اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يعود موضوع سلاح نزع سلاح حزب الله الى الواجهة، بين الواقع الحالي والتشويش على هذا الأمر من قبل البعض في الداخل، كما في الخارج. وهو موضع مناقشة وحوار، للوصول الى استراتيجية دفاعية وطنية تحمي لبنان من العدو "الإسرائيلي"، ولا تُقدّم له سلاح المقاومة على طبق من فضّة، من دون أن يقوم بتنفيذ القرارات الدولية التي تُطالبه بالإنسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة أولاً ووقف اعتداءاته المستمرّة على لبنان. وإذ رفض الحزب فكرة نزع السلاح، على ما جاء على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي قال: "لن نسمح لأي أحد بأن ينزع سلاح حزب الله، وسنواجه من يعتدي على المقاومة كما واجهنا "إسرائيل"، أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون المطالب من الخارج بتطبيق الإصلاحات واتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 مقابل إعادة الإعمار، أنّه "سيتمّ تنفيذ موضوع حصر السلاح الذي هو موضوع أساسي للحفاظ على السلم الأهلي، من دون إلزامه بمواعيد محدّدة أو ممارسة الضغوطات"، موضحاً أنّه ينتظر الظروف المناسبة لتحديد كيفية تنفيذ ذلك...

وحاولت نائبة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، خلال حفل استقبال في السفارة اللبنانية في واشنطن أخيراً، بمناسبة مشاركة وفد رسمي لبناني في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي، ذرّ الرماد في العيون من خلال إشارتها الى "نُدرة القادة اللبنانيين الذين يتحلّون بالشجاعة الحقيقية، الذين هم على استعداد لاتخاذ القرارات الصعبة لتغيير مسار بلادهم"، مشيرة الى أنّها رأت هذه الشجاعة في الرئيس عون. وذلك في محاولة من أورتاغوس لدفع عون الى القيام بخطوة جريئة وضرورية، تقضي بما تريده واشنطن و "إسرائيل" حالياً، وهي "نزع سلاح حزب الله" قبل أي شيء آخر.

وسط هذه المواقف من الحزب وسلاحه، تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ محاولة خلق شرخ بين الدولة اللبنانية بشخص الرئيس عون، وبين حزب الله، وبينه وبين قائد الجيش الجديد رودولف هيكل ووزير الدفاع اللواء ميشال منسّى، لن تُجدي نفعاً. فالتنسيق قائم بين الجيش وحزب الله في الجنوب، كما أنّ التواصل بين ممثلي الحزب والرئاسة يجري أيضاً ، من أجل التوصّل الى إيجاد حلّ لمسألة سلاح الحزب ومصيره ومستقبل مقاتليه. ولن يقوم أي مسؤول لبناني باتخاذ أي قرار يؤثّر في وحدة الجيش كرمى لعيون أورتاغوس أو "إسرائيل".

ويجري حالياً دراسة خطّة تتضمن نقاطا عديدة قابلة للنقاش في هذا الإطار. وتتضمّن هذه الخطّة، على ما كشفت المصادر، بنوداً عديدة تتعلّق بــ :

1- مقترحات حول المكان الذي سيوضع فيه سلاح الحزب، وفي أي مخازن أمينة سيجري توضيبه، ومن يملك حقّ امتلاك مفاتيح هذه المخازن (السلطة العسكرية العليا على الأرجح)، وكيف يمكن حمايتها مستقبلاً من أي ضربة "إسرائيلية".

2- الدور المستقبلي لمقاتلي حزب الله، وعددهم حالياً بين 30 و40 ألف مقاتل. وثمّة مقترحات عديدة في هذا السياق، إذ هناك من يقترح ضمّهم الى الجيش اللبناني في لواء خاص، أو دمجهم به، أو أن يكونوا فرقة أو مجموعة عسكرية موازية له، كما هو حال الحشد الشعبي العراقي. وهذا أمر لا يمكن تطبيقه في لبنان ، كون وضعه يختلف عن العراق. لهذا فدور المقاتلين يتطلّب المزيد من النقاش حول إذا كان استيعابهم في الجيش، يحافظ على التوازن الطائفي فيه أم يخلّ به، وما البديل لكلّ من هذه المقترحات؟

3- الدور السياسي المستقبلي للحزب، بعيداً عن السلاح. وهو أمر ستحدّده الانتخابات البلدية والاختيارية في أيّار المقبل، وما ستُفرزه نتائج الصناديق في جميع البلديات، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع، فضلاً عن الانتخابات النيابية التي ستجري في أيّار من العام 2026.

وفي ما يتعلّق بسلاح الحزب والمجموعات المسلّحة الأخرى، فهناك من يفترض، وفق المعلومات، أنّه بعد تسليم الحزب لسلاحه الى الدولة، وذهاب مقاتليه لممارسة حياتهم المدنية، قد يحتاج لبنان يوماً ما، متى دعت الحاجة، الى من يُناصر جيشه الذي سيتمّ تعزيزه بالمعدّات العسكرية اللازمة من قبل المجتمع الدولي. عندئذٍ، يجب على عناصر الحزب وبقية القوى العسكرية غير النظامية التي وضعت سلاحها بعهدة الجيش، أن يكونوا جاهزين للالتحاق به في غضون 72 ساعة. ومثل هذا الأمر لن يرفضه الحزب، لكن أن يُصار اليوم الى نزع سلاحه من دون شروط أو خطّة مستقبلية متفق عليها، فمن الصعب أن يوافق على ذلك.

وتقول المصادر إنّه على الدولة أيضاً معالجة السلاح الفلسطيني، داخل وخارج المخيمات، سيما أنّ الفصائل الفلسطينية تمتلك أسلحة ثقيلة. ويجب إيجاد حلّ لهذا السلاح، على أن يكون لبنانياً- عربياً، وليس فقط لبناني- فلسطيني، سيّما أنّ ثمّة تنظيمات فلسطينية، خصوصاً في مخيم عين الحلوة تابعة لأنظمة عربية. لهذا يجب معالجة مسألة السلاح الفلسطيني بالتوازي مع سلاح الحزب. والموضوع شائك جدّاً، وتتمّ مناقشته يومياً من خلال الاستماع الى آراء المعنيين به.

وإذ أكّد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا ، بأنّه أبلغ السلطات اللبنانية بأنّ أي نقاش في موضوع سلاح الحزب مؤجّل، الى حين انسحاب "إسرائيل" الكامل من جنوب لبنان ووقف اعتداءاتها المستمرّة عليه والالتزام بالقرارات الدولية، تلفت المصادر الى أنّ هذا ما تسعى اليه الدولة اللبنانية عبر الديبلوماسية، للضغط على "إسرائيل" لتنفيذ الإنسحاب ووقف اعتداءاتها وخرقها لاتفاق وقف النار. وأشارت المصادر الى أنّ ثمّة فارقا بين نزع سلاح المقاومة وبين صياغة الاستراتيجية الدفاعية، التي تهدف الى حماية لبنان أولاً، لا تسليم السلاح لكي يُصبح العدو قادراً على القيام بكلّ ما يريده ليس فقط على الحدود اللبنانية، إنّما على جميع الأراضي اللبنانية.

أمّا مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في مجلس الوزراء فتحتاج الى تأليف لجنة، وهذا الأمر لم يحصل حتى الآن. ويبدو أنّ الجميع ينتظر ما ستؤول اليه المفاوضات الأميركية- الإيرانية بشأن الاتفاق النووي. ويظهر أنّ النتائج ستكون إيجابية، ما يجعل لبنان وسلاح الحزب أحد الملفات التي سيتمّ التوافق عليها بين البلدين، سيما أنّ طهران قرّرت أن تعطي الحزب استقلاليته وتُعيد له لبنانيته. علماً بأنّ سلاح المقاومة، تمكّن منذ اتخاذ القرار 1701 في مجلس الأمن في 11 آب 2006 وحتى 7 تشرين الأول 2023، من ردع "إسرائيل" من القيام بأي عملية عسكرية كبيرة ضدّ لبنان، باستثناء بعض المواجهات الحدودية.

 

الأكثر قراءة

ما سر الحملة الاميركية على جنبلاط؟ محمود عباس في بيروت ودمشق لبحث السلاح الفلسطيني تحسينات على الأجور الاثنين والعام الدراسي «مبتور» ونفق المطار بلا إنارة