاستخدام واحد، يمررها على السكانر الموجود عند باب كل باص". اضاف "أفكار التطوير كثيرة، وأبرزها إطلاق التطبيق الخاص بالنقل المشترك، بحيث يستطيع الراكب عبره معرفة كل تفاصيل المحطات والخطوط والمواعيد والعروضات باللغة العربية، مع ترجمة إلى لغات أخرى".
يتم قراءة الآن
-
قلق اوروبي من تصعيد «اسرائيلي»: احذروا نتانياهو! الطائفية تجهض التعديلات... والرهان على وطنية «البيارتة» المطالب المعيشية الى الشارع... وجولة اميركية جنوبا
-
السوبرمان "اليهودي" الذي يُنقذ البشريّة
-
غزة ولبنان يتشابهان في إنهاء المقاومة وتسليم سلاحها وإخراجها من السلطة عباس يتخذ من المجلس المركزي الفلسطيني منصّة ضد "حماس" ويُطالبها بالتنازل
-
ما سر الحملة الاميركية على جنبلاط؟ محمود عباس في بيروت ودمشق لبحث السلاح الفلسطيني تحسينات على الأجور الاثنين والعام الدراسي «مبتور» ونفق المطار بلا إنارة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:23
المبعوث الأممي إلى سوريا: على مجلس الأمن تحميل "إسرائيل" مسؤولية وعودها بأن أفعالها في سوريا مؤقتة.
-
22:22
وكالة الأنباء العراقية: رئيس جهاز المخابرات العراقي والرئيس السوري بحثا مكافحة الإرهاب وتأمين الشريط الحدودي.
-
22:22
المبعوث الأممي إلى سوريا: الخطوات "الإسرائيلية" تشكل خطرا على العملية الانتقالية ويجب أن تتوقف فوراً، والوقت حان لانسحاب "إسرائيل" والعودة إلى احترام اتفاقية عام ١٩٧٤.
-
22:21
فايننشال تايمز: لندن حذرت محامين بريطانيين من تعرضهم لعقوبات أمريكية لتقديمهم مشورات للجنائية الدولية بشأن غزة.
-
21:46
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: إن لم نتوصل إلى اتفاق مع إيران فسأنضم إلى "إسرائيل" في هجومها وسأكون في مقدمته.
-
21:40
زيلنسكي: نأمل بشدة أن تكون أي ضمانات أميركية محتملة بنفس قوة مستوى الاتفاق بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وعضويتنا في النيتو لا تعتمد على رغبات روسيا وليس لديها حق النقض الذي تحاول فرضه.
