اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ندرك، وفي هذه الأوقات العاصفة، مدى عقلانية ـ وحكمة ـ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وكذلك القادة، سواء كانوا في الميدان أم كانوا في أي مكان آخر، وقد أخذوا العبر الكثيرة من أهوال الحرب الأخيرة، ومن تداعياتها الكارثية على الحزب وعلى بيئته، مع اعتبار تبعات الزلزال الذي وقع في سوريا، وأدى الى تغييرات محورية في المسارات الاستراتيجية للمنطقة، دون أن نتغاضى عن الكلام الذي صدر من دمشق، بالعداء المباشر للحزب، مع علمنا بما يجول في رؤوس قادة الفصائل، وهم اما الخارجون من الكهوف أو من القبور.

الشيخ نعيم على بيّنة ومنذ البداية، من دلالات التأجيج السياسي والتأجيج الطائفي في لبنان، وحيث حملة السكاكين في القصور كما في الشوارع وعلى الشاشات. لنستعيد المرة تلو المرة تهديد أحد النواب، وهو دستورياً ممثل الأمة لا ممثل فئة ولا ممثل طائفة، الحزب اذا لم ينزع سلاحه، بأحمد الشرع، وببنيامين نتنياهو. لن نسأل عن رأي القضاء في هذا الكلام، ولكن هل يعلم سعادة النائب ما يمكن أن يحل به اذا ما زحفت قبائل ياجوج وماجوج على لبنان من أدناه الى أقصاه ؟

فقط نذكّره بكلام يهوشوا ساغي، رئيس الاستخبارات العسكرية ابان اجتياح 1982 :"من يسند رأسه الى صدور هؤلاء الحلفاء، كمن يسند رأسه الى صدور الغانيات"  ولنقل أن من واجهوا التمدد الفوضوي للفصائل الفلسطينية على الأرض اللبنانية كانوا على حق، ولكن لا استقبال دبابات آرييل شارون بالورود كما لو أنها خيول قسطنطين الأكبر ولا لمجازر صبرا وشاتيلا. مسؤول في أحد الأحزاب قال وبالحرف الواحد "انتظروا مجازر الضاحية، وانسوا مجازر المخيمات". هذه المرة لن تتدحرج الرؤوس بالبنادق وانما بالفؤوس، تماماً كما شاهدنا ما فعلته الفؤوس برؤوس المارة في محلة ستاركو، فيما كان هناك من يعرض الجماجم على عربة الخضار قرب مستديرة شاتيلا . هكذا نتحول فجأة من جيران للقمر الى جيران للشيطان، لتبدو أبوابنا مشرعة على جهنم، حين تكون صناعة محلية أو صناعة اقليمية، ناهيك عن الصناعة الدولية.

وسط ذلك الحصار المتعدد الوجوه والمتعدد الأبعاد، الذي يواجهه حزب الله، تفاجئنا، وحتى ككائنات بشرية، أصوات بعض الشاشات بالخروج عن الحد الأدنى من ألق الكلمة، ومن قداسة الكلمة (في البدء كان الكلمة). اللغة التي أين منها لغة الحجاج بن يوسف الثقفي، أو حتى لغة بنيامين نتنياهو ـ وهذا أصح ـ هي تدعو ودون أي عائق أخلاقي، الى الاقتلاع والى الترحيل، تماماً مثل دعوات ايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش، لينبعث من جديد ذلك المشروع الذي حمله وزير عربي باحلال اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في المناطق التي أخليت من أهلها، لنكون أمام صيغة ثابتة للدولة لا أمام صيغة متحركة، وتنتج الأزمات تلو الأزمات.

أجل وسط هذا المناخ الأبوكاليبتي، يتناهى الينا تصريح "مسؤول" ايراني عبر قناة "الجزيرة"، بأن حزب الله سيشارك في القتال في حال دخلت الولايات المتحدة الحرب، لا نعتقد أن هذا يعكس الموقف الحقيقي للقيادة الايرانية، التي لاحظنا كيف تتعامل بمنتهى الوعي وبمنتهى المسؤولية، مع الخطر الذي يهدد الأرض الايرانية والشعب الايراني، مع التمني بعدم العودة الى مرحلة التصريحات العشوائية، خصوصأ في مرحلة للكلمة فيها وقع القنبلة، وربما ما يتجاوز القنبلة.

من هنا نقول للمسؤول اياه ان قيادة حزب الله مثل قيادة الجمهورية الاسلامية، تقرأ بدقة كل ما يتعلق بالتطورات الراهنة، وبالاحتمالات التي يمكن أن تنتج عنها، وهي تتخذ خظواتها في ضوء تلك القراءة، دون أن تمنح نتنياهو، الذي أثبت غباءه السياسي عندما توقع ليس فقط تحويل مفاعل فوردو الى ركام من الضربة الأولى، وانما تحويل النظام الايراني نفسه الى ركام،، أي ورقة يستخدمها للهروب الى الأمام، واستكمال خطته حيال لبنان.

كلنا نعلم كيف حال مقاتلو حزب الله، وبأداء خارق، وكذلك في ظروف مستحيلة، دون تقدم القوات "الاسرائيلية" نحو العمق الجنوبي، وحتى الى ما هو أبعد بكثير .كما نعلم كيف أن بعض خصومه السياسيين، بمن فيهم الذين نثروا الزهور على دبابات آرييل شارون، يراهنون اما على القاذفات "الاسرائيلية" أو على الفصائل السورية، ازالته كلياً من الأرض اللبنانية، التي سبق وحررها بدم أبنائه من الأقدام الهمجية.

الحزب اياه، وبالرغم من جهوزيته لمواجهة حلم نتنياهو بالتجول في شوارع بيروت، بعدما فتحت أمامه أبواب دمشق، لا يزال في مرحلة اعادة البناء بعد سلسلة الكوارث التي لحقت به في العام المنصرم. باختصار، على كتفي الشيخ نعيم قاسم الآن ما تنؤ به الجبال. أي تصريح الآن لا يأخذ بالاعتبار حساسية الوضع وخطورة الوضع، بمثابة السكين في الصدر.

الأميركيون هم من يكشفون الآن الرهانات الدونكيشوتية لرئيس الحكومة "الاسرائيلية ". تدمير مفاعل فرودو، وانهاء البرنامج النووي بالكامل، اغتيال آية الله خامنئي، مع تحريك الخلايا النائمة لتفجير الشارع في وجه النظام، ليقول الديبلوماسي ريتشار هاس "... كما لو أن ترامب خسر رجله في الشرق الأوسط".

اذ لا يزال من المستحيل الخروج بتصور ما حول ما يمكن أن تنتهي اليه الأحداث الحالية الهائلة، فالثابت أن الدولة العبرية انكسرت من الداخل. لم تعد "الفردوس اليهودي"، الجحيم اليهودي، اسألوا الهاربين بالقوارب ...

الأكثر قراءة

«حبس أنفاس» في المنطقة... ولبنان لن يدخل الحرب باراك يتفهم موقف عون: تأجيل البحث بملف السلاح الصواريخ الايرانية تنقل الصدمة والترويع «لاسرائيل»